في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن إطلاق حوار اجتماعي ممأسس مع المركزيات النقابية وفتح صفحة جديدة لتدارك ما فات خلال ولاية عبد الإله بنكيران التي عرفت توترات غير مسبوقة، اختارت المركزيات النقابية خيار التصعيد بتنظيم مسيرة احتجاجية وطنية بالسيارات في اتجاه العاصمة الرباط. وقال علال بلعربي، عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية، إن المسيرة الوطنية بالسيارات ستسير في اتجاه الرباط خلال اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي يصادف العاشر من دجنبر من كل سنة، كمحطة أولى للاحتجاج ضد "انحباس الحوار الاجتماعي وضرب الحقوق والمكتسبات والمس بالحريات النقابية وتجاهل المكاسب وما تبقى من اتفاق 26 نونبر 2011". القيادي في نقابة الCDT أكد، في تصريح لهسبريس، بعد اجتماع المكتب التنفيذي لنقابته بالبيضاء، أن "حكومة العثماني لم تباشر بعد أي حوار اجتماعي ممأسس، وأن العرض الذي تقدمه يبقى هزيلاً"، وشدد على حاجة المغرب إلى حوار وطني باشراك كل الفاعلين يهدف إلى وضع أسس الإصلاح الشامل المؤسس لمرتكزات الديمقراطية كسبيل للخروج من هذا "الوضع المشؤوم وتحقيق المصالحة الحقيقية بين الدولة والمجتمع". ويرى بلعربي أن ما تصرح به الحكومة، بالتزامها بمأسسة الحوار الاجتماعي عن طريق تحديد لقاءات دورية خلال السنوات الخمس المقبلة، "أمر غير صحيح على مستوى الواقعي، وأن الحيف والظلم الذي تعاني منه الطبقة العاملة مستمر كما كان في السابق". وتحتج النقابات على استمرار تجميد الأجور منذ سنة 2011 ورفض الحكومة تنفيذ ما تبقى من مضامين اتفاق 26 أبريل، وأيضا التضييق على الحريات النقابية وتمرير إصلاح صناديق التقاعد بدون التشاور مع الفرقاء الاجتماعيين. في المقابل، تؤكد الحكومة أنها "ملتزمة بالحوار الاجتماعي بشكل موضوعي وممنهج، وأنه سيظل مفتوحا للاستجابة للمطالب التي وضعتها النقابات"، حسب ما أعلنه محمد يتيم، وزير الشغل والإدماج المهني، في جلسة عمومية سابقة بمجلس المستشارين. وأضاف يتيم أن "الحكومة تحتاج منهجية في الحوار الاجتماعي مع النقابات، وتريد بناء أمور واضحة للوصول إلى اتفاق إطار، والهدف هو وضع ميثاق جماعي؛ لأن الحكومة ملتزمة سياسيا وأخلاقيا مع النقابات بهدف استمرار الاستقرار الاجتماعي". وسبق للحكومة أن التزمت بمأسسة الحوار الاجتماعي عن طريق تحديد لقاءات دورية خلال السنوات الخمس المقبلة، إذ ينص البرنامج الحكومي على ضرورة "بلورة ميثاق اجتماعي يحدد التزامات مختلف الأطراف، بهدف تطوير العلاقات المهنية"، متعهدا خلال السنوات الخمس المقبلة بمأسسة الحوار الاجتماعي والمفاوضة الجماعية.