أعادت حادثة اقتحام عناصر الأمن بمدينة تطوان لقاعة حفلات لوقف عرس طفلة تبلغ من العمر 12 سنة الجدل حول زواج القاصرات في المغرب. وأكد حقوقيون أنه في الوقت الذي تتحدث فيه الحكومة عن القضاء على هذه الظاهرة، تأتي الواقعة الجديدة لتكشف انتقال تزويج القاصرات من السرية إلى العلنية. وبالرغم من أن القانون المغربي يحضر تزويج القاصرين البالغين أقل من 18 سنة، إلا في حالات استثنائية وبإذن من القاضي؛ فإن أرقاما وإحصائيات كشفت أن ما كان يدخل في نطاق الاستثناء أصبح قاعدة عامة. كما أثبتت المعطيات عدم التزام القضاء بمدونة الأسرة، إذ جرى عام 2013 قبول ملفات طلبات الزواج من دون السن القانونية بنسبة 85.5%، في المقابل بلغت نسبة الطلبات المرفوضة نحو 14.5%، حسب دراسة سابقة. وتنص المادة العشرون من مدونة الأسرة على أن "لقاضي الأسرة المكلف بالزواج أن يأذن للفتاة أو الفتى بالزواج دون سن الأهلية وهو 18 سنة، وذلك بإصداره لمقرر يعلل فيه المصلحة والأسباب المبررة لذلك". أما المادة الحادية والعشرون من القانون ذاته، فتقول إن "زواج القاصر متوقف على موافقة نائبه الشرعي، الذي يوقع مع القاصر على طلب الإذن بالزواج ويحضر معه إبرام العقد، وفي حال امتناعه أو عدم موافقته على الزواج يبت القاضي في الموضوع". من جانبها، تتهم فوزية العسولي، رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة، الحكومة بالتساهل مع ظاهرة "تزويج الطفلات"؛ وذلك عبر الترويج لخطاب يمتح من الدين الإسلامي، لتبرير المحظور قانونياً. وقالت الناشطة الحقوقية، في تصريحات لهسبريس، إن "وزير العدل السابق، الذي يشغل حقيبة حقوق الإنسان في حكومة العثماني، غير مبال بهذه الخطورة والمآسي التي يعيشها المجتمع المغربي"، لافتة إلى أن تصريحات سابقة للوزير المنتمي إلى "البيجيدي" "أيدت زواج القاصرات بمبررات الخصوصية المغربية". وأضافت المتحدثة: "هذا عيب وعار.. الناس يفتخرون بالخصوصية عندما ترفع من شأن البلد وسمعته وتؤدي إلى التنمية والاستقرار والرفاهية، وليس عندما تكرس أشكال العبودية والاضطهاد". وتأسفت العسولي لاستمرار ظاهرة تزويج القاصرات في المغرب، مطالبة بضرورة القضاء عليها بإرادة سياسية، ولفتت إلى أن الحكومة واعية بجميع أشكال التحايل على القانون عبر تصريح العائلات بأن الأمر يتعلق بمجرد خطوبة وليس بزواج، كما وقع مع حالة تطوان. واتهمت الحقوقية ذاتها حزب العدالة والتنمية، من خلال قيادته للحكومة السابقة والحالية، ب"الترويج لخطاب محافظ يحبط كل ما هو متقدم"، وأشارت إلى أن "القانون جاء ليرفع ويوجه السلوك وترك بعض الثغرات التي يتم استغلالها من قبل الحركات الإسلامية التي تستغل الدين للحفاظ على مصالحها السياسية". وعن حالة تطوان الأخيرة، أكدت العسولي أن الأمر يتعلق بتزويج طفلة وليس قاصر، مشددة على أن مدونة الأسرة عندما أكدت على الأهلية كانت تقصد توفر مستوى فكري للفتاة، وليس التأويل المتخلف الذي يرى أنه متى حاضت المرأة فهي قابلة للزواج. وحذرت الناشطة الحقوقية من خطورة تزويج الطفلات، لافتة إلى أن عددا من الولادات بعد هذا الزواج تؤدي إلى الموت، بالإضافة إلى ظهور مجموعة من الأمراض السرطانية بسبب عدم تحمل الجسم لممارسة الجنس.