تتويجًا للتعاون المغربي السينغالي على مستوى القطاع الصحي، تتَّجه الحكومة إلى التعاقد مع أطباء من السينغال للعمل بالمراكز الاستشفائية الجامعية وبالمستشفيات العمومية الواقعة بالمناطق القروية لسد الخصاص، بعد امتناع عدد من خريجي كليات الطب عن العمل في المناطق النائية وهجرة بعضهم نحو أوروبا. وحسب مراسلة وجّهها أنس الدكالي، وزير الصحة، إلى علي قيوح، النائب البرلماني عن الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، جوابا عن سؤاله الكتابي حول التوزيع غير العادل للأطر الطبية بجهة سوس ماسة؛ فإن الحكومة تتجه إلى إبرام عقود مع أطباء عامين تابعين لدولة السينغال من أجل سد الخصاص الحاد الذي يعرفه إقليم طاطا، لكون المناصب التي يتمُّ فَتْحُهَا من لدن الوزارة بهذا الإقليم لا يتقدَّم إليها أحد. وحسب ما أظهره جواب وزير الصحة عن سؤال البرلماني الاستقلالي، فإن عدد الأطباء العامين بإقليم طاطا (حوالي 117 ألف نسمة) هو 8 أطباء فقط، يٌغطُّون حاجيات ساكنة المنطقة؛ وهو العدد الذي لم يتغيَّر منذ سنة 2007 عندما كانت ياسمينة بادو على رأس وزارة الصحة. وفي السياق، قال أنس الدكالي، وزير الصحة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "هذا الاتفاق يأتي بعدما وجدت الوزارة صعوبة في إدماج وتوظيف أطباء عامين منذ سنة 2014، حيث جرى فتح 32 منصبًا بإقليم طاطا ولم يتقدم إليها أحد". وأضاف المسؤول الحكومي الوصي على قطاع الصحة: "هذا الإشكال دفع الفاعلين المحليين ومنتخبي الإقليم إلى طرح حلول بديلة من خلال توقيع اتفاقية مع الهيئة الطبية السينغالية تسمح لأطباء قطاع الخاص بالبلد المذكور بالاشتغال مستقبلاً في مستشفيات طاطا بموجب عقود قصيرة المدى". وكشف أنس الدكالي أنه "سيتم انتقاء أكثر من 20 طبيبا وطبيبة من جنسية سينغالية، حيث سيشرف ممثلو إقليم طاطا على تدبير هذا المشروع من خلال توفير الاعتمادات المالية، إذ سيسهم المجلس الإقليمي لطاطا بحصة مليون درهم لتنزيل هذا المشروع، بينما ستُخصص المديرية العامة للجماعة الترابية 3 ملايين درهم، بالتنسيق مع وزارة الصحة التي ستعمل على تتبع هذه المبادرة الأولى من نوعها في المغرب، إذ سيتم توزيع 16 طبيبا سينغاليا في المراكز القروية و4 في المراكز الحضرية". وبعدما رحَّب الوزير بهذه الخطوة واعتبرها أنها تأتي للحد من الخصاص المهول التي تشهده المستشفيات في المناطق البعيدة، عاد الدكالي ليتحدث عن امتناع الأطباء من الاشتغال في المناطق النائية وقال: "ما بغا حد يمشي يخدم وما يمكن نبقاو مربعين يدينا". خطوة جلب "كوادر طبية" من السينغال لسد خصاص أطباء مغاربة في طاطا، وصفها محمد الراجي، كاتب مجلس جهة سوس ماسة، ب"غير المعقولة" وتسيء إلى المغرب، وقال: "لا يُعقل أن يُجيب وزير الصحة على انتظارات الساكنة بجلب أطباء من السينغال لا نعرف مستواهم المعرفي وتكوينهم الذي لم يكن على أرض الوطن، ولا ندري نوع الديبلوم والشهادات التي حصلوا عليها، وبالتالي سيشعر السينغاليون بأنهم غرباء ومضطرون للعمل في منطقة نائية وهذا ما سيجعل التفاهم ينعدم بينهم وبين المواطنين". وتابع الراجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، بالقول إن "الدولة تبحث عن حلول ترقيعية لمشكل حيوي يتعلق بصحة المواطنين.. وهذا أمر يسيء إلى الدولة وإلى المواطنين المغاربة، ويُظهر عجز الحكومة في حل مشاكل المواطنين"، قبل أن يستدرك قوله: "المعروف أن المغرب مُتقدِّم على السينغال في شتى مستويات، واليوم بات يَسْتعين بخدمات أطره الطبية، هذا شيء مؤسف". ويسجل كاتب مجلس جهة سوس ماسة أن "الأطباء، الذين يشتكون من هذه المناطق ويفرون منها، ليس لأنهم يرفضون الاشتغال بها وإنما بسبب غياب وسائل العمل الضرورية"، قبل أن يتساءل: "كيف يُعقل لطبيب العظام مثلا يشتغل في طاطا يضطر للاشتغال في إقليم آخر نظرا لعدم وجود وسائل العمل في طاطا؟". وكانت هيئة أطباء السينغال نشرت إعلاناً لاستقبال طلبات الترشح للعمل في المغرب، واشترط الإعلان التوفر على دبلوم دكتوراه الدولة في الطب إضافة إلى دبلوم متخصص في طب النساء والتوليد أو أي تخصص طبي آخر.