"دونور" كما يحلو للشارع الكروي البيضاوي تسميته، هناك وسط العاصمة الاقتصادية حيث امتزج الأخضر والأحمر بين حواريها وشوارعها، كما اختارهما التاريخ ألوان الوطن.. من الإطار المكاني ذاته انبعثت نسائم تاريخ كروي مشرق لمنتخبنا الوطني لكرة القدم، ومن الملعب ذاته كتب تاريخ "الأسود" مع إقلاع أول طائرة من البيضاء إلى مكسيكو. أزيد من 20 ألف متفرّج في الملعب الشرفي "دونور" تصدح "مكسيكو.. مكسيكو..". نعم، لقد تأهّل المنتخب الوطني إلى نهائيات كأس العالم "مكسيكو1970" لأول مرّة في تاريخه، حيث كان لجماهير البيضاء فضل كبير في دفع العناصر المغربية من أجل تحقيق "الحلم"، ذات يوم من أكتوبر 1969، حين بصم "الرجاوي" حمان على ثنائية أمام المنتخب السوداني، في مباراة انتصر فيها "الأسود" بثلاثية نظيفة، حاجزين بطاقة السفر إلى "Leon" في قلب المكسيك.. هناك حيث بدأ "أسد الأطلس" في الزئير. تغيّرت معالم محطّتنا نحو "العالمية" فأضحى "دونور" يحمل اسم مركب محمد الخامس بطاقة استيعابية أكثر من السابق، لكن الحماس ظل نفسه من جانب جماهير البيضاء، ليضرب المنتخب الوطني موعدا آخر مع محطّة حاسمة في تاريخ كرة القدم الوطنية، وصفحة جديدة خطّت على المستطيل الأخضر للعاصمة الاقتصادية.. 28 يوليوز 1985 وأمام أزيد من 50 ألف متفرج، هزّ كل من محمد التيمومي وعزيز بودربالة شباك المنتخب المصري، ليمهّدوا الطريق نحو الدور الإقصائي الأخير المؤهّل إلى "مونديال 1986". تتمة القصّة انتصار بثلاثية أمام ليبيا ورحلة مجدّدة إلى المكسيك، ليزأر "الأسد" من جديد في مونتيري وغوادالاخارا.. وإن سألتم عبد السلام لغريسي، الهداف التاريخي للبطولة الوطنية، عن أفضل أهدافه، لن يتردّد في سرد فصول هدفه في مرمى المنتخب الزامبي برأسية بديعة في المرمى المقابلة للمدرّج الشمالي لمركب محمد الخامس في الدارالبيضاء، فسجّل المؤرّخون أن "الأسود" بلغوا نهائيات كأس العالم في بلاد العم "سام"، للمرة الثالثة، في تاريخ 10 أكتوبر 1993. "الحضريوي.. بإماكانو باش يمرر.. تمريرة جميلة.. فرصة وهدف.. هدف جميل ديال رغيب". كلمات المعلّق الرياضي سعيد زدوق، التي لازال صداها يتردّد داخل الذاكرة الرياضية للكرة المغربية، لمن لم يحظ بفرصة الحضور ضمن ال 65 ألف متفرج التي حضرت إلى مركب محمد الخامس في تلك الليلة من يونيو 1997، من أجل تشجيع المنتخب الوطني لبلوغ "المونديال" للمرة الرابعة في تاريخه.. الطائرة المتّجهة صوب باريس انطلقت عبر مطار الدارالبيضاء قبل 20 سنة من الآن.