"المنسيون" هو أنسب عنوان لوصف عيش ساكنة دوار عين سند، التابع لمقاطعة زواغة بالجماعة الحضرية لفاس..حي صفيحي يفتقر لأبسط التجهيزات، وما يزيد من حدة الإحساس بالفوارق الاجتماعية لقاطنيه، الذين يعتبرون أنفسهم محرومين من حقوق المواطنة، مجاورته لعمارات سكنية حديثة. وتعمقت معاناة قاطني دوار عين سند بعد أن عمدت الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء، مؤخرا، إلى قطع ماء الصنبور الوحيد الذي كانوا يتزودون منه بالماء الصالح للشرب، فزيد الحرمان من الماء إلى الحرمان من الكهرباء الذي لازمهم لعقود. حياة شقية "نعيش حياة شقية، زاد من حدتها قطع الماء علينا..لي خمسة أبناء، فكيف سأوفر لهم الماء اللازم؟ انظر لحالتي، لم أجد ماء لتنظيف بدني وثيابي"، هكذا لخص عزيز النكورة، لهسبريس، معاناته مع غياب الماء عن دوار عين سند، وهو الذي كانت ملابسه وأطرافه تحاصرها آثار الطين من كل جهة، نظرا لاشتغاله في إحدى الضيعات الفلاحية القريبة من مقر سكناه، مبررا حالته المتسخة بغياب الماء.."لم أجد ماء للشرب، فما بالك بماء النظافة..حالتنا ما هي حالة"، يقول عزيز. حبيب الله عبد الله قاطع جاره عزيز ليبرز أن الأخير لا يمكنه تنظيف ملابسه وجسده في غياب الماء، موردا: "الموت أحسن لنا، لا حياة بدون ماء ولا كهرباء"؛ كما أكد أن دوار عين سند كان يضم عينا طبيعية يتزود منها سكان الدوار بالماء مجانا قبل "الترامي" عليها من طرف الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بفاس، والتي عوضتها بصنبور مزود بعداد استهلاك، قبل إزالته هو الآخر مؤخرا. أطفال في محنة من جانبها، وصفت ربيعة سليم البحث اليومي عن قطرة ماء بالعذاب، مبرزة لهسبريس أنها تضطر لطلب الماء من سكان العمارات القريبة من الدوار، وزادت: "مرة يزودوننا بالماء ومرة يرفضون"، مؤكدة أن نساء الدوار يكلفن أبناءهن، لدى عودتهم من المدرسة، باستجداء ساكنة المنازل المجاورة لكي يملؤوا لهم قاروراتهم البلاستيكية بالماء. "لقد قاموا بقطع الماء عنا، أصبحنا نفكر فقط في توفير الماء الضروري للاستعمال في المطبخ، أما ماء الغسيل والنظافة فلا نتكلم عنه..توقفنا عن غسل ملابسنا وعن الاستحمام"، توضح ربيعة بحسرة عميقة، في حين قاطعتها جارتها فاطمة، التي ذكرت أن أطفال الدوار يراجعون دروسهم على ضوء الشمع، ومحرومون من الاستحمام ومن تغيير ملابسهم بأخرى نظيفة. "الحياة في هذا الحي عبارة عن جحيم، فبالإضافة إلى غياب الماء والكهرباء، نعاني من تسرب مياه الأمطار إلى منازلنا.. دوارنا عبارة عن قرية وسط المدينة، صبرنا طويلا، ولكن عندما قطعوا علينا الماء لم نعد نتحمل..نفسية أبنائنا تزداد تعقيدا في ظل هذه الظروف"، يقول أحمد جريري، وأوقفه عبد الإله الباردي عن مواصلة الكلام ليقول: "هذا عار، نحن نعيش وسط مدينة، ويجب ألا يكون هناك مشكل في الماء والكهرباء..حرمنا لسنوات من الكهرباء ولم نتكلم، ولكن أن يقطعوا عنا الماء فأمر لن نتقبله". وعود بالحل إلى ذلك أشار محمد الوطاسي، رئيس فرع بنسودة للشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة وحماية المال العام، إلى أنه بناء على طلب المؤازرة الذي تقدم به سكان دوار عين سند لشبكته في محنتهم، بادر إلى الاتصال برئيس مقاطعة زواغة، التي يدخل الدوار تحت نفوذها الترابي، موردا أنه طرح عليه شخصيا مشاكل الساكنة بهذا الحي الصفيحي. وأبرز الوطاسي، في حديث مع هسبريس، أن رئيس زواغة وعده بإيجاد حل لمعضلة التزود بالماء في أقرب الآجال، لكنه أوضح له أنه لا يمكن تزويد الدوار بالكهرباء، وزاد: "نحن لا نعرف المانع من ربط المنازل بالكهرباء. نتمنى أن يحل مشكل الماء والكهرباء، فالسكان في منطقة حضرية ويجب ألا يحرموا من هاتين المادتين الأساسيتين". من جانبه، أورد عبد الواحد بوحرشة، رئيس مقاطعة زواغة، لهسبريس، أن دوار عين سند تكون في ظروف غامضة في الحدود الفاصلة بين مقاطعة زواغة وإقليم مولاي يعقوب، مبرزا أن عدد الدور بهذا الحي الصفيحي يصل إلى 35 دارا. وأكد بوحرشة أن المقاطعة بصدد إيجاد حل لمشكل توفير الماء الشروب للدوار المذكور، مؤكدا أنه لا يمكن ربط هذا التجمع السكني بالكهرباء لأن المقاطعة بصدد البحث عن حل جذري، بشراكة مع الجهات الحكومية المعنية، لإعادة إيواء الأسر المقيمة به.