في أول خرجة إعلامية تعقب تقديم استقالته من منصب الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة، كشف إلياس العماري أن قراره نابع من عدم رضاه عن حصيلة الحزب طيلة المدة التي تلت نتائج الانتخابات الجماعية لسنة 2015، معبرا عن تحمل مسؤوليته السياسية بخصوص العديد من القضايا، تماشيا مع المبدأ القاضي بأن "السياسة هي تحمل مسؤولية قراراتك ومسؤولية الآخرين". وقال العماري، خلال ندوة صحافية عقدها بالمقر المركزي للحزب في الرباط، بحضور أسماء بارزة داخل المكتب السياسي للتنظيم ذاته، إن قرار ترجله من أعلى "الجرار" ليست له طبيعة لحظية أو ظرفية، واصفا إياه ب"القرار الذي لا يسعى إلى المزايدة في المشهد السياسي"، مضيفا أن استقالته لا تعني ترك الحزب بشكل نهائي، قبل أن يعود ويؤكد بعد ذلك أن "أي شخص تختاره المؤسسات بعدي سأشتغل تحت إمرته". وبعد أن خلق حدث استقالته جدلا واسعا طيلة ليل أمس الاثنين، أبرز العماري أن معطيات موضوعية هي التي جعلته يتخذ هذا القرار، بالرغم من عدم الاقتناع به إلى حدود الساعة الأخيرة من عمر اجتماع المكتب السياسي للحزب الذي جرى قبل ساعات، وأوضح أن قراره جاء بعد تقييم لسنتين بعد الانتخابات الجماعية ولأداء الحزب في الجماعات الترابية التي يسيرها أو يشارك في تسييرها وحتى التي يشتغل فيها من موقع المعارضة، إضافة إلى أداء فريقي الحزب بالبرلمان. وسجّل الأمين العام ل"البام" أن الحصيلة التي وقف عليها بيّنت عدم التزام رؤساء مجالس ببرنامج الحزب ولا بمدونة السلوك وميثاق الشرف داخل هذا الأخير، إلى جانب تسجيل تغيب عدد من ممثلي الأمة التابعين للحزب بشكل متعمد عن جلسات البرلمان، فضلا عن توصله ب"استقالات رؤساء جماعات لم توفر لهم الحكومة الإمكانات اللازمة للاشتغال". وتابع العماري بالقول: "قررت ألا يحاسب هؤلاء لوحدهم، فأنا الذي أتحمل مسؤولية اختيارهم للظفر بتزكيات انتخابية"، قبل أن يضيف : "مَا يْمْكْنْشْ اخْتَاريت البَارح هَاد النّاس واليوم يْتْحَاسبُو بُحْدْهُوم، أنا لِّي زكيتهوم"، مسجلا في المقابل استعداد المكتب السياسي ل"الجرار" إصدار بعض القرارات بهذا الشأن. وكرّر العماري، أكثر من مرة، عدم خضوعه ل"تعليمات بالاستقالة"، وعبر عن ذلك بالقول: "مَاكَاتْجِيني تعليمات لا من الفوق لا من التحت"، وزاد: "لِّي كَيعرف إلياس من قبل ومن بعد البَّام يعرف بأنه مَكَتْجِيهْش تعليمات، ومَا عْمْرْني نفذت قرارات دْيَال شِي حدّ كيفما كان". "زمن الإشارات قد انتهى، لي بغا يبلغ ليا شي حاجة يبلغها ليا مباشرة"، يسجّل العماري، ويضيف أن الاستقالة من الحزب أمر يختلف عن الاستقالة من منصب رئاسة جهة طنجةتطوانالحسيمة. وأورد بهذا الخصوص أن "قرار الترشح للأمانة العامة للحزب كان فرديا بينما الجهة ليس من حقي الانسحاب منها لأنه لديّ شركاء"، قبل أن يعود ويؤكد فرضية الاستقالة حينما يحين وقت ذلك. ونفى المسؤول السياسي ذاته أن يكون هذا القرار عبارة عن مسرحية للفت الانتباه، نافيا في الوقت ذاته أن تكون لها علاقة بأحداث "حراك الريف"، قبل أن يضيف بالقول: "أنا فخور بانتمائي إلى الحسيمة ولقبيلة بني ورياغل، وحتى إذا شتموني أنا فخور بذلك، فمهما يكون عتابهم، لن يزيدني إلا حبا فيهم وفي منطقتي وبلادي". وعن الخطاب الملكي الأخير بمناسبة عيد العرش، أكد العماري أن الخطب الملكي كانت قوية في مجملها طيلة 17 سنة؛ "ففي كل خطاب كان الملك يتكلم عن قطاع أو أكثر ويقدم تشخيصا له"، يشرح المتحدث، ويضيف أنه "مع كامل الأسف معمرني شفت التفاعل مع شي خطاب". وانتقد العماري عدم استقالة المسؤولين بعد الخطابات الملكية المنتقدة لعدد من القطاعات طيلة سنوات حكم الملك محمد السادس، وعلى رأسها الإدارة والدبلوماسية، موجها مدفعيته صوب الأحزاب السياسية عقب إشادتها بالخطاب الملكي الأخير، قائلا: "الأحزاب كلها تقول خطاب مهم ومزيان.. مفهمتش.. تا واحد مقال أنا معني، أنا أقول لكم أنا معني". وعبر العماري عن افتخاره بتزامن قرار الاستقالة مع خلاصات الخطاب الملكي، معبرا عن التشبث به حتى إذا ما رأى المجلس الوطني عكس ذلك.