جدد المغرب تعهداته للاتحاد الأوروبي من أجل التعاون مع خبرائه للوصول إلى حكامة ضريبية جيدة لمحاربة ظاهرة التهرب الضريبي، عقب الإفراج عن لائحة سوداء للملاذات الضريبية في العالم لم يرد المغرب ضمنها. جاء ذلك في أول رد فعل من طرف المملكة المغربية، عقب مصادقة دول الاتحاد الأوروبي على هذه اللائحة السوداء التي تضم 17 دولة ومنطقة عبر العالم، بعد اجتماع لوزراء المالية في بروكسيل أول أمس الثلاثاء. وقالت المديرية العامة للضرائب، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، في بيان لها أمس الأربعاء، إن المغرب جدد إرادته وتصميمه على التعاون مع الخبراء الأوروبيين في هذا المجال، بعد لقاءات تواصلية عقدها مع مجلس أوروبا في الصيف الماضي. وأضافت المديرية أن المغرب لم يتم إدراجه ضمن لائحة المناطق الضريبية غير المتعاونة مع الاتحاد الأوروبي، بعدما جرى فحص 92 دولة ومنطقة خارج الاتحاد من طرف 28 وزير مالية، وتم تقييمها من خلال معايير عدة، منها الشفافية الضريبية التي تقتضي تبادلاً تلقائياً للمعلومات. كما تستوجب المعايير الأوروبية لمحاربة الظاهرة وجود عدالة ضريبية، وتنفيذ تدابير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ضد ما يسمى بتآكل القاعدة الضريبة ونقل الأرباح المعروف اختصاراً ب "BEPS". وقد عمل المغرب قبل لقاء بروكسيل على تكثيف اللقاءات مع خبراء الاتحاد الأوروبي لكي لا يتم إدراجه ضمن اللائحة السوداء للملاذات الضريبية، وتم الاكتفاء بإدراجه في لائحة رمادية تضم الدول التي لا تستجيب بشكل كلي للمعايير المطلوبة لكن قدمت التزامات وضمانات. وبفضل الالتزامات التي قدمها للاتحاد الأوروبي، نجا المغرب من عقوبات قد تطاله؛ ذلك أن الدول التي وردت ضمن اللائحة السوداء قد تتضرر علاقاتها مع دول أوروبا بشكل يمكن أن يمس برامج التمويل والدعم التي يتيحها الاتحاد. وخلال الأشهر الماضية التي سبقت اجتماع بروكسيل، أوفد الاتحاد الأوروبي خبراء من «groupe code de conduite»من أجل مراجعة وتقييم الأنظمة الضريبية لجميع البلدان الشريكة، ومن ضمنها المغرب. وقد تعهد المغرب في ما يخص محاربة التهرب الضريبي، الذي يتضرر منه الاقتصاد الأوروبي، بالملاءمة مع اتفاقية متعددة الأطراف لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مع مجلس أوروبا، إضافة إلى اعتماد معايير ضد تآكل القاعدة الضريبة ونقل الأرباح. ويقصد بهذه الأخيرة استراتيجيات التخطيط الضريبية التي تلجأ إليها الشركات والمؤسسات التي تستغل الفجوات والتباينات في القوانين والأنظمة الضريبية لنقل الأرباح بصورة صورية إلى أماكن ذات ضريبة منخفضة أو لا تفرض فيها ضريبة حيث لا يوجد لها نشاط اقتصادي، وهذا يقوض عدالة ونزاهة الأنظمة الضريبية. وتأتي مصادقة الاتحاد الأوروبي على اللائحة السوداء للدول التي تعتبر ملاذات ضريبية بعد فضيحة "وثائق بنما"، وبعدما ندد الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين بنظام التهرب الضريبي واسع النطاق الذي يشمل كل الدول. ولن يكون بإمكان الدول المدرجة في اللائحة السوداء للملاذات الضريبية الاستفادة من التمويلات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي، كما يمكن اتخاذ إجراءات أخرى في حق تلك الدول التي لا تتعاون كما يجب مع دول الاتحاد لمحاربة الظاهرة. ويقصد بالملاذات الضريبية تلك الدول أو المناطق التي توفر وسائل للتهرب من الضرائب، سواء للشركات أو الأفراد؛ وذلك بتقديمها لإعفاءات أو تخفيضات ضريبية لجذب الأموال والاستثمارات، كما توفر حماية وحصانة للأثرياء، الأمر الذي يضر باقتصاد الدول التي ينتمي إليها هؤلاء المتهربون ضريبياً.