لم يسلم تاريخنا العربي والإسلامي من الأخطاء والانحرافات والتحريفات والمحرفين،ولقد استوعب تراثنا الفقهي والأصولي والكلامي والسياسي الكثير من تلك الانحرافات،وفي كل وقت كان يتصدى لتصحيحها وردها العلماء المتنورون ممن لم يكونوا يقيمون وزنا للتحيزات أو التعصبات أو الإملاءات،ولم يكن ديدنهم الإجابة عن الفتاوى تحت الطلب لقاء أجور معلومة أو مجهولة،وضاعت وحدة المسلمين بين ثلاثة أساطير: طاعة ودمعة وحملة : فمُثِّل لشدة الانقياد والطاعة العمياء "بالطاعة الشامية" مؤداها "اعتقاد كثير من قدماء الشاميين أتباع بني أمية أن الإمام تجب طاعته في كل شيء،وأن الله إذا استخلف إماما تقبل منه الحسنات،وتجاوز له عن السيئات" 1،وعندما نبه المقريزي على مثالب حكام بني أمية ذكر منها "وجعلوا الرسول دون الخليفة"2،إنها طاعة اختزلت عقلية الولاء غير المشروط للسلطان،وتجليا واضحا للانقلاب الأموي على الخلافة الراشدة لصالح الملك العضوض الذي قهر الناس بالاستبداد وبيعات الإكراه،وأسفرت أجرأة الأسطورة على مآس تاريخية لا تزال آثارها ماثلة للعيان في واقعنا المعاصر وتنقلها الفضائيات بالبث المباشر،وغلبت الطاعة عدة حرمات: غلبت الطاعة حرمة أهل البيت والقرابة يوم قتل سبط الرسول صلى الله عليه وسلم وابن فاطمة البتول الحسين بن علي في واقعة كربلاء،وفي ذات الوقت غلبت حرمة الزمان لما وقع قتله في الشهر الحرام وغلبت حرمة الصحبة والصحابة لما قتل المئات منهم في وقعة الحرة،وعندما استحل يزيد المدينة ثلاثة أيام سنة 63 ه،وقتل قبل ذلك الصحابي الجليل حجر بن عدي رضوان الله عليهم وغلب الطاعة حرمة المكان لما رميت الكعبة بالمجانيق لإخماد الاحتجاجات الوجه الآخر لتلك الطاعة العمياء انبعاث عصبية قبلية قاتل أصحابها على القومية لضمان عدم خروج مقاليد الحكم من أيدي الأسر المتعاقبة على حكم المسلمين لتكريس مصادرة حقهم في انتخاب من يحكمهم إما باسم السلطنة السنية أو باسم الإمامة الشيعية،وآلت الطاعة والقومية إلى استبداد حداثي في صورة ملكيات وجمهوملكيات. ومُثل لشدة الحزن واستشعار المظلومية بعبارة "أرق من دمعة شيعية"،وغير خاف ما لتلك العبارة من صلة باستشهاد الحسين والكثير من رجال أهل البيت عليهم السلام،وسرى ذلك الحزن في النفوس،على نحو شكل سمة مصاحبة لفئة من المسلمين (الشيعة)،ورسم لها رؤى وأفكار وعقائد وُجد فيها الصحيح والمنحرف،ولاحظ البعض ذلك التطرف في الحزن فحملهم على الاعتقاد بأن ثمة سلوكات تدفع باتجاه "طقسنة" التشيع،واعتقد آخرون بأن الطريق التي تُحيى بها ذكرى المقتل لا تفيد إلا في تنزيف الجروح واشتقاق سلوك الأجيال من أكدار المأساة. ومُثِّل لصلابة الموقف والخروج المسلح وعدم القبول بالاختلاف بعبارة "أشد من حملة خارجية"،وبسبب تلك الشدة التي لم يتحل أصحابها بالمرونة اللازمة انقرض الخوارج إلا أنهم أثروا نفسيا وعقليا وفكريا في أوساطهم،ومثلوا سلفا لتيارات الجمود والتحجر والتكفير والقتل على الهوية ،وإن كان في ذلك الوقت قد أعوزهم المال لتدبير اختلافهم مع الجماهير،فإن العزيمة لم تعوزهم كي يسلطوا عليها سيوفهم،وفي الأعصر المتأخرة سقت أموال النفط و"المدخر التيمي" ذلك الفهم مياه الحياة ،وأصبحت تمثله على