عرض وزير الإقتصاد والمالية الإستقلالي نزار البركة أمس الخميس أمام البرلمان بغرفتيه مشروع قانون المالية الذي تأخر بأكثر من عشرة أسابيع ، وسط توقعات بألا يحمل أي جديد على الأقل خلال السنة الحالية، وقال خبراء في المالية العمومية، إن هاجس الأزمة الإقتصادية التي تضرب العالم منذ نهاية 2007، سترمي بظلالها على مناقشات القانون الحالي، إلى جانب موجة الجفاف التي تضرب المغرب هذا الموسم والتي خلفت خسائر فادحة في مجموع المنتوجات الزراعية. وقالت مصادر متطابقة إن المعارضة تستعد لسلخ جلد حكومة بنكيران، على اعتبار أن القانون المالي لم يأت بجديد بل كرس مجموعة من التراجعات التي تعرفها كثير من القطاعات، موضحة أن الأرقام التي قدمها المشروع لا تمثل سوى إعلان نوايا في ظل وجود مؤشرات تفيذ بأن المغرب سيعيش موسما سيئا وعلى جميع المستويات، وأضافت المصادر ذاتها أن قطاع التعليم سيبتلع نصف كتلة الأجور التي ستصل إلى 93,5 مليار درهم، فيما قطاع التعليم وحده سيستنزف مبلغ 34,8 مليار درهم. إلى ذلك توقعت المصادر أن يتضاعف الضغط على القدرة الشرائية، بسبب قرارا الحكومة بالرفع من الضرائب في كثير من القطاعات الحيوية المرتبطة بالقدرة الشرائية للمواطن خاصة الإسمنت، والمحروقات التي يمكن أن تصل أرقاما قياسية، وأضافت المصادر أن كل المؤشرات تؤكد أن حكومة بنكيران لن يكون في مقدورها التحكم في نسبة العجز بسبب الجفاف وموجة الصقيع التي ضربت المغرب، والإرتفاع المتوقع لأثمنة الحبوب في الأسواق العالمية، مما يهدد بإثقال كاهل الميزانية العامة، موصحة أن نسبة العجز قد ترتفع إلى 6,5 في المائة، فيما نسبة النمو يمكن أن تتراجع إلى أقل من 3 في المائة، وعللت المصادر هذه التوقعات، بغياب أي مؤشر على رغبة حكومة بنكيران في إصلاح المالية العمومية، بل على العكس من ذلك هناك اتجاه لمزيد من الضغط على النفقات العامة، خصوصا ما يتعلق بتمويل صندوق التضامن الإجتماعي، وفاتورة الطاقة، مما يهدد مستقبل المغرب الذي يوجد على حافة الإنهيار، موضحة أن حكومة بنكيران حافظت على نفس طريقة تدبير الشأن العام، خاصة ما يتعلق بالتشغيل، إذ أن كثيرا من مناصب الشغل تهم المعطلين حاملي الشهادات، مما يهدد بإغراق الوظيفة العمومية حيث يرتقب أن ترتفع كتلة الأجور بنسبة لا تقل عن 10 في المائة مقارنة مع السنة الماضية. إلى ذلك قالت مصادر من المعارضة، إن قانون المالية الجديد لا يحمل في العمق سوى روتوشات سطحية لا تبرر تأخيره لثلاثة أشهر، وأوضحت المصادر ذاتها أن الجفاف وعجز الميزانية سيدفعان بحكومة بنكيران إلى اعتماد سياسة تقشفية، سيدفع ثمنها المواطن العادي. يذكر أن قانون المالية خصص، 51 مليار درهم للتعليم و12 مليار درهم للصحة و3 ملايير درهم للسكن و2.6 مليار درهم لفك العزلة عن العالم القروي، ومليار درهم لصندوق التنمية القروية و2.3 مليار درهم للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، كما ينص على إحداث 26.204 منصب شغل جديد، كما سيتم منح تحفيزات ضريبية لتعزيز الانخراط في السكن الاجتماعي ذات التكلفة المحددة في 14.000 ألف درهم. كما يسعى إلى تحقيق معدل نمو بقيمة 4.2% وتخفيض عجز الميزانية إلى 5% وتوقع 93.5 مليار درهم للأجور. أما بخصوص صندوق الدعم الاجتماعي فقد خصصت ملياري درهم لبرامج تعميم المساعدة الطبية ودعم الأشخاص في وضعية إعاقة وتحمل نفقات الهدر المدرسي، ويمول بنسبة 1.5% من الربح الصافي للمقاولات التي يفوق هذا الربح 200 مليون درهم، بما يتيح مليارا و200 مليون درهم تضاف لها 350 مليون درهم صندوق التامين وإضافة 1.6 % إلى الضريبة على السجائر. وستعمل الحكومة في ذات المشروع على تعبئة 188 مليار درهم لمصلحة الاستثمار العمومي، وفي الوقت نفسه مضاعفة ترشيد النفقات العمومية عبر تخفيض نفقات الإيواء والفندقة والاستقبال والحفلات الرسمية ب 50% وتطبيق التزامات الحوار الاجتماعي والتزامات التشغيل.