ملكة الأندلس تتربع على عرش الجماهيرية دون منازع    وزير الداخلية الفرنسي يهدد بالاستقالة إذا تراجعت باريس في الملف الجزائري    فيضانات وانهيارات أرضية تجتاح شمال إيطاليا (فيديو)    اتحاد طنجة يفرض التعادل على الوداد    نهضة بركان يدخل تاريخ الكرة المغربية بأول لقب للبطولة الوطنية    نهضة بركان يتوج بالدوري الاحترافي    الشعباني: "لقب نهضة بركان مستحق"    أمواج عاتية بعلو يتجاوز 6 أمتار ستضرب السواحل المغربية ابتداء من الإثنين    السلطات المغربية تمنع محامين إسبان من دخول التراب الوطني    تتويج "عصابات" بجائزة "فرانكوفيلم"    مشاريع إيلون ماسك في الصحراء تثير قلق جزر الكناري    نهضة بركان يتوج بلقب البطولة بعد تعادل مثير مع اتحاد تواركة    الوداد يعود بتعادل ثمين من طنجة ويثبت أقدامه في المركز الثالث بالبطولة    منظمة تستنكر تصريحات وهبي بشأن تقييد المجتمع المدني في التبليغ عن جرائم الفساد من مشروع قانون المسطرة الجنائية    الدرك الملكي بالقصر الكبير يطيح بأخطر مروج مخدرات في دوار الكشاشرة    أمواج عاتية بعلو يتراوح بين 4 و6,5 متر ستهم المضيق والسواحل الأطلسية بين رأس سبارتيل وطرفاية ابتداء من الاثنين    عودة الأمطار تنعش آمال فلاحي الغرب بعد فترة جفاف قاسية    الولايات المتحدة تشن ضربات على الحوثيين    تأثير مرض السكري على العين و عوارض اعتلال الشبكية من جراء الداء    القدس.. تأسيس معهد إمارة المؤمنين للسلام    ارتباك في حركة القطارات بالدار البيضاء بسبب أشغال التأهيل    المستشفى الجامعي بوجدة: إيقاف العملية الجراحية يراعي مصلحة المريضة    الثلوج تغطي مرتفعات غرب إقليم الحسيمة (صور)    الحسيمة .. انطلاق النسخة الثانية من الأمسيات الرمضانية في فن المديح والسماع    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    وزير الداخلية الفرنسي يلوّح بالاستقالة إذا ليّنت باريس موقفها في ملف الجزائر    السكتيوي يستدعي 32 لاعبا استعدادا "للشان"    التعاون العسكري المغربي الدولي و أهمية المناورات المشتركة وأبعادها    انطلاق لقاءات ميدانية ل"جيل 2030"    المصارع العالمي "جون سينا" يصور فيلمه الجديد في البيضاء    قصف يقتل 9 أشخاص شمال غزة    المجلس ‬الأعلى ‬للتربية ‬والتكوين ‬يصدر ‬وثيقة ‬‮»‬المدرسة ‬الجديدة‮:‬ ‬تعاقد ‬مجتمعي ‬من ‬أجل ‬التربية ‬والتكوين‮»‬    الصين وروسيا تؤكدان دعمهما الكامل لإيران في مواجهة الضغوط الأمريكية    "العدالة والتنمية": عمليات هدم وترحيل ساكنة أحياء الرباط غير قانونية وشابتها خروقات كثيرة    المغرب يوسع استثماراته في الطاقات المتجددة والهيدروجين الأخضر    الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع أمام الأورو.. واستقرار في الأصول الاحتياطية الرسمية    العراق يحتل المركز الأول عالميا في عدد أشجار النخيل    القصر الكبير : انهيار منزل يُصيب سيدة وابنها ويُثير مخاوف السكان    رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للاتحاد الإفريقي: رئاسة المغرب تميزت بإنجازات "غير مسبوقة"    مْسِيحْ المْوس: حين يصبح الضحك على الذقون سياسة رسمية !    مؤسسة لالة زهرة اليملاحي للتنمية العادلة وإحياء الثرات بالعرائش تنظم رمضانيات ليكسوس لإحياء الثرات    أبرز المعارك الإسلامية.. غزوة "بني قينقاع" حين انتصر النبي لشرف سيدة مسلمة    البولندي مارشينياك حكم ديربي مدريد يكسر صمته بشأن لقطة ألفاريز    الولايات المتحدة تطرد سفير جنوب إفريقيا لأنه "يكره" ترامب    "عبق التراث" يميز وثائقيات "الأولى"    هيئات التوظيف الجماعي للقيم المنقولة: صافي الأصول يتجاوز 723 مليار درهم    الاتحاد الأوروبي يفرض رسوما على صادرات المغرب من إطارات السيارات    "كلية وجدة" تحتفي بذاكرة أساتذة    الغذاء المتوازن و صحة القلب في رمضان !!    عرقلة الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بسبب ارتفاع الأسعار وترويج المواد الغذائية الفاسدة    بالصدى .. الثقة والزئبق    فرنسا تعلن استيراد الحصبة من المغرب    أهمية الفحوصات الطبية خلال شهر رمضان    ظاهرة فلكية نادرة مرتقبة فجر يوم غدٍ الجمعة    جديد دراسات تاريخ الأقاصي المغربية: التراث النوازلي بالقصر الكبير    فضل الصدقة وقيام الليل في رمضان    أداء الشعائر الدينيّة فرض.. لكن بأية نيّة؟    دراسة: الوجبات السريعة تؤدي إلى تسريع الشيخوخة البيولوجية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف التغيير؟
نشر في هسبريس يوم 24 - 09 - 2011


(2)
إن الإجابة عن كيفية التغيير تنطلق من سؤال "لماذا التغيير" الذي تناولناه في المقال السابق، لأن نظاما سياسيا يرفض الامتثال لإرادة الشعب ويستعصي على الإصلاح يجب إرغامه على التغيير بقوة الموقف والنضال وتحقيق إجماع شعبي ووطني ودعم دولي من أجل ذلك. وينطلق مسار التغيير من رغبة الشعب في العيش في ظل حكم ديمقراطي والقطع مع الاستبداد وجدانيا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا. يتم الإصلاح برضا وتوافق كل الأطراف السياسية، بما فيه النظام، على بناء نظام يحفظ للكل موقعه ومصالحه، أما التغيير، فيتم بقوة الشعب وقواه المناضلة بحد الإكراه والإجبار، ويبقى للشعب وحده تحديد طبيعة النظام السياسي الذي يريد وليس لأي جهة أخرى أي دور في ذلك.
