يوما تلو آخر، تشهد محاكمة معتقلي حراك الريف بالدار البيضاء فصلا من فصول المواجهة بين المتهمين والنيابة العامة، إذ تارة يتحدثون عن وجود مضايقات وتهديدات بالقتل، وتارة أخرى يشهرون "ماء ملوثا"، وهذه المرة عرضوا تبانا متسخا كدليل على ما يعيشونه بسجن عكاشة. وقد شهدت الجلسة، التي انعقدت مساء اليوم الجمعة، انتفاضة ناصر الزفزافي، قائد حراك الريف، على غرار ما قام به يوم الخميس، حيث عرض لباسا داخليا متسخا يعود إلى أحد المعتقلين، مطالبا بإخضاعه للتحليل. وأعرب أيقونة حراك الريف في هذه الجلسة، التي عرفت حضورا وازنا للأسر، إلى جانب الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، عن تحديه لممثل النيابة العامة، حكيم الوردي، بعرض اللباس الداخلي على مختبر لتأكيد صحة ادعاءاته حول ما يعيشه المعتقلون في هذا الملف داخل السجن المحلي عين السبع. وعاد الزفزافي إلى واقعة "الماء الملوث"، بعد رفع القاضي علي الطرشي الجلسة إثر توتر الأجواء بين أعضاء هيئة الدفاع عن المعتقلين والنيابة العامة، مؤكدا أنها مؤامرة تم تدبيرها بين النيابة والإدارة العامة للسجون. واتهم قائد حراك الريف المندوبية العامة للسجون بالفساد، متسائلا عن كيفية تصوير الفيديوهات التي نقلتها الإدارة حول واقعة الماء. إلى ذلك، رفض رئيس الجلسة علي الطرشي الطلبات التي تقدم بها دفاع "الزفزافي ورفاقه"، الذي أصر، في جلسة يوم الخميس، على لسان النقيب عبد الرحيم الجامعي، على ضرورة إجراء خبرة على الماء الذي عرضه الزفزافي واعتبره ملوثا وصدئا. واعتبر القاضي الطرشي أن الهيئة ليس من اختصاصها الحكم في الملتمسات المقدمة، معيدا وحدة للتخزين تحمل فيديو تفتيش الزفزافي خلال مغادرته السجن، وكذا شريط لإدارة السجن تراقب جودة المياه بزنزانة الزفزافي. وكان الوكيل العام للملك قد رد على هذا الأمر في جلسة يوم الخميس، وهو يضع قنينتي ماء أمامه، إذ قال إن "ماء السجن صاف، وماء غرفة ناصر صاف زلال، ونشربه أمامكم". وأضاف "لقد ربطنا الاتصال بمدير السجن، وبحثنا عن مصدر الماء الملوث، حيث كان الجواب واضحا فاضحا، والحق، في نازلة الحال، أنه لا وجود لأي إرادة لجهة في الدولة لاغتيال أحد، ولا يمكن لأي عقل تصديق ذلك". وأشار إلى أن التحريات والاتصال مع مدير السجن أظهرت أنه "يتوفر على تسجيلات تثبت أن ناصر خرج خاوي الوفاض من محبسه، ولا دليل على توفره على قنينة ماء، كان سواء صافيا أو ملوثا"، مضيفا أن "هناك شريط فيديو واضح في الساعة الثالثة زوالا لعملية خروج المعتقلين من السجن، ولا دليل على حيازة ناصر لأي قنينة، ويظهر أن محمد المجاوي يحوز قنينة ماء صافية لا علاقة لها بالقنينة التي جاء بها الزفزافي". وأكد أنه مستعد لعرض الماء أمام المحكمة. وأصدرت إدارة السجن المحلي بعين السبع بلاغا في الموضوع "تنفي فيه نفيا قاطعا أن يكون مصدر القنينة التي تحدث عنها المعتقل المذكور هو هذه المؤسسة السجنية"، في إشارة إلى قنينة الماء، التي لوّح بها الزفزافي خلال جلسة محاكمة معتقلي الريف بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء يوم الخميس.