مستوى الدولة دولتا "الوهابية الشيعية/إيران" والوهابية السنية/السعودية" التي أخذت على عاتقها "مسؤولية" تخريب الربيع العربي وسلوك سياسة انتحارية وعبثية وغبية،بتبديدها لأرصدة القوة ،واستخدام الحرمين الشريفين لأجل ذلك لا خدمتهما،والارتماء في أحضان أمريكا ودوائر الاستكبار العالمي ،وتحنيط الدين،وتزييف الوعي،وعبادة الأشخاص الحاكمين،وعلى مستوى المجتمع ميليشيات الشبيحات الشيعية والدواعش السنية الأمريكية الصنع والهوى،فورث الجميع أسوأ ما في عالم التسنن وأسوأ ما في عالم التشيع. ولقد أدى التماس الشرعية الدينية للأحداث والوقائع التاريخية المرتبطة بالأساطير الثلاثة السالفة الذكر إلى ظهور الوضع في الحديث النبوي،فاستشعر كل من الصحابة والقرابة والعلماء خطورة الموقف وفداحة الخطب فشرعوا في وضع معايير ومقاييس لتمييز صحيح الأخبار والمرويات من مكذوبها،وفي هذا الباب روى الخطيب البغدادي عن محمد بن سيرين أنه قال:"كان الناس في الزمن الأول لا يسألون عن الإسناد حتى وقعت الفتنة،فلما وقعت الفتنة سألوا عن الإسناد" 3،ونقل الكشي في كتاب الرجال عند ترجمته للمغيرة بن سعيد قول الإمام جعفر الصادق عليه رضوان الله:"كان المغيرة بن سعيد يتعمد الكذب على أبي (محمد الباقر)،ويأخذ كتب أصحابه،وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبي يأخذون في الكتب من أصحاب أبي،فيدفعونها إلى المغيرة،فكان يدس فيها الكفر والزندقة ويسندها إلى أبي ثم يدفعها إلى أصحابه،ويأمرهم أن يبثوها في الشيعة،فكل ما كان في كتب أصحاب أبي من الغلو فذاك ما دسه ابن سعيد في كتبهم" 4 وقال أيضا:"إن المغيرة كذب على أبي فسلبه الله الإيمان،وإن قوما كذبوا علي مالهم أذاقهم الله مر الحديد" 5 تعليقا على هذين النصين نسأل كم من المرويات الملفقة والمكذوبة دسها المغيرة بن سعيد في الكافي للكليني ومن لا يحضره الفقيه لابن بابويه القمي والتهذيب والاستبصار لشيخ الطائفة الطوسي،وبالمثل كم من المرويات المكذوبة دسها الوضاعون في المدونات الحديثية لأهل السنة؟ وإذا كان التصور هو عنوان التصرف،فإنه قد ترتب عن الوضع والتحريف سلوكات وأعمال منحرفة ومشينة عمقت الخلافات وكرست التعصب المذهبي،من ذلك ما ذكره ابن العماد الحنبلي في أحداث سنة 348 ه لما اتصلت الفتنة بين الشيعة والسنة وهلك خلق كثير،وتعطلت الصلوات في المساجد،ولما أظهر الشيعة الاحتفال بعيد الغدير المصادف ليوم الثامن عشر من ذي الحجة لاعتقادهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم نص على ولاية علي رضوان الله عليه في هذا اليوم،عمد أهل السنة وجعلوا بإزاء يوم الغدير يوم الغار عندما صحب أبو بكر رضوان الله عليه الرسول صلى الله عليه وسلم في طريق الهجرة واختفيا في الغار،وروى محمد بن المنتشر عن أبيه أنه قال:"بلغنا أنه من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته،فتعقبه ابن تيمية بالقول:"وهذا بلاغ منقطع لا يعرف قائله،والأشبه أن هذا وضع لما ظهرت العصبية بين الناصبة والرافضة،فإن هؤلاء أعدوا يوم عاشوراء مأثما،فوضع أولئك آثارا تقتضي التوسع فيه،وكلاهما باطل" 6 ونتيجة النزاع المذهبي أقيم سد منيع للحيلولة دون احتجاج فريق بما يرويه الفريق الآخر،فكان