قال ميلود بلقاضي، الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط، إن قرار الإعفاءات التي طالت وزراء بسبب مشروع “الحسيمة منارة المتوسط” تدخل ضمن المهام الدستوري للملك محمد السادس، وجاءت بعد مسار طويل من التحقيق، ومكنت من وضع حد لمرحلة اتسمت بالحسابات السياسوية والفوضى والتسيب. وأضاف بلقاضي، في ندوة مباشرة نظمها مركز هسبريس للدراسات والإعلام حول موضوع “تأثير إقالة وزراء من طرف الملك على المشهد السياسي المغربي” اليوم الخميس، أن قرار الملك لم يأتِ من فراغ؛ بل جاء نتيجة لمسار طويل ابتدأ منذ توليه العرض. وذكر ميلود بلقاضي، الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط، بأن الملك محمدا السادس قال، خلال توليه العرش، إنه “لا ديمقراطية بغير الديمقراطيين”، وتحدث سنة 2002 عن كون “زمن التساهل انتهى”، وسنة 2003 نادى الأحزاب بأن تختار بين خيار الديمقراطية وخيار الريع والزبونية. ولاحظ المتحدث أن خطاب العرش الأخير تضمن كلمات غير مسبوقة، من قبيل حديثه عن الصدمة من الواقع الاجتماعي للمغرب، وقال إنه يخجل من رؤيته للاختلالات في مختلف المجالات في مغرب 2017؛ لكن بلقاضي قال إن الأحزاب المغربية لم تتفاعل كما يجب. ووصف الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط مرحلة ما بعد إعفاء الوزراء بسبب مشروع "الحسيمة.. منارة المتوسط" ب"مرحلة الحسم بتطبيق المبدأ الدستوري الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة”، مشدداً على أن هذه القرارات اتخذت في فضاء مؤسساتي حين أعلن خلال مجلس وزاري عن تشكيل لجنتين للتحقيق في تأخر مشروع الحسيمة. ولفت بلقاضي إلى أن القرارات التي طالت الفئة الثانية من الوزراء السابقين الذين أبلغهم الملك عدم رضاه تتضمن جانباً عرفياً لا يوجد في الدستور ولا القانون؛ وذلك بمنعهم من تحمل مسؤوليات رسمية في المستقبل، ووصف هذا الأمر ب”الإعدام السياسي". وقال الباحث في الشأن السياسي إن قرار الملك جاء سياق مست فيه هيبة الدولة بكل مؤسساتها، وأضاف قائلاً: “ما وقع في الريف ليس شيئاً عادياً، وتداعياته كانت وطنية وإقليمية ودولية.. وللأسف، الأحزاب السياسية اهتمت بالمقعد أكثر من الالتزامات التي وقعت أمام ملك البلاد". واعتبر بلقاضي أن “ما وقع بالريف ليس بالشيء الهين بالنسبة للمؤسسة الملكية والدولة”، وأوضح أن القرار السياسي القاضي بإعفاء وزراء كان في مستوى الحدث السياسي؛ "لأنه كنا أمام واقع معزول وصعب فقدت فيه الكثير من المؤسسات هبتها". وأشار الأستاذ الجامعي بجامعة محمد الخامس بالرباط إلى أن تأخر تشكيل الحكومة، خلال مرحلة ما عرف بفترة البلوكاج السياسي، كان عاملاً آخر في تحميل الوزراء مسؤولية تعثر مشروع “الحسيمة منارة المتوسط”، وقال إن “ستة أشهر كانت تكلفتها باهظة للدولة والحكومة والأحزاب السياسية، والمسؤولية تقع على وزراء حكومة بنكيران، مقابل إشادة الملك بوتيرة الاشتغال والبحث في الاختلالات للحكومة الحالية، وهذا دليل على القطيعة بين الحكومتين السابقة والحالية". وأوضح بلقاضي أن المغرب كان يعيش منذ سنة 2011 أزمة مؤسساتية، تمثلت في فقدان كل الأحزاب والمؤسسات هيبتها وثقتها، حتى لم يعد المواطن المغربي يثق إلا في المؤسسة الملكية؛ وهو ما اعتبره “أمراً خطيراً، لأن المؤسسة الملكية لا يمكن أن تحكم بدون أحزاب قوية". وشدد ضيف مركز هسبريس للدراسات والإعلام على أن انهيار الوسائط الاجتماعية يصبح معها النظام في مواجهة الشعب، وهو “أخطر ما يمكن أن يهدد الأنظمة السياسية”، وخلص إلى أن “قرار الإعفاء لم يكن عابراً؛ بل كان عن قناعة لملك البلاد باختياره الوقت المناسب لوضع حد لمرحلة تميزت بالحسابات السياسوية والفوضى والتسيب".