في أول جلسة لمناقشته بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء، بعد حوالي سنة من تقديمه، أثار مشروع القانون الجنائي جدلاً واسعاً بين الفرق البرلمانية، وصلت إلى حد تهديد فريق حزب الأصالة والمعاصرة بالانسحاب من أشغال اللجنة في حالة فرض أمر الواقع على نواب الأمة. محمد أوجار، وزير العدل، دعا أعضاء اللجنة إلى عدم إهدار الوقت؛ "لأن الزمن التشريعي مهم في بلادنا، والمهم هو روح التوافق لأن معارضة اليوم قد تكون غداً في الحكومة"، وقال إن الوزارة مستعدة لتقديم عرض حول تفاصيل المشروع في صيغته النهائية. وقال المسؤول الحكومي، ضمن تصريح لهسبريس، إن أهم ما يميز القانون الجنائي هو حرصه على تجريم الاختفاء القسري والتدقيق في مزاعم التعذيب والعقوبات البديلة، ثم تجريم الإثراء غير المشروع للتأكيد على إرادة المغرب في محاربة كل أشكال الفساد المالي. ولفت الوزير إلى أن العقوبات البديلة ستسهم في تخليص المغرب من مسألة الاكتظاظ الذي يواجهه المغرب بخصوص الساكنة السجنية، خصوصا أن أرقام الاعتقال الاحتياطي باتت اليوم مرتفعة جدا، "لذلك على المشرع أن يتحمل مسؤوليته لتقديم إجابات قانونية لإيجاد عقوبات بديلة كسلوك عقابي حداثي لجأت إليه الكثير من الدول، وبرهن عن نتائج لإصلاحية في كثير من السياسيات الجنائية". وشدد وزير العدل على أن الفلسفة الناظمة وراء المشروع هو "توسيع الحقوق وتأمين الحريات وتأكيد قرينة البراءة وكل شروط المحاكمة العادلة"، مشيرا إلى أن "هذا النوع من النصوص لا يحتمل إقحامه في نقاش المعارضة والأغلبية، بل نحن في حاجة إلى مقاربة توافقية تنتصر للمواطن ولحقه في الخدمات القضائية". وحول عرقلة مشروع القانون الجنائي من قبل بعض الجهات، بسبب المضامين المتعلقة بالإثراء غير المشروع، وفقاً لتصريحات سابقة للمصطفى الرميد، وزير الدولة لحقوق الإنسان، أكد الوزير "التجمعي" أن الإرادة السياسية للدولة تكمن في اتخاذ كل المبادرات والتدابير التشريعية لمحاربة ومقاومة كل أشكال الفساد؛ من بينها نقطة الإثراء غير المشروع. وتابع أوجار أن هذه المقاربة يجب أن "تتحصن بما هو حقوقي لكي تضمن للمجتمع حقه في أن يحاسب بصرامة كل أشكال الفساد والإثراء غير المشروع"، موردا أن "هذا الموضوع يجب تخليصه من كل المزايدات السياسية لمقاربة تشريعية وقانونية تستحضر كل تجارب الدول الراسخة في الديمقراطية وإرادة المغاربة في محاربة الفساد". في الصدد ذاته، دفع التهديد الذي أشهره النائب "البامي" عبد اللطيف وهبي إلى تأجيل مناقشة مشروع القانون الجنائي، مطالبا بفتح مشاورات مع الجهات المعنية الأخرى قائلاً: "ليس لدينا موقف رافض لمضامين القانون؛ بما في ذلك الإثراء غير المشروع". وكان المصطفى الرميد، الذي أعد المشروع عندما كان وزيرا للعدل والحريات، قد هدّد مند أيام بالاستقالة من منصبه، مورداً في لقاء دراسي: "لن أتنازل عن الفصل المتعلق بتجريم الإثراء غير المشروع، وإذا كان من اللازم أن أربطه بتصرف سياسي كبير فسوف أفعل؛ لأنّ المغاربة يريدون محاربة الفساد".