**********
مادام النظام لا يصغي لصوت العقل والمصلحة الوطنية، بل لا يعير اهتماما يذكر لمطالب الشعب المشروعة المدعومة من قوى التغيير الوطنية، وعلى رأسها حركة شباب 20 فبراير، ويصر على المضي في نهجه التحكمي، فإن أول خطوة في مسار التغيير هي أن تعلن حركة شباب 20 فبراير ومكوناتها السياسية القطيعة مع سياسة الأمر الواقع التي يمارسها هذا النظام.
ويشكل قرار قوى وأحزاب سياسية بمقاطعة الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها النظام السياسي في 25 نونبر المقبل وجهزها وهندسها، كما هي عادته، واحدا من الأجوبة على سؤال كيفية التغيير، وإشارة على بداية عافية ثورة حركة شباب 20 فبراير. إنها وحدة المصير والمسار قد تجلت في موقف المقاطعة، الذي يعتبر قطيعة مع مؤسسات النظام وسياساته الرافضة للامتثال لإرادة الشعب المغربي والعابثة باستقرار الوضع السياسي والأمني ببلادنا.
لا يمكن تصور التغيير من داخل النظام ومؤسساته ووفق قواعد لعبة وضعها جهابذته بمشاركة أحزاب فقدت شرعية مناضليها قبل الجماهير الواسعة وسقطت في الاختبار التشريعي عام 2007، كما انكشف خوارها حينما حاولت تصفية ثورة شباب 20 فبراير خدمة لمصالح النظام وحرصا على امتيازاتها.
بدأ التغيير يوم 20 فبراير عندما تحرر الإنسان المغربي من الخوف وكسر الأغلال وأعاد للشارع روحه وثقافته كساحة للنضال ومنطلق للدعوة إلى التغيير، تحرر حينما اكتشف تواطؤ النظام والأحزاب ضد الوطن ورفع شعارات تطال كل رموز الفساد من رأسه إلى أخمص قدميه.
بدأ التغيير حينما نجح شباب الحركة في اختبار الاستفتاء المزعوم حول دستور جديد وقاطعوه لأنه لا يعبر عن إرادة الشعب ولم تُصِغه هيئة تأسيسية منتخبة من قبله، فخسر النظام معركة الدستور كما خسر من قبل مبادرة الإصلاح التي فرضتها ثورة شباب 20 فبراير على النظام.
بدأ التغيير حينما بدأ فلاحونا وأهالي قرانا المستضعفين يسجلون مأساتهم على الشبكة الاجتماعية صورة وصوتا، فلم يعد الفلاح حاميا للعرش، بتعبير ريمي لوفو، لأنه اكتشف أن المسؤول عن فقره وقهره وإهانته هو الجالس على نفس العرش وزمرته.
بدأ التغيير حينما نهضت وانتفضت العديد من القطاعات المهنية، ليس بدعوة من النقابات والأحزاب التي أعيتها انتظارات ومناورات النظام، ولكن بشرارة ثورة شباب حركة 20 فبراير المجيدة، لتشكل ملحمة اجتماعية ونقلة نوعية في الشعور الوطني المغربي ورفضه للظلم والاستغلال والإهانة، نقلة أحيت وعيا من موات أدرك أن مصدر معاناته وعنوان نهايتها في المشور السعيد.
ستكتمل ثورة حركة الشباب دورتها حينما تدخل كل بيت مغربي مقهور ينشد مغرب الكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية الراشدة ويخرج أهل هذه البيوت ثم لا يعودون إليها حتى يسقط الاستبداد. وحينما يصبح الشعار لا عمل ولا مدارس حتى يسقط الفساد والاستبداد، ستكون الحركة قد استقامت على الطريقة الصحيحة، لأن المفاصلة هي الخط الفارق بين سياسات النظام وبين ثورة 20 فبراير السلمية.