لازم قول أهل السنة في مرويات الشيعة بطلانها كلها،وكان لازم قول الشيعة في مرويات السنة بطلانها كلها أيضا،والحقيقة هي أن في تراث الفريقين الحديثي حقا وباطلا،وغثا وسمينا،والأليق والأجدر هو التحلي بالموضوعية والإخلاص والتجرد لنَخْل ذلك التراث كله لبيان المرويات المشتركة،والمرويات التي انفرد بها كل فريق،والمرويات الجلية الكذب والوضع والمخالفة لصحيح المنقول وصريح المعقول. ويكفي اطلاع يسير على كتب الدراية والمصطلح الحديثي لمعرفة الجهد الكبير الذي بذله علماء الحديث والجرح والتعديل في دراسة السنة ونقدها،إما نقدا داخليا أي دراسة أسانيد الأحاديث ببيان أحوال نقلة الروايات،وإما نقدا داخليا أي دراسة متون الروايات والأقوال التي تنتهي إليها الأسانيد،وارتبطت بكلا النقدين علوم تظهر تهافت الادعاء الاستشراقي بأن العلماء كانوا يكتفون بالنقد الخارجي للأحاديث دون الالتفات إلى النقد الداخلي،ولم أجد من المعاصرين أبرع من الدكتور نور الدين عتر رحمه الله في إبراز العلوم المختلفة التي ارتبطت بعلم الحديث دراية 7،كالعلوم الحديثية المعرفة بحال الراوي من حيث عدالته وضبطه،ومن حيث سلامة عقله في كبره حتى لا تتأثر المرويات،ومعايير الجرح،ومعايير التعديل،وأسباب الجرح وأسباب التعديل والألفاظ والمصطلحات المستعملة للجرح والتعديل،وكالعلوم المعرفة بشخص الراوي من حيث تواريخ الرواة وطبقاتهم والسابقون واللاحقون،ومن روى من الأبناء عن آبائهم،ومن روى من الآباء عن أبنائهم،وعلوم أسماء الرواة ،من ذكر منهم بأسماء مختلفة،ومن اشتهر بكنيته دون اسمه،أو بلقبه،أو بنسبته القبلية،وأوطان الرواة وبلدانهم،وعلوم الحديث من حيث القبول والرد كشروط الحديث الصحيح،وحكمه،والحديث الحسن،والحديث الضعيف وأنواعه من مضعف ومتروك ومطروح وموضوع،وعلوم المتن من حيث قائله :هل الحديث قدسي أو مرفوع أو موقوف أو مقطوع،وعلوم السند من حيث اتصال سند الحديث أو انقطاعه هل سقطت حلقة واحدة فهو منقطع أو حلقتان فهو معضل،هل تلك الحلقة صحابي فهو مرسل،هل في أول الحديث فهو معلق،وهذا النوع وارد في جامع البخاري على ضربين ضرب بصيغة الجزم،وضرب بغير صيغة الجزم،ولكل ضرب حكم،والجاهل بهذا لا يتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود،كما أسسوا علوما في اختلاف روايات الحديث،وهذا الصنيع منهم يبرز الواقعية التي كانوا يتحلون بها،فالبخاري وهو يجمع الحديث كان ينطلق من موقع المتخصص الخبير،والمخطئ في تخصصه لا يقال له كذاب،وإنما يقال كذاب ومتطاول وجاهل للمخطئ في غير تخصصه،وما كان البخاري يقول ويعتقد أنه يجمع كتابا لم يقل عنه إنه أصح كتاب بعد كتاب الله،كما أن أئمة المذاهب وهم يبذلون العلم لطلبتهم لم يكونوا يعتقدون أنهم يؤسسون لمذاهب،كل ذلك طرأ فيما بعد ،إثر عملية التدوين. فذكروا وهم في سياق الحديث عن اختلاف روايات الأحاديث زيادات الثقات،والشاذ والمنكر والمضطرب والمقلوب والمصحف والمعلل والمدرج أي ما يكون من كلام الراوي ويحسبه السامع من متن الحديث ويثبته في نسخته بذلك الإدراج فيصير الحديث ضعيفا. إن هذه العلوم الحديثية المتصلة بدراية الحديث تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن الأمر يتعلق "باختصاص صناعي" لا يقبل مجرد القراءة العابرة من أشخاص زادهم وملفهم العلمي لا يتعدى "كاتب باحث في نقد التراث الديني،وعلم مقارنة الأديان وصحفي بجريدة رسالة الأمة"، وعندما اطلعت على ترهات أحد المتطفلين ،كنت أقدم رجلا وأأخر أخرى لاسيما وأنه ليس من شيمي ولا من أخلاقي أن أذكر مستواي العلمي ولا شهاداتي،نطرق باب الله بالعجز، وأجدني مضطرا لذكر ذلك ما دام الأمر يرتبط بعلم دقيق هو علم الحديث الذي له تعلق بالأصل المرجعي الثاني للأفكار والأذكار بعد القرآن الكريم،ففي عام 1998 حصلت على دبلوم الدراسات العليا في القرآن والحديث (دكتوراه السلك الثالث)،وفي عام 2003 حصلت على الدكتوراه في الفقه وأصوله،فيسر لي المعطي الوهاب الجمع بين الاطلاع على علم الحديث رواية والاطلاع عليه دراية،أي نصا وروحا ومقاصد،وإن كنت أنسى فلن أنسى أيام الطلب لدبلوم الدراسات العليا المعمقة عندما تناولنا بعض الأحاديث التي انتقدت على البخاري في السند أو في المتن،وكيف عالج المحدثون تلك الإشكالية كابن حجر والدارقطني وابن الصلاح وغيرهم،وكنا ونحن نمارس البحث بشغف نتعامل مع تراث الرجل (البخاري) كبشر يمكن أن يخطئ وأن يصيب،وليس معصوما،وكلام الله هو الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. إنها صناعة كما قال وأكد ابن خلدون رحمه الله،ولذلك لجأ إليها علماء الحديث الشيعة عند نقدهم للروايات فاعتمدوا الكثير من مصطلحات أهل السنة تقليدا للنهج الدراسي الحديثي الذي اتبعوه وأسسوه،ولذلك قال الحر العاملي معترفا بهذه الحقيقة:"الاصطلاح الجديد موافق لاعتقاد العامة واصطلاحهم،بل هو مأخوذ من كتبهم كما هو ظاهر بالتتبع "8،وهو يقصد بالاصطلاح الجديد تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن وضعيف،ورفض الحر هذا التقسيم لسببين: أولا: للأمر الوارد بوجوب مخالفة العامة أي أهل السنة،قال الحر:" وقد أمرنا الأئمة عليهم السلام باجتناب طريق العامة)9 ثانيا: لأن "الاصطلاح الجديد يستلزم تخطئة جميع الطائفة المحقة في زمن الأئمة عليهم السلام،وفي زمن الغيبة" 10 ،ولذلك رُسِّم معيار مخالفة العامة للترجيح بين الروايات المنقولة عن الأئمة إذا استوت في درجة الثقة والشهرة والعلم،وفي هذا الباب روى محمد بن بابويه القمي أن رجلا سأل أحد الأئمة:"إن كان الخبر منكم مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟قال الإمام:ينظر فما وافق حكمه كتاب الله والسنة وخالف العامة أخذ به،قلت:جعلت فداك وجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والآخر مخالفا لهما بأي الخبرين يؤخذ؟قال:بما خالف العامة فإن فيه الرشاد" 11 ،وعملا بهذا المعيار ذكر البهبهاني من أسباب ذم الراوي:"ومنها أن يكون رأيه أو روايته في الغالب موافقا للعامة"12 ،وهو لعمري يمثل وصفة سهلة لتخريب أي وحدة أو سعي للتفاهم. إن التعرض بالنقد للأصلين الحديثيين عند السنة والشيعة جامع البخاري وكافي الكليني وقع من طرف علماء كل فريق،وإن القول بأن كل ما يحتويه كتاب البخاري أو كتاب الكليني كذب في كذب ما هو إلا نتيجة للنزاع المذهبي وإرادة إحساس متطفلين على الصناعة الحديثية بنشوة انتصار عابرة،في خضم حالة الاستقطاب والحريق المذهبي والطائفي الذي يوشك أن يأتي على الأخضر واليابس،لينعم الغرب بالهيمنة ونهب الثروات وتخريب الثورات. فالبخاري عمل بمقتضى شرطه هو جمع الصحيح فقط،وانتقائه من آلاف الأحاديث التي كان يحفظها،وعمل الكليني بمقتضى شرطه وهو الحفاظ على الأصول الأربعمائة التي تحتوي على الضعيف والصحيح،ليميز النقاد الخبيث من الطيب،والمرفوع من الموضوع،مهمة علمية شريفة لم تمنع الشيخ جعفر النجفي من القول:"والمحمدون الثلاثة (أي محمد بن يعقوب الكليني ومحمد بن بابويه القمي،ومحمد بن الحسن الطوسي) كيف يُعَوَّل في تحصيل العلم عليهم،وبعضهم يكذب رواية بعض،ورواياتهم بعضها يضاد بعضا،ثم إن كتبهم قد اشتملت على أخبار يقطع بكذبها كأخبار التجسيم والتشبيه وقدم العالم،وثبوت المكان والزمان" 13 ،وتابعه من المعاصرين الإمام أبو القاسم الخوئي قائلا:"فالواصل إلى المحمدين الثلاثة إنما وصل إليهم عن طريق الآحاد،فطرق الصدوق إلى أرباب الكتب مجهولة عندنا ولا ندري أيا منها كان صحيحا وأيا منها كان غير صحيح،ومع ذلك كيف يمكن دعوى العلم بصدور جميع هذه الروايات عن المعصومين" 14 ،ولأن الفقه يبنى على الحديث قال الوحيد البهبهاني:"لا شبهة في أن عشر معشار الفقه لم يرد فيه حديث صحيح،والقدر الذي ورد فيه الصحيح لا يخلو من اختلالات كثيرة بحسب السند،وبحسب المتن،وبحسب الدلالة" 15 قلت:هذا هو كلام أهل العلم المتخصصين لا تخرصات أشباه المتعلمين. وأدى البحث والتقصي بكثير من علماء الحديث السنة إلى الحكم على الكثير من الروايات بالوضع وصنفوا كتبا مستقلة في الأحاديث الموضوعة التي لم يمنع اشتمال أسانيدها على أسماء صحابة وتابعين من الحكم عليها بالوضع ما دامت لم تستوف شروط الصحة والقبول المطلوبة. صنف آخر من الباحثين اهتم بالحديث رواية ودراية،وهم "القرآنيون" أصحاب القراءات الحداثية للقرآن الكريم،الذين يتصدون لدراسة النص القرآني كغيره من النصوص بالأساليب والمناهج البنيوية والتفكيكية،والإغراق في الافتراضات،والانطلاق من مقدمات خاطئة للوصول إلى نتائج خاطئة،والغرض من كل ذلك هو إسقاط الاحتجاج بالسنة النبوية بدعوى اشتمالها على الصحيح والموضوع،وبقصد وبغير قصد يلتقي مع هؤلاء في ذات الهدف من يعتبرون جامع البخاري مجرد أسطورة لم يلتفت إليها لا المفسرون ولا القراء ولا الأصوليون ولا المحدثون ولا اللغويون،ولا الزركشي ولا السيوطي ولا ابن بري ولا الغزالي ولا أبو علي الجبائي ولا محمد باقر الصدر ولا مرتضى المطهري ولا محمد حسين فضل الله حتى جاء الباحث الهمام رشيد أيلال فكشف المستور وياله من اكتشاف عظيم يستحق عليه صاحبه جائزة نوبل.اللهم أمسك علينا عقولنا. الهوامش 1 ابن تيمية،منهاج السنة،1/232 2 أبو العباس المقريزي،النزاع والتخاصم بين بني أمية وبني هاشم،ص 32 3 الكفاية في علم الرواية ص 150 4 الكشي،كتاب الرجال،4/401 5 نفسه 6 اقتضاء الصراط المستقيم ص 299 7 في كتابه منهج النقد في علوم الحديث،ط3،1985،دار الفكر،سورية 8 الحر العاملي،وسائل الشيعة 30/259 9 نفسه 10 نفسه 11 ابن بابويه،من لا يحضره الفقيه 3/9-10 12 الفوائد الرجالية بهامش،كتاب الرجال للخاقاني ص 61 13 كشف الغطاء ص 40 14 معجم رجال الحديث،المقدمة الأولى 15 الفوائد الحائرية ص 488