في الوقت الذي تَسْتَعِرُ فيه تداعيات حملة مقاطعة منتجات ثلاث شركات رئيسية في مجال الماء والحليب ومشتقاته والوقود، التي تدخل أسبوعها الرابع مخلفةً خسائر فادحة في أسهم الشركات المشمولة بنيران "خليه يريب"، تَتَضارَب الآراء حوْل إمكانية استمرار المغاربة في هذه المقاطعة، خاصة بالنسبة للمواد الغذائية الأساسية، خلال شهر رمضان الذي يزداد فيه تهافت المغاربة عليها. وبالرغم من أن دعوات المقاطعة التي يقوم بترويجها نشطاء داخل مواقع التواصل الاجتماعي مازالت مُستمرةً بالوتيرة نفسها التي بدأت بها، وتلقى في كل مرة تجاوباً كبيراً من قبل المغاربة، فإن التحدي الذي يقف أمام القائمين عليها هو إمكانية استمرارها في شهر رمضان، الذي يقبل فيه المغاربة أكثر على بعض المنتوجات المشمولة بالمقاطعة، خاصة الحليب والماء. وجوابا عن سؤال حوْل تداعيات حملة المقاطعة التي شملت ثلاث مواد استهلاكية في مجال التغذية والمحروقات على شهر رمضان، الذي يزداد فيه تهافت المغاربة على المواد الغذائية، قال الفاعل الجمعوي عبد العالي الرامي: "الحملة ستتواصل حتى بعد شهر رمضان، لأن الحكومة لم تستوعب مطالبها، وعوض أن تقوم بدراسة لتخفيض الأسعار استجابة لنبض الشارع العام، خرجت بتصريحات غير مسؤولة، وأصبحت تمثل الشركات في خرجاتها الإعلامية". ولم يستبعد الفاعل الجمعوي، الذي يتزعّم حملة "المقاطعة"، وقوع بعض الاختلالات بخصوص استمرار الحملة خلال شهر رمضان الذي يزداد الطلب فيه على مادة الحليب خصوصا، وقال: "أكيد سنكون أمام مشكل حقيقي لأن شركة الحليب التي يقاطعها المغاربة تستحوذ لوحدها على أكثر من 70% من السوق الوطنية"، قبل أن يستدرك: "لكن هذا لا يعني أن المواطنين سيتوجهون إلى هذه الشركة، بل إنهم عازمون على الاستمرار في المقاطعة، وسيتجهون إلى الاقبال على الشاي أو شراء حليب من شركات أجنبية تطعّم السوق المغربية بمنتجاتها خلال رمضان". وأضاف الرامي: "المغاربة سيبحثون عن الحليب من شركات أخرى ومن الضيعات الفلاحية، لأنه عندما تضررت شركات بعينها، انتعشت تجارة شركات أخرى"، مورداً أن "الحملة ساهمت في تكسير احتكار بعض الشركات بعينها، وهذا أمر مهم لأننا ندعو كمقاطعين إلى منافسة شريفة بين الشركات وألا يتحول السوق إلى ملجأ خاص برأسمال معين". وكانت الحكومة اتجهت إلى لغة الوعيد لثني المغاربة على الانخراط في حملة المقاطعة التي تسيء، بحسبها، إلى صورة البلد، ودفعت عددا من الوزراء إلى مهاجمة المقاطعين، واصفين إياهم بنعوت مسيئة. وفي هذا الإطار، قال الرامي: "عدد من الوزراء استهانوا بهذه الحملة واعتبروا أن الواقفين وراءها مجرد كائنات افتراضية لا وجود لها على أرض الواقع، لكن بعد مرور ثلاثة أسابيع اتضح أن المقاطعة تسببت في خسائر فادحة"، ملفتاً إلى أن "تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين ساهمت في إنجاح هذه المقاطعة". وأقرَّ الرامي من خلال تتبعه عن قرب لتداعيات الحملة، ومن خلال تواصله مع أصحاب المحلات التجارية، بأن "هناك مقاطعة حقيقية لهذه المنتوجات الثلاثة، وهذا يبدو جليّاً في رفض أرباب المقاهي والمراكز التجارية اقتناء قنينات مياه الشركة المعنية بالمقاطعة، كما أن المغاربة لم يعودوا يقتنون باقي المنتجات الأخرى التي تشملها الحملة". رئيس الرابطة الوطنية للتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية أقر بأن "المواطنين عازمون على الاستمرار في هذه الحملة التي تدخل أسبوعها الرابع،" موردا أن "هناك اقتراحات جديدة لمقاطعة بعض المواد الاستهلاكية الأخرى"، معتبرا أنه "إذا لم تقبل الحكومة بعقد حوار وبتقديم جواب شاف للمغاربة بخصوص أسباب ارتفاع أسعار بعض المواد، فإن ذلك سيساهم في إلحاق الضرر بعدد من الشركات". وعبّر الفاعل الحقوقي عن تخوفه من انهيار مؤسسات الوساطة الدستورية في ظل صمت البرلمان؛ الشيء الذي سيجعل المواطن المغربي في مواجهة مباشرة مع الحكومة، لأنه "عندما يفقد المواطن ثقته في من انتخبه، فإن الأمور ستكون معقدة أكثر"، على حد تعبيره.