بَعيدا عن "موضة النوّاح" و"الهرج" و"التفوّه بكل شيء ولا شيء"، هو هادئ ورصين بلا كلل أو ملل، لا يكسر سكونه سوى هدف أو رقم يدخل الرياضة المغربية قلعة الإنجازات، فتجده يتفنّن في توثيق اللحظة وجعلها راسخة في الأذهان بصوته الرنّان، الذي مازال صداه في آذان المغاربة. هو سعيد زدوق صاحب الحنجرة الذهبية التي زفّت أبرز إنجازات الرياضة الوطنية للمغاربة، ذاكرة "حُلوَة" للشارع الرياضي المغربي، وخصوصا "مجانين المستديرة" الذين مازالوا يستمعون لإيقاعات وصفه الدقيق لمباريات تاريخية، تهم المنتخب الوطني المغربي، كلما حنّوا للزمن الجميل لعبا وتعليقا. "ملك المايكروفون" الذي اقتحم بيوت المغاربة في ثمانينيات القرن الماضي، فكان الضيف المرحّب به، آنس بصوته الشغوفين في أكثر فترات مباريات "الأسود" حرجا، برباطة جأشه والتزامه في مهامه، يرسم للمتلقي لوحات جميلة بصوته إلى أن "يأتي الفرج" بهدف من البهجة أو التيمومي أو بصير، أو غيرهم، فيصيح برقي السُّمر: "إيصَابَاااا"، آذِنا للأنصار بالفرح كما يحلو لهم؛ فلا خوف على مسامعهم وأحاسيسهم في حضرة تعليق بصوت سعيد زدوق. ابن حي تواركة في الرباط، حيث رأى النور عام 1957، حاصل على إجازة في العلوم القانونية؛ ولج مجال الإعلام السمعي البصري صدفة خلال سبعينيات القرن الماضي، عندما كان مهتما آنذاك بأن يشتغل ليعين أسرته ويعفيها من مصاريفه، قبل أن يثبّت الأقدام في "دار البريهي"، حيث تقاذفته المصالح ككرة استقرّت أخيرا أمام الميكرفون، حينها صنع لنفسه حلما ووعد بتحقيقه؛ تعليق مغربي بسيط ينافس به "ماركات الخليج"، فكان له ما أراد، لينجح في عزّ بروز هذه الأخيرة في القنوات الرياضية العربية، قبل سنوات، محققا الاكتفاء لدى المشاهد المغربي حين ملّ "نمطية التعليق القادم من الشرق". بعد المباراة المصيرية للمنتخب الوطني المغربي أمام نظيره الإيفواري، التي انتهت في أبيدجان بثنائية لصالح "أسود الأطلس"، وتأهلهم إلى "روسيا 2018" بعد إجراء الجولة الأخيرة والحاسمة من منافسات المجموعة الإقصائية الإفريقية الثالثة، افتقد المغاربة صدى تعليق زدوق على هدفي نبيل درار والمهدي بنعطية، بينما استحضروا صوته على هدفي خالد رغيب في 8 يونيو 1997 وعبد السلام الغريسي في 10 أكتوبر 1993، وهو يصف المناسبتين المؤهلتين النخبة الوطنية إلى مونديالَي فرنسا وأمريكا، عامي 1998 و1994، باحترام التوالي. أدخل المغاربة إلى "العالم الرياضي" وداعب أسماعهم بتعليقه الفريد على المباريات، وتنشيطه الراقي بحضور ضيوف إلى البرامج التي مر منها.. لكنه اختفى عن ملمح الناظرين إلى التلفزة الوطنية، لكنه باق وماض في توزيع الهمسات على أصحاب الذوق العالي هناك في إحدى الإذاعات الخاصة. * لمزيد من أخبار الرياضة والرياضيين زوروا Hesport.Com