المعارضة تتهم الحكومة بالتهجم على الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة وتطالبها بإقرار الضريبة على الثروة في الوقت الذي طعنت فيه مكونات المعارضة في الأرقام والفرضيات الواردة في مشروع القانون المالي 2025 وإفراطها في التفاؤل مما يجعلها غير قابلة للتحقيق، أبرزت السيدة نادية فتاح علوي أن الأرقام لا يمكن أن تكون موضع تشكيك لكونها تنم عن مسؤولية مشتركة رغم أنها قد تكون موضوع اختلاف على مستوى التحليل، لتعلن بعد ذلك "لا نسمح بالتشكيك في الأرقام".
وزيرة الاقتصاد والمالية كانت تجيب اليوم الخميس بمجلس النواب على تدخلات الفرق النيابية خلال الجلسة العامة المخصصة لمناقشة الجزء الأول من مشروع القانون المالي، وجددت ما سبق أن تحدثت عنه داخل لجنة المالية قبل أيام بمعية الوزير المنتدب المكلف بالميزانية بأن عجز الميزانية سيصل متم السنة الجارية إلى 4 بالمائة، وستعمل الحكومة على خفضه إلى 3.5 بالمائة السنة المقبلة، ثم إلى 3 بالمائة في سنة 2026، موازاة مع تقليص المديونية إلى 69 بالمائة في سنة 2025.
وذكرت بأن ما يسمح بتحقيق هذه المؤشرات هو صمود ومناعة الاقتصاد الوطني، حيث برهن على هذه السمة خلال الأزمات المتعددة، وأبان عن دينامية مهمة من خلال إنجازات السياحة وصادرات السيارات والطائرات وقطاعات أخرى، مضيفة أن المغرب له مستقبل في تصميم السيارات والبطاريات الالكترونية وكذا السيارات الكهربائية والهيدروجين الأخضر، حيث تمضي الحكومة في تفعيل مشاريع الطاقة النظيفة للدفع بهذه الصناعات.
التشغيل.. المعضلة المقلقة
وكشفت على صعيد آخر بأن الإشكالية المطروحة تكمن في التشغيل، وهي المعضلة التي أخذت حيزا كبيرا من الانتقادات في خطابات المعارضة خاصة في ظل ارتفاع معدل البطالة إلى أزيد من 13 بالمائة، ولذلك اعتبرت وزيرة الاقتصاد والمالية بأن الحكومة تشتغل على ملف التشغيل وقد رصدت غلاف 14 مليار درهم برسم 2025، وستخصص لقاءات خاصة لشرح كيفية تنزيل هذا البرنامج.
وباستثناء القطاع الفلاحي الذي مازال يعاند ويحقق مستويات دنيا من النمو بسبب موجة الجفاف المتواترة منذ سنوات، لفتت السيدة نادية فتاح علوي بأن الأنشطة غير الفلاحية حققت 3.7 بالمائة كمعدل نمو، معلنة أن الحكومة ناجحة في عدد من الأوراش وخاصة خمسة محاور أساسية. البداية تمثلت في الحماية الاجتماعية والتي يمتص تدريس الأطفال ضمنها ميزانية كبيرة، حيث تحدثت السيدة الوزيرة عن غلاف 36 مليار درهم لمواصلة تنزيل هذا الورش.
118 ألف طلب لاقتناء السكن
يأتي بعد ذلك الدعم المباشر لاقتناء السكن، حيث تم تلقي 118 ألف طلب خاص، 26 ألف طلب وارد من مغاربة العالم، و37 ألف من فئة الشباب أقل من 35 سنة، بينما استفاد 29 ألف من السكن في السنة الأولى، وسترصد الحكومة ملياري درهم لإنجاح هذا البرنامج حسب قولها.
ثالثا الحوار الاجتماعي من خلال تخصيص اعتماد مالي ب20 مليار درهم، علما أن المستوى الصافي للأجور ارتفع ب30 في المائة بين 2014 و2025.
المحور الآخر الناجح يتمثل حسب وزيرة الاقتصاد والمالية في دعم القدرة الشرائية من خلال مخصصات المقاصة ودعم الكهرباء لتفادي الزيادة في الفواتير، وتخصيص 20 مليار درهم للقطاع الفلاحي على مدى سنتين، فضلا عن استيراد اللحوم المجمدة والرامي إلى حماية القطيع الوطني والذي يُعد رأسمال الفلاحين.
التعليم والصحة.. الإصلاح الصعب
المحور الأخير يتجسد في مواصلة الإصلاحات وأساسا قطاعي التعليم والصحة من خلال رصد 85 مليار درهم و32 ملاير درهم لهما تباعا.
وعلى هذا المستوى أبرزت وزيرة الاقتصاد والمالية أن إصلاح التعليم والصحة صعب يتطلب جرأة ومسؤولية، مذكرة بأن مدارس الريادة ناجحة وعملية تعميمها متواصلة، ويتعين على الأسر المغربية أن تثق في المدرسة العمومية وقدرتها على تكوين الأجيال، وهذا من شأنه أن يخفف على الأسر مصاريف التعليم.
أما بخصوص الصحة فقد ذكرت بأن هناك خصاصا في الأطر والتجهيزات، وأن كلفة الصحة تمثل تحديا كبيرا والحكومة من جانبها تسعى جاهدة لإنجاح القطاع الصحي، وتوفير العرض العلاجي للمواطنين بما يتلاءم مع متطلباتهم.
وأوردت كذلك أن الحكومة تريد إرساء صناعة دوائية مغربية وإلى حين التمكن من ذلك تشتغل على أسعار الأدوية.
سنة من العمل على الضريبة على الدخل
وفيما يتعلق بالضريبة على الدخل والتي تعد السمة البارزة في مشروع القانون المالي لسنة 2025، فقد أفادت بأن المديرية العامة للضرائب اشتغلت لمدة سنة لإيجاد أحسن حل لتخفيض الضرائب على الدخل تماشيا مع مخرجات المناظرة الوطنية للجبايات، كاشفة أن الإصلاح سيكلف 5 ملايير درهم وستستفيد منه 80 بالمائة من شغيلة القطاع الخاص.
وخلصت في ضوء ما تقدم إلى القول بأن الدولة الاجتماعية أصبحت حقيقة دون أن ينفي ذلك وجود تحديات تتطلب العمل الجماعي من أجل تجويد البرامج التي لم تكتمل أو لم تحقق الأثر المطلوب، معلنة أن إرساء مناخ الثقة سيكرس مصداقية الاقتصاد المغربي.
جدير بالذكر أن مكونات المعارضة وجهت اتهامات للحكومة بسبب ما وصفته باستهداف المؤسسات الدستورية وخاصة الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، مطالبة في الوقت ذاته بإعلان إرادة حقيقية لمحاربة الفساد وإقرار الضريبة على الثروة.