وصل عبد الهادي اللعبي إلى مشارف السنة السادسة من إقامته بدولة الإمارات العربية المتحدة، بينما تعطشه لخوض تجربة مهنية ناجحة، تغني مداركه وتذكي عطاءاته، يبقى متقدا وكأنه اندلع بالأمس. يخوض هذا المغربي المستقر بإمارة دبي تحديا على مستويين، أولهما في "ميدان الضيافة" وتطوراته المتسارعة بكل المنطقة الخليجية، وثانيهما ذو سمة فنية موسيقية؛ إيقاعاته تنشد العالمية. تركيز اقتصادي عبد الهادي اللعبي من مواليد سنة 1984 بمدينة سلا، لكنه أمضى مشواره الدراسي بأكمله في مؤسسات تعليمية تقدم خدماتها في "العدوة الأخرى". اختار اللعبي توجيه مستقبله نحو الاستفادة من ميولاته الاقتصادية وهو ينتقل صوب مدينة الدارالبيضاء، مرتادا المدرسة العليا للتجارة؛ المشتهرة اختصارا ب ."HEM" حصل عبد الهادي على شهادتي الإجازة والماستر من المؤسسة ذاتها، ثم ولج سوق العمل من بوابة "بروكسي أند غامبل" بالعاصمة الاقتصادية المغربية، بصفته متخصصا في التسويق. ميل موسيقي مال هذا الشاب إلى التعابير الموسيقية منذ نعومة أظافره، ولم يكن مترددا في الإقبال على مبادرات أصدقائه في تطوير تعامله مع هذا الفن، بتوجه واضح نحو ضبط الإيقاعات في هذا المجال. "أسست فرقة براملز الموسيقية، التي قامت بعدد كبير من الحفلات، مثلما حضرت كمّا من المهرجانات الفنية، ولاقت الإشادة من قبل جمهور واسع، وانتشارا وسط الشباب على وجه الخصوص"، يقول اللعبي. تتواجد "Bramel'z" في الساحة منذ سنة 2009، ضامة تسعة فنانين موسيقيين من توجهات مختلفة في هذا الميدان، مركزة على استحضار الزخم المغربي في قالب قادر على التدويل، أساسه خلق الحركة بين الجمهور. إقبال على الهجرة يؤكد عبد الهادي أن التحرك خارج المملكة كان حاضرا دوما في ذهنه، وأنه كان يرغب، من وراء ذلك، بمعرفة أناس من ثقافات مختلفة، وقد نما هذا التوجه لديه بعدما رصد إقبال طلبة جاوروه على تجارب في دول عديدة. "كنت أرى، وما زلت، أني قادر على اكتساب بعد إضافي في تجربتي حين غمسها في إطار دولي، وقد قمت بمحاولات في هذا الإطار من أجل توسيع الآفاق في حياتي الشخصية والمهنية"، يردف اللعبي. استغل "ابن سلا" فرصة الاشتغال في وكالة تجارية بالكوت ديفوار ليستقر هناك، ومن هذا البلد الإفريقي توجه صوب آسيا؛ قابلا تجربة بديلة للعمل في مجال "الضيافة" بدولة الإمارات العربية المتحدة. استقرار بدبي يرى عبد الهادي اللعبي أن "الهجرة السهلة" لا وجود لها، خاصة ما يرتبط ببدايات التأقلم مع أي فضاء عيش جديد، سيما أن "الاغتراب" يعني مغادرة "فضاء الراحة" الذي ألفه الإنسان سنوات طويلة. احتاج المغربي المختص في المعاملات التسويقية مرحلة تأقلم مع البيئة الإماراتية عموما، وإيقاع دبي على وجه الخصوص، من أجل اكتشاف البلاد واعتياد التواجد بين وافدين من كل دول العالم إلى هذا الحيز الجغرافي. ويقر اللعبي بأن الهجرة بمعية زوجته سهلت عليه كثيرا صعوبات الاستقرار، كما أن ملاقاته عددا من خريجي "HEM" في الإمارات سرّعت اندماجه، دون إغفاله الانفتاح على كل التعابير الثقافية المعبر عنها من لدن الأجانب، وتحديدا الجالية المغربية. التزامات بشقين يعمل عبد الهادي مديرا للتسويق في فندق "شيراتون خور دبي"، المنتمي إلى مجموعة "ماريوت" العالمية، مخصصا نسبة كبيرة من برنامجه اليومي للقيام بأداء عال في هذا الميدان المهني. لدى "ابن سلا" عدد من المهام من موقعه الوظيفي، من بينها ترويج عروض المؤسسة الفندقية التي يعمل بها، والحسم في الخرجات الإشهارية، ثم التواصل مع الإعلام، وكل ما يتعلق بالسياسة التسويقية عموما. ويقوم اللعبي، إضافة إلى التزامه المهني، بمواكبة فرقة "براملز دي. إكس. بي"، التي يعتبرها فرعا من "براملز" المغربية، مواصلا من خلالها التعاطي الذي ألفه مع التعابير الموسيقية. "كل التراب الإماراتي، خاصة دبي العالمية، تتيح فرص النجاح للجميع، سواء على المستوى الشخصي أو مستويات العمل والهوايات، لذلك أستثمر هذا المناخ السليم في التطور على جميع الأصعدة"، يقول المنتمي إلى صفوف "مغاربة العالم". رؤى خاصة ينظر الخبير التسويقي المغربي إلى ما مر به طيلة خمس سنوات ونيف بالإمارات، قبل أن يؤكد أن مجال اشتغاله، المتصل ب"شيراتون خور دبي"، يجعله وسط محترفين دوليين في علوم التسويق. اللعبي يعمد، باستمرار وبكل ما أوتي من جد، إلى مواكبة مستجدات المجال العملي الذي اختاره باقتناع وكل محبة، كي يجعل تطوره متواصلا بغية المواظبة على إثبات قدراته وسط منافسة لا تتوقف بين "مؤسسات الضيافة" بكل البلاد الخليجية التي يستقر بها. أما عن الطموحات المستقبلية، فيربطها الوافد على دبي من الدارالبيضاء، عبر السوق الإيفوارية، بإمكانية تكريس رؤاه الخاصة في مشروع يحمل اسمه، في الإمارات وأيضا في المغرب، مختص بتقديم الخدمات التسويقية والفنية. رفض للهرب ينصح عبد الهادي الراغبين في الهجرة بالنأي عن المنطلقات ذات الصلة بفكرة الهروب من المجتمع المغربي، مؤكدا أن الحافز ينبغي أن يكون هو الرغبة في التطور إلى أعلى درجة ممكنة. ويضيف: "علينا أن نعترف بأن الوطن مليء بالإيجابيات، خاصة على مستوى التكوينات المتاحة التي نهلت منها شخصيا، ومن ذلك ننطلق نحو آفاق أرحب في أي فضاء ملائم على الأرض". يصل عبد الهادي اللعبي إلى الختم قائلا: "الخطوة الأولى على طريق المهاجر هي الأصعب في كل المسار، لهذا يجب التفكير مليا قبل حسم الاختيار، ثم الإقبال على التعلم بجد مع عدم البخل في العطاء، وفقا للأهداف التي يضعها كل فرد بناء على قدراته".