أثارت الفاجعة الأليمة بجماعة سيدي بولعلام بإقليم الصويرة، والتي أودت بحياة 15 امرأة وجرح 7 أخريات بسبب التدافع لحظة توزيع مساعدات غذائية من لدن أحد المحسنين أمس الأحد، ردود فعل غاضبة ومتباينة وسط الرأي العام المغربي والهيئات السياسية والحقوقية. وفي الوقت الذي لم تُعلن فيه الحكومة عن أية إجراءات لعدم تكرار حوادث الموت من أجل لقمة العيش، اكتفى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، بتدوينة على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، لتقديم التعازي والمواساة إلى عائلات الضحايا مؤكداً أن "الجميع مدعو لتحمل مسؤوليته لتجنب تكرار مثل هذه المأساة". تضامن فايسبوكي وعلى المنوال نفسه، انضمت بسيمة الحقاوي، وزيرة الأسرة والتضامن والمساواة والتنمية الاجتماعية، إلى حملة التضامن الفايسبوكي، وقالت على صفحتها: "الألم شديد.. وحزني كبير على ما وقع في الصويرة فهي فاجعة بحق؛ مصابنا جلل في وفاة نساء ومن ورائهن أسر نقدم لها خالص العزاء...". وزادت: "فإن كنا نقدر قيمة التضامن الأصيلة فينا نحن المغاربة، والتي تقوم بها، بنية طيبة، عدة جهات سواء المحسنين الأفراد أو الجمعيات، فإننا نرى ضرورة تأطيرها دائما من لدن السلطات والمصالح المختصة في الميدان حفاظا على سلامة المواطن وحرصا على كرامته". التعليقات الحكومية على الواقعة جرّت على المسؤولين سخرية واسعة من قبل نشطاء مغاربة، والذين أكدوا أن "المغاربة لا يحتاجون إلى من يتضامن معهم بعد الموت بسبب الجوع، وإنما إلى محاسبة من كان سببا في تفقير المواطنين ونهب ثروات وخيرات بلادهم". وفي الصدد ذاته علق ناشط على تدوينة العثماني قائلاً: "رئيس حكومة برتبة مواطن/ مدون فايسبوكي عادي.. يقدم التعازي كغيره من الفيسبوكيين ويتألم كسائر المتألمين". وزاد متسائلاً: "ماذا قدمت لنا ولهؤلاء النسوة اللاتي لقين حتفهن بطريقة بشعة حاطة من الكرامة سوى حروف رتبتها على عجل في ساعة متأخرة من الليل؟". مواطن آخر علق غاضبا على تدوينة رئيس الحكومة: "فاجعة الصويرة لو حدثت في دولة تحترم نفسها وتحترم مواطنيها لأعلنت الحداد، كأول إجراء، ولقدمت الحكومة، التي في عهدها وقع ما وقع، الاستقالة؛ لكن "يبدو" أننا يلزمنا وقتا طويلا لتحقيق هذه الأمنية/ المعجزة .. وإلى حين تحقيق ذلك سنستمر في حصد الأرواح وسنستمر في عيش المآسي وسنستمر في التباكي". المعارضة تُندد في المقابل، أدانت جماعة العدل والإحسان فاجعة "سيدي بولعلام"، ودعت الرأي العام إلى "التفاعل مع هذا الحدث بما يضمن للمواطن المغربي حقه في العيش الكريم، والانتفاع بخيرات بلده الذي يستأثر بها المفسدون"، وحمل التنظيم الإسلامي المعارض مسؤولية ما وقع إلى "الدولة المغربية بجميع مؤسساتها ومستوياتها". وأورد القطاع النسائي لجماعة العدل والإحسان، في بيان له، أن الحادثة المروعة تبرز بما لا يدع مجالا للشك "واقع الفساد والاستبداد الذي يرزح تحت ثقله المغاربة، ومدى استئثار المربع الحاكم ومن والاه بثروات البلاد والعباد التي تهدر بغير وجه حق في المهرجانات الساقطة والحفلات المائعة والأعراس الرياضية، والمشاريع الوهمية دون التفات إلى الملايين من المغاربة الذين أنهكهم الضنك والفقر والجوع في زمن مغرب الصفقات الخارجية والقطارات السريعة والقمر الصناعي". وبدوره، قال حزب النهج الديمقراطي المعارض إن "النظام الحاكم يتحمل مسؤولية فاجعة الصويرة من وفيات وجرحى، كما نحمله المسؤولية عما آلت إليه أوضاع النساء عامة من فقر وتهميش وما يمارس ضدهن من استغلال واضطهاد". وربط الحزب اليساري بين هذه المأساة والسياسات الحكومية، حيث أوضح أنه "في الوقت الذي يتحدث فيه الجميع عن مشروع القانون الخاص بحماية النساء من العنف، تستمر الدولة المغربية في ممارسة أشد أنواع العنف على النساء، العنف الاقتصادي الذي تتفرع عنه مختلف أنواع وأشكال العنف الأخرى". وأكد "رفاق البراهمة" أن العنف الذي يواجه المغربيات "لن تصده المساطر والآليات الحمائية المطروحة في القانون، لأنه عنف سياسي ممنهج، تذهب ضحيته كل الفئات المسحوقة وعلى رأسها النساء، عنف أجهز على أسمى حق من حقوق الإنسان ألا وهو الحق في الحياة". حزب الأصالة والمعاصرة دخل أيضا على خط الفاجعة، وعبّر عن حزنه وتضامنه مع عائلات الضحايا في هذا المصاب الأليم، وشدد على ضرورة فتح تحقيق في كل ملابسات الفاجعة وكشف نتائجه للرأي العام وترتيب الآثار القانونية. وأعلن "الجرار"، في بيان له، أنه سيتابع هذه القضية باهتمام بالغ، وأنه "سيمارس اختصاصاته وصلاحياته وفق ما يمنحه له الدستور والقوانين الجاري بها العمل، وعبر مختلف المؤسسات بما فيها التشريعية عبر فريقيْه البرلمانييْن بالمطالبة بتخصيص الجلستين الأسبوعيتين للأسئلة الشفهية لهذه الفاجعة، والاستدعاء العاجل للوزراء المعنيين إلى اللجان البرلمانية الدائمة المتخصصة، ومساءلة الحكومة عن واجبها في حماية كرامة المواطن وضمان حقه في الحياة والعيش الكريمين". وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس قد وجه أوامره إلى السلطات المختصة بمدينة الصويرة، لاتخاذ كافة الإجراءات اللازمة من أجل تقديم الدعم والمساعدة الضروريين لعائلات الضحايا والمصابين في الفاجعة التي نجمت عن تدافع مئات النساء حول نيل مساعدات غذائية. وأفادت وزارة الداخلية، في بلاغ يوم أمس، بأن "الملك محمدا السادس، مشاطرة منه لأسر الضحايا آلامها في هذا المصاب الجلل، وتخفيفا لما ألم بها من رزء فادح، لا راد لقضاء الله فيه، تكفل شخصيا بلوازم دفن الضحايا ومآتم عزائهم وبتكاليف علاج المصابين".