توجسٌ كبير يسودُ الدبلوماسية المغربية والآلة الدعائية لجبهة البوليساريو بخصوص مضامين الإحاطة التي أعدها المبعوث الأممي هورست كولر بعد زيارته إلى المناطق المعنية بالنزاع خلال شهر يونيو الماضي، والتي سيقدمها إلى أعضاء مجلس الأمن، الذي سيبثُ من جديد في ملف الصحراء المغربية خلال الأيام القليلة المقبلة. الإحاطة الجديدة من المنتظر أن تُؤسس للأرضية التي سيعتمدها الأمين العام للأمم المتحدة في إعداد تقريره نصف السنوي المقرر عرضه على أنظار مجلس الأمن قبل متم شهر أكتوبر، طبقا للقرار رقم 2414، وتراهن الجبهة من خلاله على التخفيف من وطأة تقرير كولر الأخير، الذي وضع قيادة إبراهيم غالي أمام موجة انتقادات كبيرة اضطرتها إلى فتح جبهات إنقاذ جديدة بلجوئها إلى محاكم الاتحاد الأوروبي للبت في مسألة الثروات الطبيعية للصحراء. وستُشكل جلسة مجلس الأمن المقبلة أولى محطات تجريب خصوم الوحدة الترابية لورقة آلية المفوضية الإفريقية لحل نزاع الصحراء؛ فبالرغم من أن تقرير موسى فيكي الأخير شدد على أن حدود تحرك المفوضية يقتصر على الاتحاد الإفريقي، إلا أن جنوب إفريقيا والجزائر ستحاولان نقل تأسيسها إلى الاجتماع، في أفق الضغط من أجل اعتبارها طرفا حاسما يُقدم مقترحات الحل إلى جانب المبعوث الأممي. محمد الزهراوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض، قال: "من المحتمل جدا أن تكون الإحاطة المرتقبة للمبعوث الأممي مغايرة هذه المرة لسابقاتها؛ إذ يتوقع أن تكون مصحوبة بمقترحات جديدة في ظل تواجد مجموعة من المؤشرات التي تصب في هذا الاتجاه، أولها مرور سنة ونصف على مهمة المبعوث الحالي دون أن يقدم أية مقترحات وتصورات لحلحلة الملف". وأضاف الزهراوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "هذه المدة كافية ليُعبر كولر عن مقاربته وتصوره ووجهة نظره في النزاع، بعد أن اطلع جيدا على كافة الحيثيات والخبايا المرتبطة بالملف، خصوصا بعد حدوث تغير على مستوى الأجندة الزمنية لمجلس الأمن في تعاطيه مع ملف الصحراء، بحيث برمج القرار رقم 2414 اجتماع مجلس الأمن المخصص لتدراس النزاع في ستة أشهر عوض سنة". وأردف المتحدث أن "الخروج عن هذا التقليد المعتمد لسنوات يجعل المبعوث الأممي مطالبا بتقديم مقترحات عملية لإيجاد حل سياسي لهذا الملف"، وزاد: "الزيارة الأخيرة التي قام بها المبعوث الأممي ولقاءاته المكثفة مع مختلف الأطراف تؤشر على وجود رغبة وتوجه لإعداد تصور معين حول النزاع، فضلا عن التوتر الذي شهدته المنطقة في الآونة الأخيرة؛ فحماية مصالح القوى الكبرى، تفرض إيجاد طريقة لحلحلة ملف النزاع". وأكمل الزهراوي تصريحه ب"كون كافة السيناريوهات تبقى واردة، بما فيها محاولة فرض بعض الخيارات على الأطراف المعنية بالنزاع، لكن يمكن للمغرب أن يتجنب الضغط ومناورات خصومه إذا ما تمكن من إقناع مجلس الأمن بمسؤولية الجزائر كطرف أساسي في هذا النزاع".