ومن الأجوبة على سؤال كيفية التغيير أن تعتبر حركة 20 فبراير والقوى الداعمة لها المَلك مسؤولا سياسيا عن كل أشكال الفساد، وأن إصراره على الإبقاء على رموز الفساد وعدم تقديمها للقضاء هي مشاركة في الفساد وتستر يعاقب عليه القانون.
لا يمكن أن يتعايش التغيير والاستبداد تحت سقف وطن واحد ولا يمكن للتغيير أن يتحالف مع الفساد، ولذلك على حركة الشباب وقوى التغيير أن تقدم بدائل ومشاريع دستورية وسياسية وتبلور تصورا تقارع به النظام وتحاججه بدل أن تبقى حبيسة لعبته وتكتيكاته. عليها أن تنصرف صوب الشعب بكل طبقاته لتقنعه بضرورة إجبار النظام على التنازل عن السلطة لفائدة الشعب، وبأن مصلحة الوطن والدولة تقتضي عدم إضاعة هذه الفرصة التاريخية وجر البلاد نحو منزلقات أمنية خطيرة ستشهدها تطورات المنطقة المغاربية، خاصة من جهة الجزائر، بعد سقوط الطاغيتين التونسي والليبي.
ويشكل قرار مقاطعة الفولكلور الانتخابي، بعد الكارنفال الدستوري، علامة إيجابية وعنصر توحيد مواقف مكونات حركة 20 فبراير حول أرضية مشتركة وهدف واحد، إنهاء الاستبداد. إن هذا القرار السياسي هو جواب للمتشككين والأفاكين الذين يراهنون على تراخي الحركة وفتورها وتصدعها وابتعاد الشعب عنها، مما يقتضي من مكوناتها تقديم المزيد من التنازلات المتبادلة وتقريب وجهات النظر وتغليب عناصر الوحدة على مظاهر الفرقة وتوخي الحذر من سياسات ومناورات النظام عبر أجهزته وحلفائه الحزبيين.
كيفة التغيير تبدأ أيضا من إخراج النظام من مستقبل المشهد السياسي المغربي، لأنه ليس عاملا إيجابيا ولا شريكا صادقا في البناء الديمقراطي وإنما هو عائق أمام هذا البناء. إن نظاما اختار أن يكون مشكلة بالنسبة لشعب يرغب في إقامة نظام ديمقراطي مسؤول لا يمكن أن يكون جزءا من الحل، وسيبقى هذا النظام يناكف باستماتة من أجل أن يبقى المغرب، كما يدعي، استثناء للثورات العربية التواقة للحرية والديمقراطية والعدالة، أي ملكية تنفيذية مطلقة تستفرد بالسلطة والمال لتشتري بها ذمم أجراء من قيادات حزبية ونخب مثقفة وسياسية وحقوقية في ظل دستور ممنوح وانتخابات شكلية ومؤسسات صورية وديمقراطية مجازية وفصل بين السلط على المقاس.
ويبدأ التغيير كذلك برسم الحدود بين رجال التغيير ورجال المخزن، بين من يعملون من أجل مغرب جديد قوي بمؤسساته ونابض بمجتمعه وشبابه، وبين من يساعدون النظام على استدامة استبداده بآليات تعيد انتشاره في حلة دستورية جديدة ومواقع مؤسساتية موازية خارج سلطة الشعب وممثليه، كما يبدأ التغيير بالإحساس يقينا بأن المستقبل للشعب.
إن أي شعار يرفع مهما كان سقفه، والذي قد يزعج البعض من داخل الحركة وخارجها، لن تكون له قيمة واقعية تذكر ولن يرجح كفة ميزان القوى بيننا وبين النظام لفائدة حركة التغيير، إذا لم تقرر الحركة بكل مكوناتها نهائيا أن تقاطع جميع مناورات النظام ومبادراته السياسية ومؤسساته اللاشرعية.
على الحركة ومكوناتها السياسية أن تبدأ في بناء مشروع التغيير من خلال وضع أرضية سياسية وورقة عمل تتضمن تصورها لطبيعة النظام السياسي الذي تطالب به وتريده للشعب، وتطرح مشروع دستور جديد تصيغه هيئة تأسيسية يتمثل فيها كل القوى المناضلة الداعية للتغيير، ورقة عمل تحمل بدائل سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية عن الواقع السياسي الفاسد والنظام المستبد، تخاطب بها الشعب المغربي بكل فئاته وشرائحه وتدعوه لتحمل مسؤوليته التاريخية، وتعرضها على الرأي العام الدولي والدول والمنظمات الدولية المحبة للديمقراطية والتغيير السلمي وتدعوها لدعم قضيتنا ومطالبنا المشروعة في اختيار قادتنا السياسيين والعيش بكرامة وفي ظل مواطنة حقة ونظام سياسي ديمقراطي مسؤول. هذا ما سنتناوله في السلسلة الثالثة من مقالات حول التغيير بعنوان "ماذا بعد التغيير؟".
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.