على مرمى حجر من مدينة فاس يوجد واحد من أكبر الدواوير الصفيحية بمنطقة راس الماء، إنه دوار جامع السعودي، التابع لجماعة عين الشقف، الذي يكتوي قاطنوه، الذين يناهز عددهم ألف نسمة، بالعيش داخل بيوت قصديرية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، ضمنها غياب قنوات الصرف الصحي والحرمان من الربط بشبكة الكهرباء. المعاناة صيفا وشتاء ما أن يقترب المرء من دوار جامع السعودي حتى تزكم أنفه الروائح النتنة المنبعثة من مجرى مكشوف للصرف الصحي ينساب بمحاذاة بيوته القصديرية، قال قاطنون بهذا الدوار، في تصريحات لهسبريس، إنها تتفاقم أكثر خلال فصل الصيف. "نحن نعاني من الفيضانات وهجوم القوارض والحشرات، والخطر يتهدد أطفالنا"، تقول فاطمة الغريسي، قاطنة بدوار جامع السعودي، التي حكت لهسبريس بحرقة معاناتها مع غمر مياه الأمطار، الأسبوع الفارط، لمسكنها الصفيحي، مبرزة أن أثاث منزلها تعرض، إثر ذلك، للتلف، واصفة محنتها بالقول: "هذه ليست حياة، نتمنى أن يضعوا لنا حلا. نحلم بالكهرباء وبالعيش في غرفة واحدة لائقة بدل العيش في هذا المكان". ما قالته الغريسي أكدته حسنة الخال، ربة بيت، التي أوضحت للجريدة أنها تعيش رفقة أفراد أسرتها حالة هلع متواصل خلال فصل الشتاء خوفا من فيضان أحد المجاري المائية على بيتها، مؤكدة أن سيول الأمطار الأخيرة غمرت منزلها بالكامل، وطالبت بوضع حد لمحنة ساكنة دوارها الذي قالت إن أطفاله يعانون من الأمراض جراء غياب قنوات الصرف الصحي والعيش في بيوت قصديرية لاسعة صيفا قارسة شتاء وتتربص بها الحشرات والقوارض. من جانبه، ذكر إدريس الوردي، أحد شباب دوار جامع السعودي، أن دواره، فضلا عن افتقاره إلى البنية التحتية، يعاني من العزلة بسبب غياب ربطه بوسائل النقل العمومي بمدينة فاس، كاشفا لهسبريس أن بعض الأسر تعيش في غرفة قصديرية واحدة، مضيفا في حديث لهسبريس: "هناك أسر يعيش عشرة من أفرادها في غرفة واحدة، حتى الأطفال يقطعون عشرة كيلومترات للوصول إلى الإعدادية. نحن منسيون، ونحلم بحياة كريمة". "نطالب بإعادة هيكلة الدوار أو إعادة الإيواء بالمكان نفسه، وجميع السكان فقراء لا يمكنهم بناء بيوت حافظة لكرامة الإنسان"، يؤكد عبد الحفيظ القياس، أحد شباب دوار جامع السعودي، موردا لهسبريس أن بعضا منهم صرف كل ما يملك من أجل الحصول على "براكة" داخل هذا الدوار. برنامج للكهربة وإعادة الهيكلة قال محمد الوطاسي، المندوب الجهوي بفاسمكناس للشبكة المغربية لحقوق الإنسان والرقابة على الثروة وحماية المال العام، في تصريح لهسبريس، إنه عاين، ليلة 6 ماي الجاري، غمر السيول لعدد من المنازل بدوار جامع السعودي؛ وذلك "في غياب أي تدخل من طرف الجهات المسؤولة"، وفق تعبيره، مطالبا بإيجاد حل جذري لمعاناة ساكنة هذا الدوار بإعادة هيكلته في أقرب الآجال. ونقلت هسبريس معاناة ساكنة دوار جامع السعودي إلى الجلالي دوما، رئيس جماعة عين الشقف، الذي أكد لنا أن أشغال ربط هذا الدوار بشبكة الكهرباء، إلى جانب دواري السي الطيب والكزير، تجري حاليا على قدم وساق، مبرزا أنه "سيتم إطلاق الكهرباء لدوار جامع السعودي مع بداية شهر رمضان الكريم"، على حد قوله. وأوضح الجلالي أن مصالح جماعة عين الشقف بصدد الاشتغال مع المصالح الإقليمية للتعمير بفاس على مشروع لإعادة هيكلة دوار جامع السعودي، موردا أن "هذا المشروع يرتكز على ربط الدوار بقنوات الصرف الصحي وتهيئة الأزقة والشوارع، وإنجاز ملاعب للقرب وباقي المرافق الضرورية". وأكد رئيس جماعة عين الشقف أن دوار جامع السعودي لا يعتبر بالنسبة للبرنامج الحكومي دوارا صفيحيا، بل من التجمعات السكنية ناقصة التجهيز، موضحا أن جماعته ستعمل على وضع تصميم لهذا الدوار، المقام على أرض في ملك الدولة، مع العمل لدى الجهات المعنية على تحويله إلى تجزئة سكنية، حتى يتسنى لقاطنيه بناء شقق لائقة بهم.