فيما تستعد حركة التوحيد والإصلاح، التي توصف بكونها الذارع الدعوي لحزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، لعقد جمعها العام الوطني، لانتخاب رئيس جديد لها، خلفا لعبد الرحيم الشيخي، ظهرت لدى أعضاء الحركة نقاشات داخلية، تمضي في اتجاه انتخاب عبد الإله بنكيران رئيسا، وعودته إلى الواجهة من جديد. وعلمت هسبريس أن هناك توجها داخل غالبية أعضاء الحركة، بمن فيهم قياداتها من الموالين لتوجه بنكيران، يشتغل في الكواليس من أجل تهيئة الأجواء من أجل انتخاب الأمين العام الأسبق لحزب العدالة والتنمية رئيسا للتنظيم الإسلامي، خاصة أن الأخير يمر من مرحلة تراجع على المستوى التنظيمي والدعوي، منذ اقتحام "المصباح" للتجربة الحكومية، قبل سبع سنوات. وفيما يرتقب أن تطرح الخطوة، في حالة الاتفاق على تفعيلها في الكواليس من قبل قيادة الحركة، التي يرأسها الشيخي المعروف بأنه "ظل بنكيران" وأبرز المقربين منه، جدلا نظريا جديدا حول علاقة السياسي والدعوي، فقد تشكلت إثر ذلك لجنة تحضيرية مكلفة بالإعداد التنظيمي للمؤتمر الوطني القادم للحركة، بالموازاة مع الاشتغال على تعديل "الميثاق"، الذي يعد دستور الحركة. ويرى إدريس الكنبوري، الباحث في الحركات الإسلامية، أن بنكيران "بات يبحث عن منصة جديدة للاستمرار في تموقعه السياسي"؛ وذلك "بعد ما حصل له من إعفاء من رئاسة الحكومة والتخلي عنه في مؤتمر حزب العدالة والتنمية، وبات على وشك الخروج من الحياة السياسية، خاصة أن حزبه طوى صفحته بعد رفض ولايته الثالثة كأمين عام". ويضيف الكنبوري، في تصريح لهسبريس، أن بنكيران يبقى من "طينة السياسي الذي لا يريد أن يموت بسهولة، فهو يشعر بأن ما حصل له محاولة اغتيال سياسية، وإخراجه من الحياة السياسية قبل الأوان بشكل هو خارج عن إرادته"، مضيفا أن "السيناريو الصحيح الذي تبقى له هو العودة من بوابة الحركة التي لعب دورا رئيسيا في إنشائها والدخول بها إلى العمل السياسي منذ التسعينيات". وفيما تتيح القوانين الداخلية ل"التوحيد والإصلاح" السماح لعبد الإله بنكيران بالترشح لرئاستها أو ترشيحه من طرف أعضاء المكتب التنفيذي، إلا أن الباحث المغربي يرى أن هناك داخل قيادة الحركة دائرة ضيقة ومتنفذة، "يلعب فيا بنكيران دورا أساسيا، وله أفضال كبيرة عليها، وبالتالي يمكنه بسهولة التأثير عليها وتكفيه إشارة من أجل الالتفاف حوله". وتوقف الكنبوري عند الواقع الذي تعيشه الحركة من "إعياء تربوي ودعوي"، وهو ما دفعه ليخلص إلى أن هذا مبرر أساسي "للحاجة إلى من يضخ نفسا جديدا فيها، وهو الشرط الذي يتوفر في بنكيران الذي ينتظر أن يحيي النفس الدعوي داخل التنظيم الإسلامي". عودة بنكيران إلى الحركة ستعيد قضية علاقة الدعوي بالسياسي، "وتكرس تبعية الحزبي للديني، بل ستربط الحزب بالحركة مجددا، لتتقوى الأخيرة على حساب الحزب وتصير هي المتنفذة في الذراع السياسي"، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن من دلالات هذه التبعية أن "جل وزراء الحزب في الحكومة هم من النواة الصلبة للحركة"؛ على أن تلك العودة بين أحضان الحركة "ستتيح لبنكيران الاستمرار في الهيمنة وأن يفعل ما يريد".