قالت جمعيات تشتغل في مجال كفالة الأطفال بالمغرب إن على الحكومة أن تعمل على تحيين القانون المنظم لهذه العملية، مشيرةً إلى أن هذه الفئة المهملة لا تستفيد من حقوق كثيرة، إضافة إلى ضرورة حمايتهم من أي استغلال في إطار العمل المنزلي. وأوضحت نادية بنيس، رئيسة جمعية دار الأطفال "الوفاء" بمدينة فاس، والعضو بائتلاف "كفالة" بالمغرب، أن الإحصائيات تتحدث عن حوالي ألف حالة كفالة سنوية بالمغرب، مشيرة إلى أن هناك غياباً لمعلومات مستفيضة أو دراسات مفصلة حول فئة الأطفال المهملين بالمغرب. وقالت نادية بنيس، في حديث لهسبريس، إن قانون الكفالة الذي اعتُمد سنة 2001 يحتاج إلى تحيين ليوفر حماية حقيقية للطفل ويجعل مصلحته فوق كل اعتبار، مضيفة أن الكفالة حالياً مرهونة بالسلطة التقديرية للقاضي، إضافة إلى غياب مواكبة ومتابعة للعملية. وأشارت إلى أن هناك عائلات تلجأ إلى كفالة الأطفال من أجل تشغيلهم في المنازل، ودعت في هذا الصدد إلى توفير آليات لمراقبة كل حالة كفالة، وضمان المتابعة النفسية للطفل كي يندمج بشكل جيد داخل فضائه الأسري للعيش في إطار سليم ومستقر. وترى رئيسة جمعية دار الأطفال "الوفاء" أن القانون 15.01 المنظم للكفالة في المغرب أظهر بعد سنوات من الممارسة عدداً من الثغرات، مؤكدة أنه حان الوقت لمراجعته من قبل الحكومة لضمان الحق في العيش بالنسبة إلى الأطفال المهملين، وتيسير الإجراءات لتشجيع الأسر المغربية على الكفالة. ومن ضمن الإجراءات التي لا تشجع المغاربة على الكفالة، حسب بنيس، التنصيص على إرجاع الطفل إلى أمه البيولوجية في حال ما ظهرت. وأوضحت قائلةً: "من حق الطفل أن يعرف أمه البيولوجية، لكن يجب أن يكون هناك تراضٍ بين الطرفين وضمان ألا يواجه الطفل ارتباكاً في حياته". ودعت رئيسة الجمعية أيضاً إلى ضمان حق النسب للطفل المكفول من قبل الأسرة من أجل ضمان اندماجه بشكل جيد في محيطه الجديد، وألا يتم وسمه دائماً بالمكفول في محيطه المدرسي والمعيشي. واعتبرت أن هذه الإجراءات من شأنها أن تُشجع العائلات على الكفالة حتى لا يبقى الأطفال المهملون في مؤسسات الرعاية الاجتماعية. وحسب مسؤولة دار الأطفال "الوفاء" بفاس، فإن العاصمة العلمية تتوفر على ثلاث مؤسسات للرعاية الاجتماعية تتكفل بحوالي 300 طفل مهمل. وقالت إن الأسر التي تُقبل على التكفل بالأطفال هي في الغالب تلك التي تُعاني من مشكل العقم لدى أحد الزوجين. وأشارت بنيس إلى أن 50 في المائة من حالات الكفالة على مستوى فاس هي كفالات دولية، أي تأتي من أسر أجنبية، مضيفة أن القانون لا يمنع ذلك شريطة أن يكون الزوجان مسلمين. كما أشارت إلى فئة أخرى من الأسر، التي ترغب في كفالة الأطفال رغبة في رفع التمييز والنظرة الدونية للمجتمع تُجاه هذه الفئة. وتتولى جمعية "الوفاء" التكفل الكامل بالأطفال دون رعاية أسرية ممن تفوق أعمارهم 3 سنوات بجهة فاس، حيث تتضمن خدماتها الإيواء والتغذية واللباس والتتبع الطبي والنفسي والتعليم، إضافة إلى حرصها على تنظيم أنشطة اجتماعية لهم من رحلات وأسفار. ويقصد بالكفالة، وفق القانون المغربي، الالتزام برعاية طفل مهمل وتربيته وحمايته والنفقة عليه، كما يفعل الأب مع ولده. ولا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا في الإرث. وقد أقرت الحكومة المغربية هذه السنة إعفاءات ضريبية لفائدة الكافلين الراغبين في التفويتات لصالح المكفولين. وبموجب القانون 15.01، يعتبر مهملاً كل طفل من كلا الجنسين لم يبلغ 18 سنة إذا وُلد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها، أو إذا كان يتيماً، أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش. كما يدخل أيضاً ضمن هذه الخانة كل طفل كان والداه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية، أو كان أحد والديه، الذي يتولى رعايته بعد فقد الآخر أو عجزه عن رعايته، منحرفاً. ويشترط القانون المنظم للكفالة أن يكون الزوجان الراغبان في الكفالة مسلمين وبالغين سن الرشد القانونية، وصالحين للكفالة أخلاقياً واجتماعياً، ولديهما وسائل مادية كافية لتوفير احتياجات الطفل. ولا يمنع القانون كفالة الطفل المغربي من طرف الأجانب شريطة أن يكونوا مسلمين.