في الوقت الذي استبشر فيه عموم الفلاحين بقدوم الأمطار، من ضمنهم مُزارعو المناطق الدكالية، وضعت عشرات الأسر القاطنة بالحي السكني "القرية" بمدينة سيدي بنور أياديها على صدورها خشية تكرار المعاناة التي يتجرعونها كلما لاحت في الأفق بوادر هطول الأمطار، فيما يزداد حجم الخسائر إذا تعلق الأمر بالتساقطات الرعدية. يقع حي "القرية" في المجال الحضري لمدينة سيدي بنور، إلا أن وضعه الصفيحي والعشوائي جعله شبيها بتجمع سكني قروي، يفتقر إلى شروط ومتطلبات السكن اللائق والعيش الكريم، ما دفع قاطنيه في كثير من المناسبات إلى الاحتجاج، عبر تنظيم وقفات ومسيرات واعتصامات أمام الإدارات العمومية ومقرات المجالس الجماعية والسلطات المحلية، من أجل المطالبة بتحسين ظروف العيش. ففي الوقت الذي يشتكي فيه سكان "القرية"، خلال فصل الصيف، من كثرة الحشرات والجرذان، وانتشار الغبار والأتربة، وارتفاع درجة الحرارة داخل المنازل القصديرية، وقلة الماء الصالح للشرب، والغياب التام للكهرباء، تبدأ معاناة أخرى خلال الفترات المطيرة، وعلى رأسها الفيضانات التي تتسبب في تسرب المياه إلى داخل البيوت البسيطة. هشام النوري، أحد سكان الحي الصفيحي "القرية"، أوضح أن "الضرر الذي يطال قاطني الحي يتكرر كل سنة، في غياب تام لأي تدابير أو إجراءات من طرف السلطات المعنية؛ إذ يجد المتضررون أنفسهم كلما تساقطت الأمطار غارقين وسط منازلهم التي تغمرها المياه، بالرغم من المحاولات التي يجريها السكان لمنع التسرب أو التخفيف من حدته". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "الطرقات التي تحيط بالحي أو تتخلّله مليئة بالأتربة، وما إن تهطل الأمطار حتى تشكل مساحة واسعة من الأوحال، إلى جانب العديد من البرك المائية التي تحول دون تمكن التلاميذ من الوصول إلى مؤسساتهم التعليمية، فيما يُصبح التنقل محفوفا بالمخاطر المرتبطة بالغرق أو الانزلاق أو الوقوع في إحدى الحفر". وعن شبكة تصريف مياه الأمطار، أكّد النوري أنها "مغشوشة ومهترئة؛ ما أدى إلى امتلائها بالأتربة وانسدادها بشكل كامل، ويصبح وجودها كعدمه من حيث التخلص من المياه المتجمعة بمختلف الأزقة"، مشدّدا على أن "بعض الطرقات أُغلقت تماما بسبب تجمع المياه والأوحال، وإن لم تتدخل الجهات المعنية في أسرع وقت، فإن الأوضاع مرشحة للمزيد من المشاكل، خاصة وأن أحد الأودية تزداد حمولته مع مرور الساعات". وأوضح المتحدث أن "سكان الحي عقدوا لقاء سابقا مع رئيس المجلس البلدي لمدينة سيدي بنور، وطالبوه بضرورة التعجيل في عملية تهيئة طريق ترابي يُعتبر المسلك الرئيسي للسكان، ونبهوا إلى أهمية حل المشكل قبل وصول فصل الشتاء، إلا أن مطلب المتضررين اصطدم بلامبالاة وتماطل المسؤولين، فحَدَثَ ما تخوّف السكان من وقوعه تزامنا مع تساقطات اليوم". وطالب هشام النوري ب"فتح تحقيق حول أسباب تأخر استفادة سكان حي القرية من 500 بقعة أرضية، ومصير 69 مليون درهم، في الوقت الذي يعاني فيه المعنيون بالأمر كلما ارتفعت درجة الحرارة أو انخفضت؛ ما ينعكس سلبا على صحتهم وسلامة أطفالهم ومرضاهم، في غياب بوادر انفراج الأزمة التي عمّرت طويلا". من جهته، أقرّ محمد السايسي حسني، رئيس المجلس الجماعي لسيدي بنور، بأن "سكان الحي الصفيحي القرية يعيشون أوضاعا مزرية، لكن المجلس الجماعي يبذل ما بوسعه لمساعدتهم، في أفق ترحيلهم وإعادة إسكانهم؛ وذلك في إطار مشروع كبير وبرنامج كامل تُشارك فيهما مجموعة من الجهات المعنية بالملف". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن "المشروع سينجز على مساحة تفوق 40 هكتارا من أراضي "الضّومين"، توجد قرب السوق الأسبوع لمدينة سيدي بنور"، مشيرا إلى أن "الصفقة ستتم في الأيام القليلة المقبلة، من أجل وضع الحجر الأساس لتهيئة البقع الأرضية ضمن المشروع المذكور". وعن السقف الزمني المبرمج لإعادة إسكان قاطني "القرية"، أكّد السايسي حسني أنه "لا يمكن للمجلس البلدي أو عمالة إقليمسيدي بنور تحديد التاريخ، لأن الإشراف على المشروع يتم على مستوى الولاية"، خاتما تصريحه بأن "المجلس البلدي يعي حجم المعاناة التي يعيشها سكان الحي، ويحاول في كل مناسبة تقديم التوضيحات اللازمة لهم، في انتظار الانتهاء من المشروع".