عرفت عائدات السياحة بالمغرب ركوداً في الفصل الأول من السنة الجارية، وصل إلى ناقص 0.5 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب الأرقام التي كشفت عنها وزارة السياحة، فقد بلغت إيرادات الفصل الأول من السنة الجارية لغير المقيمين 26.38 مليار درهم، مقابل 26.47 مليار درهم السنة الماضية. هذا الرقم يشير إلى انخفاض طفيف في عائدات النشاط السياحي بنسبة 0.5 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية، وسجل هذا الانخفاض رغم أن عدد السياح الذين زاروا المغرب بلغ 4,6 ملايين سائح، بزيادة قدرها 9 في المائة مقارنة مع الفترة ذاتها من السنة المنصرمة. وبخصوص شهر يونيو لوحده، وصلت عائدات النشاط السياحي 3.49 مليار درهم، مسجلة بذلك انخفاضاً ب 7.1 في المائة مقارنة مع الشهر نفسه من العام الماضي. عدد من المهنيين تساءلوا حول ارتفاع عدد السياح الذي صاحبه انخفاض ولو طفيف في عائدات السياحة، فمنهم من يربط ذلك بالمنافسة الكبيرة بين المؤسسات الفندقية، ومنهم من يشير إلى ضعف إنفاق السياح القادمين من الأسواق التقليدية، خصوصاً أوروبا. عدم تفسير هذا الأمر من طرف مرصد السياحة التابع لوزارة السياحة جعل عددا من المهنيين يتساءلون عن هذا الأمر، بل دعوا المسؤولين إلى تحليل هذه الأرقام التي تكون في بعض الأحيان متناقضة لفهم السوق أكثر. محمد أمل قريون، رئيس الجامعة الوطنية لوكالة الأسفار بالمغرب، قال، في تعليق على هذا الموضوع لهسبريس، إن "أغلب السياح الأوروبيين، خصوصاً من فرنسا، باتوا يلجؤون أكثر فأكثر إلى منازل الإيواء عوض الفنادق، ودون المرور عبر وكالات الأسفار". وأوضح قريون أن الكثير منهم تعودوا اليوم على كراء شقق مفروشة دون العبور عبر وسيط (وكيل أسفار)، وأضاف: "هناك أيضا عدد من السياح يؤدون ثمن مقامهم في المغرب مباشرة من بلدانهم، لكن تحليل هذا الأمر يجب أن تقوم به الوزارة المعنية". بدوره، تساءل فوزي الزمراني، نائب رئيس الكنفدرالية الوطنية للسياحة، في تصريح لهسبريس، حول هذه الأرقام التي أصدرها مرصد السياحة، وقال: "قبل ثلاثة أشهر صدرت أرقام تفيد بتراجع ليالي المبيت وانخفاض في وصول السياح وفي الوقت نفسه كانت العائدات مرتفعة، سألنا مرصد السياحة وأجاب بكون هؤلاء السياح كانوا أكثر إنفاقاً". وأضاف: "اليوم نرى العكس، ارتفاع في ليالي المبيت ووفي عدد الوافدين وانخفاض في المدخول السياحي، لهذا على مرصد السياحة أن يعطي الأرقام مرفوقة بتحليل هذا الأمر؛ لأن الأرقام والإحصائيات لوحدها لن تنفعنا في شيء". وأوضح الزمراني أنه "لا فائدة من جلب السياح الذين لا ينفقون أكثر؛ لأن السائح قبل أن يصل إلى المغرب ينفق عليه المكتب الوطني للسياحة من خلال الترويج والاستثمارات". وأشار إلى أن وسائل التواصل الجديدة تعد من العوامل التي ساهمت في دفع السائح إلى اختيار أرخص منتوج دون البحث عن الجودة، وأعطى مثالا على ذلك بموقع "booking" الذي تستعمله أغلب المؤسسات الفندقية لعرض أسعارها التنافسية، ولكي يكون الفندق من الاختيارات الأولى التي تظهر في الموقع يجب أن يخفض الثمن إلى أقل مستوى. هذا الأمر، بحسب الزمراني، دفع العديد من الفنادق إلى التسابق على المنافسة الكبيرة في الأثمنة، وإغفال الجودة المقدمة للسياح الذين يختارون أرخص ما يعرض في الموقع المعروف عالمياً، والذين يعرضون في أحايين كثيرة ثمناً أقل من الثمن المقترح في الفندق. وتشير أرقام مرصد السياحة إلى أن الأسواق السياحية الصاعدة بالنسبة للمغرب حافظت على منحاها التصاعدي؛ إذ سجلت الصين نموا بنسبة 565 في المائة، لكن هذا الارتفاع في النسبة لا يعني بالضرورة ارتفاعاً ملحوظاً في الوافدين، فقد يكون العدد انتقل من 100 إلى 600 سائح ويعتبر آنذاك ارتفاعاً بنسبة 600 في المائة. ووفق الأرقام نفسها، فقد سجلت كل من اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة والبرازيل، على التوالي، ارتفاعاً بنسبة 46 و42 و27 و41 في المائة.