رغم أن اتفاقية حقوق الطفل، التي ألزمت السلطات الإسبانية والمغربية بتوفير الحماية والرعاية له وفق المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، قد دخلت حيز التنفيذ سنة 2013، تبقى الجهود المبذولة من قبل حكومة البلدين غير كافية في مجال رعاية المهاجرين القاصرين المغاربة، خاصة بعد حادث وفاة الطفل "السوسي"، الذي دهسته شاحنة إسبانية بالقرب من ميناء سبتةالمحتلة. وفي هذا السياق، كشفت منظمة "ميغراوروبا migreurop"، المتخصصة في الهجرة ومراقبة الحدود، أن "العسكرة المتزايدة للموانئ في سبتة ومليلة المحتلتين، لمنع عبور القاصرين المغاربة، تجعلهم عرضة للخطر"، وقالت: "بعيدا عن تثبيط هؤلاء الأطفال، فإنهم يواجهون مخاطر أكبر في ركوب شاحنات "الموت" لبلوغ شبه الجزيرة الإسبانية"، مضيفة أنه "خلال سنة 2017 فقد أكثر من 520 شخصًا حياتهم في البحر المتوسط، 140 منهم حاولوا الوصول إلى إسبانيا". وشجبت المنظمة الأوربية استعمال العنف ضد المهاجرين القاصرين الذين فقدوا الأمل في العيش ببلدانهم وباتوا عرضة للموت على سواحل المتوسط، وقالت: "هذه الممارسات القديمة والمتكررة، والتي غالبا ما تمارس خارج أي إطار قانوني وفي انتهاك للاتفاقيات الدولية، يجب أن تتوقف على الفور"، مرجعة أسباب استعمال العنف في حق الأطفال المغاربة إلى سياسات مراقبة الحدود والترحيل التي تتبعها بعض الدول الأوربية. وتابعت المنظمة الحقوقية، التي تعنى بقضايا الهجرة ومراقبة الحدود، في عرضها لمعاناة الأطفال المغاربة: "يجدون أنفسهم يتجولون على الحدود المغربية-الإسبانية وفي شوارع سبتة ومليلية، حيث ترفض السلطات تحمل التزاماتها في هذا الشأن"، وقالت: "لا يمكن لإسبانيا والمغرب الاستمرار في انتهاك حقوق المهاجرين القاصرين باسم تأمين حدود أوروبا"، وأضافت: "هذه الدول مسؤولة، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، عن تعريض الأطفال لمخاطر حقيقية". عمر الناجي، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في الناظور، قال إن "عدد القاصرين غير المرافقين المتوافدين على مدينة الناظور قصد التسلل إلى ثغري سبتة ومليلية قد ازداد بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، خاصة في منطقة بني أنصار، التي باتت تمثل نقطة تجمع لعدد من الأطفال المهاجرين، يبلغ عددهم ما بين 450 و500 قاصر"، وزاد: "تعامل السلطات الإسبانية مع هؤلاء القاصرين سيء للغاية، إذ تقوم بترحيلهم بطريقة غير إنسانية ولم تعد توفر لهم مراكز المبيت". وبعدما توقف عند توافد القاصرين من كل أنحاء المملكة على مدينة الناظور المحاذية لمدينة مليلية المحتلة، عاد الحقوقي ليدقَّ ناقوس الخطر بخصوص أوضاع الأطفال المغاربة "في ظل استمرار تعنت الحكومة الإسبانية في رفضهم"، وقال: "عِوَضَ أن يتمَّ استقبالهم وتأطيرهم، عَمدَ الإسبان إلى بناء السياج الحديدي على طول ميناء مليلية، واتخذت السلطات إجراءات تعسفية لإرجاعهم إلى المغرب"، وأكمل: "مراكز المبيت أصبحت مقبرة للمهاجرين القاصرين بعد توالي حالات الوفاة داخلها، إذ تم تسجيل مؤخرا حالة وفاة طفل قاصر قدم من مدينة إملشيل، وكان مستقرًا في منطقة بني أنصار المحاذية لمدينة مليلية المحتلة، يتحيّن فرصة الوصول إلى إسبانيا". بدوره، انتقد محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، تعاطي الحكومة الإسبانية مع ملف المهاجرين القاصرين المغاربة، الذين يزداد عددهم خلال هذه المرحلة من السنة، التي تتزامن وعودة المغاربة المقيمين في الخارج إلى وطنهم، وقال: "إنهم يعيشون أوضاعا كارثية..السلطات المغربية رفعت يدها بشكل كامل عن هذا الملف وألقت به إلى الجارة الشمالية"، موردا: "تغيب مبادرات لحل هذا المشكل". وسجل الحقوقي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "هناك ضغطا كبيرا على مراكز المبيت، حيث بات بعض المهاجرين، أو معظمهم، يعيشون في العراء، ويتعرضون لاعتداءات جنسية"، وزاد: "في غياب المراقبة والمتابعة تستمر معاناة هذه الفئة التي فضلت الهجرة إلى الضفة الأخرى بسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية ونفسية".