المهمل من كلا الجنسين هو الطفل الذي لم يبلغ سنه ثمان عشرة سنة شمسية كاملة إذا وجد في إحدى الحالات التالية: إذا ولد من أبوين مجهولين، أو ولد من أب مجهول وأم معلومة تخلت عنه بمحض إرادتها، إذا كان يتيما أو عجز أبواه عن رعايته وليست له وسائل مشروعة للعيش؛ إذا كان أبواه منحرفين ولا يقومان بواجبهما في رعايته وتوجيهه من أجل اكتساب سلوك حسن، كما في حالة سقوط الولاية الشرعية أو كان أحد أبويه الذي يتولى رعايته، بعد فقد الآخر أو عجزه عن رعايته، منحرفا ولا يقوم بواجبه المذكور إزاءه. وبمفهوم التشريع المغربي، كفالة طفل تعني الالتزام برعاية طفل مهمل، وتربيته، وحمايته، والنفقة عليه كما يفعل الأب مع ولده، ولا يترتب عن الكفالة حق في النسب ولا في الإرث. وتسند كفالة الأطفال الذين صدر حكم بإهمالهم إلى الزوجين المسلمين اللذين استوفيا شروطا معينة، تتمثل أساسا في أن يكونا بالغين سن الرشد القانوني، وصالحين للكفالة أخلاقيا واجتماعيا ولهما وسائل مادية كافية لتوفير احتياجات الطفل، ألا يكون قد سبق الحكم عليهما معا أو على أحدهما من أجل جريمة ماسة بالأخلاق أو جريمة مرتكبة ضد الأطفال، وأن يكونا سليمين من كل مرض معد أو مانع من تحمل مسؤوليتهما. وبالإضافة إلى هذه الشروط، يجب ألا يكون بينهما وبين الطفل الذي يرغبان في كفالته أو بينهما وبين والديه نزاع قضائي، أو خلاف عائلي يخشى منه على مصلحة المكفول، ويمكن للمرأة المسلمة التي توفرت فيها الشروط الأربعة المشار إليها أعلاه التكفل أيضا بطفل مهمل. من جهة أخرى، خول القانون المغربي للمؤسسات العمومية المكلفة برعاية الأطفال، والهيئات والمنظمات والجمعيات ذات الطابع الاجتماعي المعترف لها بصفة المنفعة العامة المتوفرة على الوسائل المادية والموارد والقدرات البشرية المؤهلة لرعاية الأطفال وحسن تربيتهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية. وفي قضية اليوم، سنتطرق إلى أمر بإسناد كفالة على قاصر مهمل متخلى عنه إلى زوجين أجنبيين (إسبانيان)، إذ قضت المحكمة الابتدائية بمراكش بقبول كفالتهما(ملف رقم 2003/43 ،المؤرخ في 28 أبريل 2006)، فما هي حيثيات هذه القضية، وما هو تعليل المحكمة. طلب كفالة تقدم ناتويل روبيو غونيت، وزوجته ماريا فلوتوريخوس دي أورو الساكنين بشارع كنال دي بنما بمدريد إسبانيا بطلب إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين بالمحكمة الابتدائية بمراكش يرمي إلى تعيينهما كفيلين على الطفل القاصر المهمل المتخلى عنه المسمى ر. أ، المزداد بتاريخ 2005/4/1 والمسجل بدار الحضانة العصبة المغربية لحماية الطفولة بمراكش. وبناء على الحكم الصادر عن المحكمة في الملف رقم 2005/5/,12548 قضت المحكمة في الحكم عدد 2485 بتاريخ 2006/03/22 بأن الطفل المشار إليه أعلاه يعتبر طفلا مهملا. قامت السلطات المختصة بناء على تعليمات النيابة العامة رقم 2005/8/113 ببحث على الإسبانين طالبي الكفالة، وهو ما أسفر على كون طالبي الكفالة يتمتعان بمؤهلات مادية واجتماعية تمكنهما من التكفل بالقاصر المذكور وفق ما هو منصوص عليه في المادة 16 من ظهير 13 يونيو 2002 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين. وبناء على الحكم النهائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بمراكش، والقاضي بكون الطفل ر.أ الذي يعتبر طفلا مهملا، وعلى البحث الذي تقدمت به الجهات المعنية، لم تر المحكمة مانعا من الموافقة على الطلب مادام الأمر يتعلق بمصلحة الطفل المذكور. وتطبيقا لمقتضيات المادة 15 ,16 ,17 ,14,9 من الظهير الشريف رقم 102172 الصادر بتاريخ 13 يونيو 2002 بتنفيذ القانون رقم 01,15 المتعلق بكفالة الأطفال المهملين، عين القاضي المكلف بشؤون القاصرين بالمحكمة الابتدائية بمراكش خوسي مانويل روبيوغونيت، وزوجته ماريا فلوتوريخوس دي أورو كفيلين على القاصر المسمى ر.