يخوض عدد من سكان دواوير بقرية الزراردة، التابعة لدائرة تاهلة بإقليمتازة، اعتصاماً داخل مقر الجماعة القروية، منذ أسبوعين، للمطالبة بفك العزلة عن دواويرهم وربطها بالماء الصالح للشرب والكهرباء، وتوفير طبيبة بالمركز الصحي المحلي. وليست المرة الأولى التي يحتج فيها سكان الزراردة، البالغ عددهم أكثر من 10.000 نسمة ويتوزعون على دواوير متباعدة؛ فقد سبق أن خاضوا أشكالاً احتجاجية في السنوات الأخيرة، ووقعوا محاضر مع السلطات بإقليمتازة، لكن لم يتم الوفاء بها، بحسب ما جاء في بيان لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتاهلة. ورفع المعتصمون بمقر الجماعة القروية مطالبهم إلى المسؤولين محلياً وإقليمياً ووطنياً؛ أهمها توفير طبيبة بشكل رسمي بالمستوصف، كما كان الأمر قبل سنوات، وتوفير الأدوية والتجهيزات الطبية وتعميم استفادة المواطنين منها، وتكثيف الطاقم الطبي أثناء الولادة، وتوفير سيارة الإسعاف مجاناً. كما يطالب السكان بإحداث مدارس في الدواوير البعيدة عن المركز مع توفير النقل المدرسي، وإعادة تأهيل المدارس بكل أسلاكها، وتزويد التلاميذ بالوجبات الغذائية، وفك العزلة عن الدواوير وربطها جميعاً بالكهرباء. وينظم السكان مسيرتين يوميا، الأولى في الصباح والثانية مساءً، تعرفان مشاركة كبيرة من لدن النساء اللواتي يعانين كثيراً من غياب طبيبة بالمركز الصحي، عكس ما كان عليه الوضع قبل سنوات؛ إذ كان يشكل ملجأ للحوامل من مختلف الدواوير، خصوصاً في يوم السوق الأسبوعي الذي ينظم كل ثلاثاء. وقال بلاغ لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتاهلة إن هذه الدواوير "تعاني من التهميش والإقصاء المتمثل في غياب الطرق المعبدة وصعوبة الولوج إلى المرفق الصحي، وبُعد المدرسة عن الدواوير وانعدام الربط بشبكة الماء والكهرباء؛ حيث تشتكي الساكنة بهذه الدواوير من عدم وجود ماء صالح للشرب". وأضافت الجمعية، في بيان لها، أن معاناة الساكنة تزداد مع حلول فصل الصيف، وقد سبق للساكنة أن راسلت العديد من المصالح المعنية دون جدوى، وأوضحت أن "الساكنة تلقت العديد من الوعود للاستفادة من الكهرباء والماء وتعبيد الطرق من طرف المجلس الجماعي، لكن الوعود اعتبرت من طرف الساكنة مجرد أكاذيب". وقالت الجمعية إن سيدة من دوار تاريدالت وضعت مولودها بالشارع العام، الأحد الماضي، أمام مقر المركز الصحي بسبب غياب من يستقبلها، ليتم إسعافها في أحد المنازل القريبة، قبل أن يتم نقلها إلى المركز الصحي بتاهلة، البعيد ب15 كيلومتراً. وكان عامل إقليمتازة، رفقة بعض المسؤولين في المصالح الخارجية بالعمالة، قد حل بمكان الاعتصام الأسبوع الماضي، محاولا تقديم وعود لحل بعض المطالب، لكن الساكنة رفضت رفع الاعتصام إلى حين تطبيق مطالبها على أرض الواقع. وتفاعلت عدد من الهيئات الحقوقية والسياسية بتاهلة وتازة مع اعتصام أهالي الدواوير ونظمت قافلة تضامنية إلى المعتصم السبت الماضي، كما طلب فرع حزب العدالة والتنمية بالزراردة من رئيس الجماعة القروية التفاعل مع مطالب الساكنة، التي اعتبرها "عادلة ومشروعة". وفي هذا الصدد، قال مصطفى الخطار، رئيس فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتاهلة، في تصريح لهسبريس، إن جمعيته تتابع عن كثب الوضع بجماعة الزراردة، التي تبعد بحوالي ثمانية كيلومترات عن بلدية تاهلة؛ وذلك عبر الزيارات المستمرة لأعضائها إلى عين المكان، آخرها المشاركة في قافلة يوم السبت الأخير، موردا أن "المحتجين خاضوا أشكالا نضالية شهر ماي المنصرم توجت بفتح الحوار معهم من طرف السلطات المحلية التي وعدتهم بالاستجابة لمطالبهم في غضون شهر يوليوز الجاري". وأبرز المتحدث أن المعتصمين يقومون، بشكل يومي، بتنظيم مسيرة صوب مقر القيادة، يشارك فيها الأطفال والشيوخ والنساء والشباب؛ "وفي المساء، ينظم المحتجون مسيرة صامتة بالشموع، قبل العودة للمبيت بالمعتصم"، يوضح الخطار. وأفاد بأن معاناة الدواوير المحتجة تتمثل في الكهرباء والماء والصحة والعزلة، واصفا مطالب المعتصمين بالبسيطة والمشروعة، قائلا في هذا السياق: "هذه الاحتجاجات تأتي في وقت لم يعد الناس يحتجون للمطالبة بالكهرباء، خصوصا مع مشروع الكهربة القروية الذي استثنى هذه الدواوير، التي تعتبر إقصاءها من الكهرباء جاء بخلفيات انتخابية، ونحن نطالب السلطات الوصية بوضع حد لهذه المعاناة". وأشار الفاعل الحقوقي ذاته إلى أن عددا من الشباب المشاركين في هذا الاحتجاج توصلوا برسائل إنذارية من طرف السلطات المحلية تتهمهم فيها بالتجمهر بدون ترخيص، مبرزا أن هذه الرسائل تم توصيلها إلى المعنيين بالأمر عن طريق مفوض قضائي، "وهذا يعتبر تهديدا لهم"، يقول الخطار.