رغم النشاط الإنساني والتطوعي الذي بصم عليه الهلال الأحمر المغربي منذ تأسيسه عام 1957 بمرسوم ملكي ضمن مهمة لمساعدة السلطات المدنية والعسكرية في الميادين الإنسانية والصحية، استقرت في المغرب قبل عامين اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ضمن مهام تسعى إلى حماية ضحايا النزاعات المسلحة والوقوف على مدى احترام القانون الدولي الإنساني. وسط العاصمة الرباط، في حي حسان، يشتغل فريق مغربي ضمن فرع اللجنة الدولية للصليب الأحمر أو ICRC، بعدما كان الفرع السابق مستقرا في تونس العاصمة، حيث تتحرك لجان وخلايا تعمل أساسا على تنسيق الجهود مع السلطات المغربية في قضايا التحسيس بخطورة الألغام في الجنوب المغربي والتوعية بضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، مع مهمة إعادة الروابط العائلية في المملكة وخارجها. وفقا للوثائق التي تقدمها اللجنة الدولية، التي تأسست عام 1863 ويوجد مقرها الرئيسي في جنيف السويسرية، فهي "منظمة مستقلة ومحايدة تضمن الحماية والمساعدة في المجال الإنساني لضحايا النزاعات المسلحة وحالات العنف الأخرى"، ويقوم عملها الرئيسي على "اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، ونظامها الأساسي، والنظام الأساسي للحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، وقرارات المؤتمرات الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر". خلايا نشيطة من أبرز الخلايا الناشطة، التي اطلعت عليها هسبرس خلال لقاء جمعها بممثلين عن اللجنة الدولية للصليب الأحمر بفرع المغرب، تلك التي تعنى بإعادة الروابط العائلية في المملكة، إذ ترتكز مهامها على المساعدة في البحث عن أحد أفراد العائلة أو إعادة الاتصال بأحد أفراد الأسرة أو جمع الشمل بأحد أفرادها سواء داخل البلاد أو خارجها. وتشير اللجنة إلى أن فقدان أحد أفراد العائلة قد يكون بسبب "النزاع المسلح أو حالات العنف الأخرى" أو "الكوارث الطبيعية أو الكوارث من صنع الإنسان" أو حتى "الهجرة"، و"حالات احتجاز معيّنة"، مضيفة أنها تقدم المساعدة حينما يكون فقدان الاتصال لتلك الأسباب، وبين المواطنين المغاربة المحتجزين في الخارج وعائلاتهم في المغرب، وأيضا عندما تكون وسائل التواصل الأخرى (خطوط الهاتف، خدمة البريد...) معطلة أو غير متوفرة. حالات مغربية ومن بين الحالات التي وقفت عليها اللجنة الدولية للصليب الأحمر تلك المتعلقة بمغاربة متواجدين وعالقين في ليبيا، يعيشون على وقع حرب دامية منذ سقوط نظام معمر القذافي قبل ست سنوات، ثم أخرى ذات صلة بمغاربة معتقلين في العراق منذ 2004، بتهم تتعلق بالإرهاب وتجاوز الحدود. المعطيات تشير أيضا إلى أن ICRC ساعدت عام 2014 على تبادل نحو عشر رسائل من رسائل الصليب الأحمر والرسائل الشفهية (سلامات) بين السجناء المغاربة في الخارج وعائلاتهم في المغرب. كما تمكن عدد من الأشخاص من استعادة الاتصال بذويهم المسجونين في غوانتانامو وأفغانستان من خلال ست مكالمات هاتفية بالفيديو يسّرت اللجنة الدولية إجراءها، وهي العملية الجارية حاليا مع معتقل غوانتنامو المغربي ناصر عبد اللطيف، الذي مازال في السجن الأمريكي منذ العام 2001. صلاحيات أكثر بالمغرب في أكتوبر من العام 2014، سيقوم رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر، بيتر ماورير، بزيارة رسمية إلى المغرب، سيلتقي وقتها مع الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون في حكومة عبد الإله بنكيران، امباركة بوعيدة، وسيتوج اللقاء بإبرام اتفاق سيضفي الصفة الرسمية على العلاقات التاريخية القائمة بين اللجنة الدولية والمملكة المغربية منذ استقلالها. الاتفاق سيمنح إثر ذلك اللجنة الدولية، التي تؤكد أنها تقيم علاقات مميزة مع الهلال الأحمر المغربي، الامتيازات والحصانات اللازمة للاضطلاع بأنشطتها وفقاً للمهمة المسندة إليها ووفقاً لإجراءات عملها الاعتيادية، إذ قال ماورير وقتها: "لقد أجرينا محادثات ومباحثات بنّاءة ومثمرة مع السلطات المغربية العليا، ونرجو أن يتيح لنا هذا الاتفاق الاضطلاع بأنشطة مشتركة لصالح الناس". تعاون مثمر ويكشف فريق اللجنة الدولية تعاونه المثمر والمستمر مع جمعية الهلال الأحمر المغربي، بغرض توفير خدمات إعادة الروابط العائلية والمساعدة على تعزيز قدرة الجمعية الوطنية المغربية في هذا المجال، إذ رصدت الجهة الدولية استجابة شبكة متطوعي الهلال الأحمر المغربي في الوقت الحالي لقرابة 10 طلبات بحث عن مفقودين تلقتها من الخارج. قبل ثلاث سنوات أجرى الهلال الأحمر المغربي، بدعم من اللجنة الدولية، تقييمًا لاحتياجات الأفراد من خدمات إعادة الروابط العائلية في شمال البلاد، واتسع نطاق التقييم ليشمل مناطق أخرى من المغرب عام 2015، إذ ترى ICRC أن العملية شكلت فرصة لتعزيز قدرة الهلال الأحمر المغربي على تلبية هذه الاحتياجات، بالإضافة إلى تحديد الاحتياجات لخدمات إعادة الروابط العائلية. التعاون مع السلطات المغربية يشمل بالأساس أيضا قضية نزع الألغام في الصحراء المغربية، حيث مازال خطر الألغام المزروعة منذ حرب الرمال سنة 1963 بين المغرب والجزائر يهدد ساكنة المناطق الصحراوية جنوب المملكة، حيث تتدخل اللجنة الدولية بتنسيق مع الجهات الرسمية من أجل هدف رئيسي هو التحسيس بخطورة تلك القنابل على المواطنين. تحدي القانون الدولي الإنساني رغم أن المغرب ليس ببلد يعيش على وقع توتر مسلح، إلا أن هسبريس لمست من خلال لقائها مع فريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالرباط إصرارا من الطاقم المغربي في الحرص على هدف التوعية بمعالم القانون الدولي الإنساني لدى المغاربة، مواطنين وحكومة ومؤسسات، خاصة في حالات الاحتجاجات والتظاهرات. ويتكون القانون الدولي الإنساني من مجموعة قواعد تضع قيودا على استخدام الأسلحة ووسائل الحرب، ويوفر الحماية للأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية أو الذين كفوا عن المشاركة فيها؛ فيما يطبق في حالتين: "النزاعات المسلحة الدولية التي يشتبك فيها بلدان اثنان على الأقل" و"النزاعات المسلحة التي تقع داخل البلد الواحد..كأن تكون بين الحكومة وقوات متمردة".