قال السوسيولوجي المغربي زكرياء الإبراهيمي، في مناقشة يوم الثلاثاء بالمعهد الجامعي للبحث العلمي بمدينة العرفان بالرباط، إن "انتقال المجتمع المغربي وبائيا انتقال ناقص، كالانتقال السياسي والثقافي الناقص الذي يتم الحديث عنه". وأضاف الأستاذ بجامعة القاضي عياض، في نقاش حول كتابه "الصحة والمجتمع.. دراسة سوسيولوجية للصحة والمرض بالمجتمع القروي المغربي"، أنه في الماضي المغربي كان هناك "الموت بالمرض، أو الحياة بدون مرض، أما العيش مع المرض كان من المسائل المستبعدة"، لافتا إلى أن "الفقراء في المجتمع المغربي كانوا أقل فئة استفادت من أنظمة الحماية الاجتماعية، وكان وباء واحد أو مرض يقضي على قبيلة بأكملها". ووصف الأستاذ المساعد لعلم الاجتماع في جامعة القاضي عياض دعوات المغاربة على بعضهم بالأمراض، ك"التيفوس"، تستبطن تمثلا ثقافيا عن المرض يرى بأنه يعني الموت. من جهتها، قالت خديجة الزويتني، أستاذة سوسيولوجيا الصحة بالمعهد العالي للمهن التمريضية والتقنيات الصحية بالرباط، في المناقشة نفسها، إن "المغرب لم يُصف الحساب بعد مع الأمراض المعدية". وتحدثت الزويتني عن الثقافة الصحية للمغاربة بقولها "إذا كانت الصحة عند الناس هي التوازن فستختلف علاقتهم بالمرض، فيمارسون الرياضة للحفاظ عليها، أما إذا كانت الصحة عندهم هي غياب المرض، فلن يزوروا الطبيب إلا عند ظهور أعراضه". ودخل الأساتذة الحاضرون في نقاش حول تدريس علم الاجتماع في المؤسسات الصحية المغربية، فبالرغم من أن "الوعي بالعلاقة بين المجتمع والصحة مهم"؛ فإن علم الاجتماع يدرس "بطريقة جامدة، وصامتة ويدرس في السنة الأولى"، أي قبل التكوين العملي الذي يلتقي فيه الطلبة الأطباء بالمرضى من مختلف الخلفيات والأصول الاجتماعية، حسب الأستاذة الزويتني. وقال إدريس بن سعيد، أستاذ علم الاجتماع سابقا بجامعة محمد الخامس، إن "كليات الطب بالمغرب تابعة للتقليد الطبي الاستعماري الذي يرغب في الحد من الأوبئة والأمراض، ولا يهتم بما هو خارج الجسم، وبالتالي فالمحيط الاجتماعي للمريض يبقى غير مفكر فيه". بينما يرى الباحث المغربي حسن أحجيج أن "مسألة علم الاجتماع في الطب فيها شيء من المغالاة، وما يجب تدريسه قليل" وأعطى مثالا بضرورة تدريس الخبرة الاجتماعية. وقال جمال فزة، الأستاذ بجامعة محمد الخامس، إن الطب هو تشخيص المرض ومعالجته ولا علاقة له بعلم الاجتماع، وعلم اجتماع الطب مسألة سوسيولوجية، مشيرا إلى أن "الصحة قضية الأطباء ومختلفة عن قضية السوسيولوجي؛ وهي الأبعاد الاجتماعية للمرض". وأضاف فزة أن "الطبيب يقرأ السوسيولوجيا بشكل شخصي، لكن هذا ليس ضروريا في تكوينه لمزاولة مهنته كطبيب"، منهيا حديثه بأنه "عندما يصبح تمثل الناس للمرض على أن هناك مؤسسة اجتماعية تعالجه هي المستشفى نكون في اتجاه نحو الحداثة؛ لأن العلم يأخذ مكانه، ولا يتم اللجوء إلى الرقية الشرعية لمعالجة أمراض لا تعالجها هذه المؤسسة كالعين والجن". * صحافي متدرب