لأول مرة منذ تعيينه على رأس الحكومة، نجح سعد الدين العثماني في إخماد غضب المركزيات النقابية، ولو بشكل مؤقت، بعد وضعه لجدولة زمنية تستمر حوالي شهر ونصف من الآن، لتوقيع اتفاق مع الفرقاء الاجتماعيين عشية عيد العمال "فاتح ماي"؛ وهو الذي سيحدد مآل مطالب الشغيلة المغربية، أبرزها الرفع من الأجور المجمد منذ سنة 2011، عندما أقرت حكومة عباس الفاسي زيادة صافية لجميع موظفي الدولية قدرها 600 درهم؛ لكن السياق الحالي يختلف كثيراً عن تلك الفترة الموسومة بحراك "20 فبراير". اللقاء الذي عقده رئيس الحكومة مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية، الاتحاد المغربي للشغل والكونفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، تقرر على إثره فتح حوار ثلاثي الأطراف من خلال ثلاث لجان موضوعاتية؛ لجنة تحسين الدخل ولجنة القطاع الخاص لمدارسة تشريعات الشغل والحريات النقابية، ولجنة القطاع العام لمدارسة القضايا المتعلقة بالإدارة العمومية، ويرتقب أن يفضي إلى اتفاق يمتد على ثلاث سنوات، في أفق اعتماده بنهاية شهر أبريل 2018، على أن ينطلق التفاوض بشأنه في أقرب الآجال. ردود فعل المركزيات النقابية من المنهجية الجديدة لرئيس الحكومة كانت متباينة، بين مشيد ومنتقد. وفي الصدد ذاته قال علال بلعربي، الذي مثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، إن نقابته اعترضت على صيغة اللجان التي اقترحها العثماني. وتابع في تصريح لهسبريس: "هذه الطريقة سبق تجريبها خلال ولاية بنكيران؛ لكنها لم تُفض إلى نتائج إيجابية". وشدد القيادي في الCDT على أن البديل هو "تفاوض جماعي ثلاثي الأطراف يكون محددا في الزمان، بحضور الحكومة وأرباب العمل والنقابات المركزية، وفق ما تنص عليه الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية". ولفت المتحدث الانتباه إلى أنه "منذ سنة 2011 لم تقم الحكومة بزيادة درهم واحد في أجور المغاربة، بل جمدت حتى التعويضات والتوظيفات؛ الأمر الذي جعل البلاد تمر من وضعيات مقلقة وتوترات اجتماعية خطيرة". القيادي النقابي عبّر عن استغرابه كيف يمر رئيس الحكومة إلى وضع منهجية تفضي إلى اتفاق مرتقب شهر أبريل، في وقت لم يقم فيه بتنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011؛ وهو آخر اتفاق جمع الحكومة والنقابات. الميلودي موخاريق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، أبلغ رئيس الحكومة بمواقف نقابته الثابتة من مطالب الزيادة في الأجور، وتحسين الدخل ونظام التعويضات وحماية الحريات النقابية. وقال مصدر حضر الاجتماع إن وفد الUMT احتج على "الطريقة السرية" التي مررت بها الحكومة مشروع قانون الإضراب، ووصفته ب"القانون التكبيلي لحق دستوري". واعتبر موخاريق أن "القانون المعروض على أنظار البرلمان "يُخالف الدستور والتوجهات الملكية، ويجرم حقا من حقوق الإنسان"، كما شدد على أن "النقابات لا يمكنها أن تتفاوض حول الحوار الاجتماعي بدون الرفع من الأجور، لأن قيمة الحوار تكمن في نتائجها". في مقابل ذلك، أشاد نعمة ميارة، الكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بالتزام رئيس الحكومة بتوقيت زمني محدد لتوقيع الاتفاق المرتقب. وأوضح ميارة، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الحكومة مطالبة، بعد التزامها هذا، بالاستجابة لمطالب الشركاء الاجتماعيين، وإن لم يكن الأمر على دفعة واحدة". جدير بالذكر أن رئيس الحكومة سعد الدين العثماني شدد، أمام النقابيين، على أن الحكومة حريصة على تفعيل حوار اجتماعي مؤسس، مقدما تطمينات بقوله: "الحكومة جادة في إنجاح الحوار الاجتماعي، وليست لها أي نية، كما يروج لهذا البعض، في اتخاذ الحوار وسيلة لربح الوقت أو للتهرب من الالتزامات".