في زيارة هي الثانية من نوعها، من المرتقب أن يقوم العاهل الإسباني فيليبي السادس، رفقة الملكة ليتيسيا، بزيارة رسمية إلى المغرب خلال الفترة الممتدة ما بين 09 و11 يناير المقبل، بعدما جرى تأجيلها لأكثر من مرة بسبب أجندة القائدين. وسبق لفيليبي السادس، عندما تولى عرش الجارة الشمالية سنة 2014، أن اختار المغرب كأول زيارة خارجية له إلى بلد عربي وإفريقي، في إشارة أكدت على مدى أهمية وأولوية التعاون بين المملكتين اللتين تجمعهما العديد من القضايا المشتركة في مجالات مختلفة. ألفونسو داستيس، وزير الخارجية الإسباني، قال إن هذه الزيارة ستكون فرصة لتوجيه الشكر إلى العاهل المغربي على إثر وقوف المغرب ضد المخططات الرامية إلى المس بوحدة إسبانيا وقرار استقلال كاتالونيا أحادي الجانب. وأشار المسؤول الحكومي الإسباني، في تصريحات لوسائل إعلام بلاده، إلى أن الزيارة كانت مقررة شهر نونبر الماضي؛ ولكنها تأجلت بسبب انشغال ملك المغرب بالمشاركة في القمة الإفريقية الأوروبية بأبيدجان. من جهتها، كشفت صحيفة (أ بي سي) الإسبانية، في تقرير لها اليوم الاثنين، أن الملك فيليبي سيترأس إلى جانب العاهل المغربي في مدينة الدارالبيضاء مجلساً اقتصادياً رفيعاً يضم عددا كبيرا من الوزراء والمستثمرين، وسيكون مناسبة لمناقشة عدد من القضايا المشتركة، التي تدخل في إطار التعاون الاقتصادي، السياسي والأمني. وكان المغرب وإسبانيا قد أعلنا، منذ سنوات، عن تأسيس المجلس الاقتصادي المغربي، ويطمح إلى إعطاء دفعة قوية لاستراتيجية الشراكة بين اتحادات الغرف التجارية والصناعية بين البلدين. وعن دلالات الزيارة، قال عبد العالي بروكي، الباحث المتخصص في معهد الدراسات الإسبانية المغربية، إن "الزيارة المرتقبة ستكون من مستوى عال؛ على اعتبار أن الزيارة الأولى كانت تدخل في إطار المجاملة، بعد تولي فيليبي السادس مقاليد الحكم". ولفت الأستاذ في جامعة محمد الخامس، ضمن تصريح لهسبريس، إلى أنه يتبين، من خلال الزيارات التي قام بها العديد من المسؤولين الإسبان خلال السنتين الماضيين، أن مواضيع الهجرة ومكافحة الإرهاب والتبادل التجاري والصيد البحري، ستشكل المحاور الرئيسية، خصوصا أن إسبانيا أرسلت في لقاءات ممهدة سابقة كل من وزيرة العدل وكاتبة الدولة في الهجرة وكاتب الدولة في الصيد البحري ووزير الداخلية. وأبرز الباحث، الذي صدر له مؤخراً كتاب بعنوان "المغرب وإسبانيا.. البحر والرمال وما بينهما"، أن اللقاء سيكون فرصة لتقديم الشكر إلى الملك محمد السادس بسبب موقفه الصريح والواضح من مسألة استقلال كاتالونيا. كما أشار إلى أن إسبانيا ترغب، خلال السنوات الأخيرة، في أن تستمر على رأس الشركاء التجاريين للمغرب وكثاني سوق لها بعد الولاياتالمتحدةالأمريكية. محاربة الإرهاب ستكون حاضرة بقوة ضمن جدول اجتماعات المغرب وإسبانيا، حيث أشار الخبير المغربي إلى أنه بفضل التعاون الثنائي بين أجهزة الاستخبارات التابعة للبلدين جرى إحباط العديد من المحاولات الإرهابية فوق التراب الإسباني، بالإضافة إلى تحديات قضية الهجرة السرية التي تقض مضجع مدريد. وتتزامن هذه الزيارة كذلك مع اقتراب بداية المفاوضات بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول تجديد اتفاقية الصيد البحري، ولفت المصدر إلى أن إسبانيا هي أكبر المستفيدين من هذه الاتفاقيات وتدعو إلى الحفاظ على الشراكة التي تجمع أوروبا مع المملكة. وبخصوص الأحداث التي وقعت مؤخراً في معبر سبتةالمحتلة وأدت إلى تسجيل العديد من الوفيات في صفوف العاملات في قطاع التهريب المعيشي "البراكديات"، وهل يمكن لها أن تكسر صمت الرباط حول الاستعمار الإسباني؟، استبعد الأستاذ الجامعي ذلك، وقال إنه منذ سنة 2011 كان هناك شبه اتفاق بين الرباطومدريد على أن تبقى قضية سبتة ومليلية جانباً حتى لا تُؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين.