لم تفلح بعدُ مساعي المكتب الوطني للماء الصالح للشرب بإقليمتازة في حل أزمة الماء التي تعرفها الجماعة الترابية الزراردة، التابعة لدائرة تاهلة، منذ أكثر من شهرين، بسبب عجز مسجل في المياه الجوفية. وخرجت ساكنة بالجماعة الترابية، التي يبلغ تعداد سكانها أكثر من عشرة آلاف نسمة، إلى الشارع من جديد أمس الاثنين، إذ نظمت وقفة احتجاجية أمام مقر القيادة، داعية المجلس الجماعي والسلطات الإقليمية إلى إيجاد حل لمشكل الماء. يأتي هذا في وقت أمر الملك محمد السادس، في المجلس الوزاري الأخير، بتشكيل لجنة لمواجهة خصاص الماء الصالح للشرب ومياه الرعي في المناطق القروية والجبلية، بعد اتساع رقعة الاحتجاج بسبب الماء في عدد من المناطق الفقيرة. ومنذ شتنبر الماضي وسكان الزراردة يتوصلون بصبيب ماء ضعيف لمدة لا تزيد عن ساعة في الأسبوع، وهو ما جعلهم يعيشون وضعاً صعباً دفعهم إلى الرجوع إلى الشارع بعد أن خاضوا في فصل الصيف اعتصاماً دام حوالي 52 يوماً، مطالبين بفك العزلة عنهم وتوفير الكهرباء لجميع الدواوير. وقال المحتجون، في الوقفة التي نُظمت أمام مقر قيادة الزراردة، إن وضعية القرية تزداد سوءًا، وأشاروا في كلمات ألقوها إلى أنهم "كانوا يطالبون بفك العزلة عن الدواوير وتزويدها بالماء الصالح للشرب والكهرباء، وأصبحوا اليوم يطالبون أيضاً بقطرة ماء في منطقة جبلية لا تبعد عن السد إلا ببضع كيلومترات". وأشار المحتجون إلى أن الطبيبة التي تم تعيينها في المستوصف المحلي الوحيد بالمنطقة، بعد الاحتجاجات التي قادتها النساء، لم تعد تحل بالمركز سوى مرة واحدة في الأسبوع، بخلاف التعهد خلال الاحتجاجات السابقة بحضورها بشكل يومي. وسبق للمحتجين أن عقدوا لقاءين مع عامل إقليمتازة، بخصوص المطالب التي ترفعها الساكنة بالجماعة، إضافة إلى لقاء مع والي جهة فاسمكناس. وقال الناشط فريد غورا، أحد المحتجين من أبناء المنطقة: "وعدونا ببدء أشغال ربط الدواوير بالماء والكهرباء والطرق مباشرة بعد عيد الأضحى، لكن ذلك لم يحدث". وأضاف الناشط خلال الوقفة الاحتجاجية التي حضرها الشباب والشيوخ والنساء: "عوض أن يقدم المجلس الجماعي الذي انتخبته الساكنة حلولاً للمشاكل المطروحة، اختار رئيس المجلس وأحد أعضاء المكتب المسير رفع دعاوى قضائية ضد محتجين". وقال العياشي تاكركرا، الناشط الحقوقي بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتاهلة، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن ساكنة المنطقة تعيش وضعاً مزرياً دفعها إلى الاحتجاج من جديد بسبب الانقطاعات المستمرة للماء، والتذكير بالمطالب السابقة التي لم يتحقق منها أي مطلب. وأضاف تاكركرا أن الشكل الاحتجاجي الذي اختار سكان الجماعة تنظيمه كل اثنين يرفع مطالب مشروعة، من بينها فك العزلة عن دواوير الجماعة عبر فتح الطرق والمسالك، ومعالجة مشكل نقص الماء وتوفير الكهرباء للدواوير التي لم تستفد من التغطية، إضافة إلى إصلاح الطريق الرابطة بين تاهلة والزراردة في اتجاه أهرمومو. وبالإضافة إلى التهميش الذي تعرفه دواوير الزراردة، من غياب للطرق والمسالك والكهرباء، تنضاف اليوم أزمة الماء إلى لائحة المشاكل في هذه القرية، إذ كان قد أفاد مسؤول إقليمي بالمكتب الوطني للماء أن بالفرشة المائية بالمنطقة انخفضت ب80 متراً. ويرجع هذا النقص في الماء إلى انخفاض الواردات المائية بسبب ضعف التساقطات، مقابل ارتفاع الاستعمالات المائية، خصوصاً مع تنامي الضيعات الفلاحية بالمنطقة؛ وهو ما شكل ضغطاً على الفرشة المائية، وتسبب في انقطاع الماء لأكثر من شهرين.