مباشرة بعدما عيّن أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، هورست كولر مبعوثا أمميا إلى الصحراء المغربية بشكل رسمي، بعدما كان اسمه الأكثر تداولا في الأسابيع الماضية لشغل هذا المنصب، خلفا للمبعوث الأممي السابق كريستوفر روس، الذي قدم استقالته بعد فشله في هذه المهمة، تناسلت العديد من الأسئلة حول قدرة رئيس ألمانيا الأسبق على إيجاد حل للنزاع المفتعل. وفي الوقت الذي قال فيه بلاغ صادر عن السفارة الألمانية بالرباط إن المبعوث الأممي الجديد إلى منطقة الصحراء المغربية "سيتعاون مع جميع الأطراف للوصول إلى حل سياسي عادل، مستدام ويحظى بقبول الطرفين بخصوص قضية الصحراء الغربية"، فإن كثيرين يرون أن المشكل ليس في المبعوثين الأمميين، بل في رغبة الأطراف الأخرى، الجزائر وجبهة البوليساريو الانفصالية، في عرقلة كل المقترحات التي من شأنها إيجاد حل للمشكل الذي طال أمده. محمد الزهراوي، أستاذ القانون بجامعة القاضي عياض، أكد على ضرورة الاطلاع على السيّر الذاتية للمبعوثين الأمميين لفهم واستجلاء دورهم ومدى تأثيرهم في القرارات الصادرة عن مجلس الأمن بخصوص النزاع حول الصحراء، مشددا على أهمية العودة قليلا إلى الوراء للاطلاع على طبيعة العلاقة التي كانت تربط هؤلاء المبعوثين بأطراف النزاع، خاصة المغرب والجزائر، التي يمكن اعتبارها بمثابة مؤشر مهم لقياس مكانة وطبيعة عملهم. وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة مراكش، في تصريح لهسبريس، إن "للمبعوثين تأثير قوي ومباشر في بلورة وصناعة القرارات داخل مجلس الأمن بخصوص ملف الصحراء"، مشيرا إلى أن "التجربتين السابقتين لكل من جيمس بيكر وروس، باعتبارهما موظفين سابقين بالإدارة الأمريكية، تركتا انطباعا سلبيا للمملكة المغربية بفعل انحيازهما وتماهيهما مع المقاربة الازدواجية التي تنهجها الإدارة الأمريكية تجاه نزاع الصحراء". في المقابل، يرى أستاذ التعليم العالي أن التجارب الأخرى المرتبطة بالمبعوثين الأوروبيين اتسمت بالحياد والايجابية والوضوح في مقاربة الملف، مستدلا على ذلك بكون "فان ولسوم أقر بأن خيار الانفصال غير واقعي". وسجل الزهراوي في هذا الصدد أن تعيين الألماني هورست يعدّ مؤشرا ايجابيا يصب في صالح المغرب، معتبرا أن منطق الحياد في معالجة الملف يفضي إلى نتيجة أساسية هي أن أطروحة الانفصال متجاوزة وغير واقعية. وبخصوص السيناريوهات المتعلقة بملف النزاع في ظل التحولات الجيو-استراتيجية التي عاشها المغرب في الآونة الأخيرة، خاصة بعد عودته إلى الاتحاد الإفريقي وتقاربه مع مجموعة من البلدان الإفريقية التي كانت محسوبة بالأمس على المحور المعادي للمغرب، أوضح الباحث أن هناك سيناريوهين؛ أولهما هو "استمرار الجمود الحالي الذي يخدم المغرب؛ بحيث يمكن للمملكة أن تستثمر بشكل جيد التحول الذي عرفته الأمانة العامة للأمم المتحدة وتعيين المبعوث الجديد من خلال محاولة إقناعه بدور الجزائر المحوري في النزاع"، منبها إلى "رفض الدخول في أية مفاوضات مع البوليساريو". وأشار في هذا السياق إلى أن "استدراج الجزائر وإخراجها من الظل يعتبر رهانا أساسيا واستراتيجيا بالنسبة للمغرب في المرحلة القادمة"، مضيفا أنه "لأزيد من أربعة عقود والجزائر تدير الملف من خلف الستار، وجاء الوقت لدفعها إلى الواجهة بغية إحراجها أمام المنتظم الدولي باعتبارها طرفا رئيسيا في النزاع". أما السيناريو الثاني، بحسب الزهراوي، فيتمثل في محاولة الضغط على المغرب للعودة إلى طاولة المفاوضات؛ بحيث ستحاول الجزائر توظيف جميع الأوراق لهذا الغرض وطرح الملف على المستوى الإعلامي، محذرا من محاولات الجارة الشرقية هذه بغية إعادة إحياء آمال ساكنة تندوف وامتصاص غضبها والتنفيس على القيادة الحالية للبوليساريو جراء الضغط الذي تتعرض له، خاصة مع بوادر ظهور تيارات معارضة في صفوف الجبهة وساكنة تندوف.