قال حكيم بنشماش، رئيس مجلس المستشارين، إن التطور التقني والانتشار السريع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات واستخدام الوسائل الإلكترونية الحديثة، وما أحدثه ذلك من تغيير إستراتيجي في طبيعة النشاط البشري بشكل عام، والاقتصادي منه على وجه الخصوص، "نتج عنه إحداث تغييرات جذرية وجوهرية في مختلف بنيات الاقتصاد وطرق ووسائل تنفيذ الأنشطة الاقتصادية، وتفكيك الأشكال التقليدية، والذي يعبر عن توجه جديد ومستقبلي للعالم، تكون فيه المعلومات الركيزة الأساسية للاقتصاد". واعتبر بنشماش، في كلمته الافتتاحية خلال الملتقى الإقليمي حول "القانون والاقتصاد الرقمي: الرهانات والتحديات وتسوية المنازعات"، المنظم من طرف المركز الدولي للوساطة والتحكيم بالرباط، (اعتبر) أن هذا النوع الجديد من الاقتصاد "تتحول في إطاره المعرفة إلى شكل رقمي وتصبح من أهم السلع في المجتمع، وتعتمد على العقول البشرية بشكل رئيسي وعلى القوانين المواكبة، سواء على مستوى التنظيم أو على مستوى إدارة المنازعات التي قد تنجم عن معاملات الاقتصاد الرقمي والتجارة الإلكترونية". رئيس مجلس المستشارين أوضح أن موضوع التحكيم الإلكتروني يعدّ "من المواضيع الأكثر إثارة للجدل القانوني في وقتنا الحاضر، لما له من دور فعال في المنازعات الناتجة عن التجارة الإلكترونية؛ لذلك فإن الإجابة على السؤال الذي طرح في أرضية الملتقى لا يمكن أن تتم إلا من خلال تحليل رهانات وتحديات التجارة الإلكترونية ودور التحكيم الإلكتروني في حل المنازعات التي قد تحدث بسببها". وبخصوص التجربة المغربية أضاف بنشماش أن المغرب من البلدان التي انخرطت بقوة في هذه الثورة الرقمية، مستدلا على ذلك بالأرقام التي جاءت في التقرير السنوي الأخير لسنة 2015 للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات بخصوص نسبة ولوج المغاربة إلى خدمات الهاتف النقال والإنترنت، والذي اعتبر أن سنة 2015 هي سنة الإنترنت المتنقل بامتياز، "إذ قاربت حظيرة المشتركين في خدمة الإنترنت 14.5 ملايين مشترك مع نهاية سنة 2015، كما بلغت نسبة النفاذ إليها %42 .75 من الساكنة، وهو رقم قياسي. ويعزى هذا النمو إلى دينامية الإنترنت المتنقل الذي بلغت حظيرة المشتركين فيه قرابة 13.34 مليون مشترك خلال السنة نفسها". الرهان بالنسبة للمغرب في قطاع تكنولوجيات المعلومات، وفق المتحدث دائما، "لا يقتصر على المحافظة فقط على المكتسبات، بل يتعلق الأمر على الخصوص بتمكين المغرب من الاندماج في الاقتصاد العالمي للمعرفة من خلال الإدماج المكثف والتعميم الواسع لتكنولوجيات المعلومات على مستوى جميع الفاعلين في المجتمع: الدولة والإدارات والمقاولات والمواطنين، ومواكبة ذلك بتوفير الإطار القانوني- والتنظيمي والمؤسساتي الملائم". واستعرض بنشماش في كلمته عددا من الإجراءات القانونية والتنظيمية والمؤسساتية المواكبة لاندماج المغرب في تطور تكنولوجيا المعلومات، "أهمها إصدار القانون 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية وتنصيصه على التوقيع الإلكتروني، والقانون 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، والذي أحدث اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي، ثم المجلس الوطني لتكنولوجيات الإعلام والاقتصاد الرقمي، إضافة إلى عدد من البرامج الحكومية الرامية إلى تأهيل بلادنا لمواكبة هذا التوجه العالمي، من قبيل الحكومة الإلكترونية، وإستراتيجية المغرب الرقمي"، وفق تعبيره. واعتبر رئيس مجلس المستشارين في آخر كلمته أن الملتقى، المنظم طيلة يومي 15 و16 نونبر، "يعد فرصة للوقوف على الرهانات والتحديات التي تواجه الاقتصاد الرقمي في بلداننا؛ وذلك في ظل الاختلافات والتباينات التشريعية والتنظيمية، ومناسبة للبحث عن الحلول القانونية والعلمية المقترحة لكسب الرهانات ومواجهة التحديات. ولفت إلى إبراز دور القضاء والتحكيم والوساطة الإلكترونية في تسوية منازعات الاستثمار والاقتصاد الرقمي والتجارة الدولية"، مشيرا إلى أن توفير الإطار القانوني والتنظيمي المناسب "أصبح ضرورة ملحة لتوفير بيئة مناسبة، سواء بإدخال تعديلات على القوانين القائمة بشكل يجعلها تستجيب بشكل أكبر للمتطلبات التي يفرضها تطور الاقتصاد والاستثمار الرقمي والتجارة الإلكترونية لحماية البيانات والمعاملات الإلكترونية للفاعلين في القطاع، أو تبني قوانين متخصصة لتنظيم مختلف جوانب هذا الاقتصاد الجديد".