أ، وذلك من أجل السهر على تربيته وتنشئته تنشئة إسلامية صالحة، ونعينهما مقدمين على هذا القاصر. وأمر بتنفيذ هذا الأمر داخل خمسة عشر يوما من تاريخ صدوره بواسطة كتابة الضبط لهذه المحكمة وفقا لأحكام المادة 18 من نفس الظهير. تنفيذ الكفالة يعهد إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين الواقع بدائرة نفوذه مقر إقامة الكفيل، حسب مدونة الأسرة بمهمة تتبع ومراقبة شؤون الطفل المكفول ومدى وفاء الكافل بالتزاماته، وله أن يعهد من أجل ذلك بإجراء الأبحاث التي يراها مناسبة إلى: النيابة العامة أو السلطة المحلية أو المساعدة الاجتماعية المؤهلة لذلك قانونا أو الجهات المختصة الأخرى. أو اللجنة المشار إليها أعلاه. توجه الجهات المذكورة أو اللجنة تقارير إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين حول البحث الذي تم إجراؤه. ويمكن للقاضي المكلف بشؤون القاصرين، بناء على التقارير المقدمة إليه، أن يأمر بإلغاء الكفالة، وأن يتخذ ما يراه ملائما لمصلحة المكفول. ويمكن للجهات أو اللجنة التي تضع التقارير المشار إليها أعلاه أن تقترح على القاضي التدابير التي تراها ملائمة ومنها الأمر بإلغاء الكفالة. ويمكن أن ينص أمر القاضي على التنفيذ المعجل رغم كل طعن. ويكون الأمر قابلا للاستئناف وتبت المحكمة في الاستئناف في غرفة المشورة. وتقوم بتنفيذ الأمر المحكمة الابتدائية التي يوجد بدائرة نفوذها مقر إقامة الكافل. ويتعين على القاضي المكلف بشؤون القاصرين، إذا امتنع كافل الطفل المهمل عن تنفيذ الأمر ، إحالة الملف على النيابة العامة لتسهر على تنفيذه بواسطة القوة العمومية، أو بما تراه ملائما من الوسائل ، مع اتخاذ الإجراءات المناسبة لمصلحة الطفل المكفول. ** تعليق على حكم المحكمة الابتدائية بمراكش ملف رقم 2006/43 حكم 28 أبريل 2006 يحق للنيابة العامة التأكد من إسلام الكفيلين، ومن قدرتهما على رعاية المكفول ذ. عبد المالك زعزاع (محامي بهيئة الدارالبيضاء) الاختصاص : قاضي شؤون القاصرين بالمحكمة التي يوجد بها طالب الكفالة أو محل وجود الطفل المهمل هو المختص مكانيا وموضوعيا بالبت في الطلب كما هو في نازلة الحال. الموضوع: طلب تقدم به أجنبي وزوجته من إسبانيا، حيث تدل أسماؤهما وعنوان سكناهما أنهما إسبانيي الجنسية. الإشكالية القانونية: هل يجوز لزوجين أجنبيين غير مسلمين التكفل بطفل مغربي مسلم؟ لقد لاحظنا أن محكمة الدرجة الأولى في شخص قاضي شؤون القاصرين لم تكلف نفسها عناء البحث والتأكد من دين الكافلين، وقفزت على عدة مقتضيات قانونية واردة في ظهير الأطفال المهملين في تعليل هذا الحكم، إذ جاء التعليل ناقصا يوازي انعدامه، كيف ذلك؟ إن المحكمة رغم كونها أمرت الكفيلين بالتقيد بمقتضيات المادة 9 من ظهير الأطفال المهملين، فإنها وقعت في تناقض كبير، إذ لا يوجد من ضمن تعليلها كون الكفيلين يتوفران على شرط الإسلام الوارد في المادة التاسعة، إذ يحدد ظهير الأطفال المهملين الجهات المخولة لها الاستفادة من مسطرة الكفالة في الزوجين المسلمين، والمرأة المسلمة، والجهات والمراكز الاجتماعية الحاصلة على صفة المنفعة العمومية، والتي تتوفر على التأهيل والموارد البشرية، والبنية التحتية الضرورية للرعاية لهذا النوع من أطفال المجتمع المتخلى عنهم. ورغم كون المحكمة أمرت الكفيلين بالسهر على تربية المكفول وتنشئته تنشة إسلامية إلا أنها لم تذكر أن الأجنبيين تقدما بما يفيد إسلامهما، وأمام تأكد لجنة البحث من ذلك وهل أجرت الشرطة عن طريق النيابة العامة بحثا تأكدت فيه من ذلك. ولاشك أن دور النيابة العامة جد مهم في قضايا الأطفال المهملين إلا أنه يتبين أن هناك تقصيرا من قبل النيابة العامة أيضا، إذ يحق لها أن تتأكد من إسلام الكفيلين، ومن قدرتهما على رعاية المكفول غير أنها في نازلة الحال تأكدت من الجانب المادي، ولم تتأكد من مسألة الدين. إذ أعطاها المشرع في القضايا التي تكون فيها طرفا أصليا مثل نازلة الحال أن تتقدم بملتمساتها، ويحق لها الاستئناف ولكن لا يبدو أن هناك أثرا لذلك، ربما لكون الحكم الصادر يكون مشمولا بالنفاذ المعجل وللظروف الإنسانية والاجتماعية لهذه النوازل، ولكن رغم ذلك يجب على المحكمة أن تتقيد بالقانون حيث عليها التثبت من توفر مسألة وشرط إسلام الأسرة الأجنبية أو المرأة التي تريد سلوك مسطرة الكفالة هل دينها الإسلام أن لا؟ وذلك لمحاصرة ظاهرة التبشير التي تسلك مثل هذه المساطر في العالم العربي والإسلامي، من أجل زعزعة عقيدة الأطفال المسلمين، ومن أجل استغلالهم جنسيا أو لأغراض دنيئة مثل الدعارة وتحت غطاء السياحة الجنسية الملعونة التي حلت ببلادنا بمجموعة من المدن بمرأى ومسمع من الدولة. وحتى لو تحايلت بعض الأسر الأجنبية على القانون، وأدلت بما يفيد إسلامها أو أسلمت فعلا، فإن تسليم هؤلاء الأطفال يجب أن يكون وفق مقتضيات وإجراءات مسطرية داخل المغرب وخارجه، ومتابعة هؤلاء الأطفال المغاربة عبر السفارات والقنصليات المغربية ووزارة الخارجية من أجل صون عرضهم ودينهم وأخلاقهم، وحتى لا يكونوا عرضة لتجارة البشر التي تمارسها شبكات دولية.