أجمع منظمو المهرجان الدولي للثقافة الأمازيغية على أهمية الثقافة في محاربة التطرف، مشددين على أنّ النهوض بالحقوق اللغوية والثقافية للسكان الناطقين بالأمازيغية يُعدّ عنصرا أساسيا لإيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية المطروحة مع مراعاة الخصوصيات الثقافية لكل جهة. واعتبر القائمون على الاحتفالية السنوية في دورتها الثالثة عشر، والمنظمة من طرف جمعية فاس سايس ومركز جنوب شمال ومؤسسة روح فاس وجهة فاس-مكناس، والحاملة لشعار "الأمازيغية والتنوع الثقافي في مواجهة التطرف"، بحضور رسمي لوالي الجهة وشخصيات أخرى، أن العنصر الأساسي لحلّ جميع المشاكل يكمن في التعاطي بعدل مع قضايا الناس ومطالبهم. الناجي: التنوع الثقافي قوة وفي كلمة باسم اللجنة المنظمة، قال موحى الناجي، مدير التظاهرة، إن التنوع الثقافي ليس عائقا، بل قوة دافعة للتنمية، مشددا على كونه مساهم في محاربة الإقصاء والتهميش والهشاشة، و"يساهم في تحقيق التنمية المستدامة، إنه عامل من عوامل السلام الاجتماعي الذي بدونه لن تتحقق التنمية والممارسة الديمقراطية و التطلع إلى الحداثة". واعتبر الناجي أن مشروع تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لا يهم الناطقين بالأمازيغية وحدهم، بل يهمّ جميع المغاربة، "غير أن عددا من المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والأحزاب السياسية، لم تُعط هذا المشروع الأهمية الكفاية"، مبرزا أنهم مع التدرّج في تنزيل المشروع في الإدارات والمحاكم، وتكوين الموظفين والقضاة والمحامين، حتى يتم استعمال الأمازيغية داخلها، معتبرا أن الإرادة الملكية تضمن تطبيق الورش. وفي ارتباط بموضوع الدورة، ناشد مدير المهرجان الدولي للثقافة الأمازيغيى، كل فعاليات المجتمع المدني والمثقفين والمدارس والجامعات لمناهضة التطرف ولتكوين وتدريب الشباب على قيم السلام والحوار والتسامح والإسلام الوسطي التقدمي. وأضاف "إنّ ما يشهده العالم من تحوّلات جديدة يجعلُ الحاجةَ ماسّة إلى فهمِ هذه التحوّلات، نحن في حاجة إلى أبْحاث ميْدانية في هذا المجال يُمْكن الاستناد إليها من أجل مُقاربة الموضوع بشكْل علميّ دقيق، ولمعالجة موضوع التطرّف ينبغي القضاء على الأمية والبطالة والفقر، وفصل الدين عن السلطة والسياسة. ويجب استحضار الجانب الاجتماعي في مقاربتنا لموضوع التطرف". الناجي وفي تخليله للإشكال المطروح، أكد على أن التطرّف ليسَ مرتبطا دائما بالدِّين، "فهناك تطرّف عرقي، وهناك تطرف سياسي، وتطرّف شعبوي، ويُمكن للتطرّف أن يتحوّل إلى عنف إذا لم يتم كبحه ومحاربته عبر الأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد وعبر وسائل الإعلام وعبر شبكات التواصل الاجتماعي وغيرها من السبل"، داعيا إلى إعادة النظر في البرامج والكتب المدرسية، وقراءةٍ جديدة للدّين، من أجل تفادي هذه الاختلالات والفهم الخاطيء للدين. وشدد الأستاذ الجامعي على أن الوضع القائم يستدعي تكوينا للوعي عند الشباب المسلم، انطلاقا من إصلاحات جديدة، ومن خلال إعادة النظر في تنشئة الأطفال، وإعادة تربية الجانحين والاندماج المهني، مؤكدا على المهرجان الدولي الثالث عشر للثقافة الأمازيغية في فاس يتبع الملامح الرئيسية لقيم منطقة البحر الأبيض المتوسط المشتركة وعلى رأسها الانفتاح على التنوع، والعلاقات العائلية والبحث عن توازن بين التقليد والحداثة "لأنها تخدم أهدافنا ومصالحنا المشتركة، كما أنها أكبر قوتنا". المدغري: الثقافة تحارب التطرف ادريس العلوي المدغري، الرئيس الوطني لجمعية فاس سايس، اعتبر في كلمة افتتاحية أن الثقافة الأمازيغية أساسية في المغرب، وأضاف "لا يمكن للمغرب أن يكون دون هذه الثقافة وباقي المكونات الأخرى لأنها رئيسية". وشدد المتحدث على أن الرعاية الملكية للمهرجان الدولي للثقافة الأمازيغية لها دلالة عميقة، مشددا على أن جميع الثقافات التي يزخر بها المغرب تعتبر جزء من الكيان الوطني المتعدد الروافد، وفق تعبيره. وأكد المدغري على أهمية المهرجانات والتظاهرات الثقافية، داعيا إلى السهر والعمل على أن تكون قائمة بذاتها وأن تحقق صدى عالمي، مشددا على أن لها دورا كبيرا في محاربة التطرف، وزاد "المنطقة المتوسطية تجتاز مرحلة صعبة، يجب أن نوقف زحف التطرف وأن نواجه التحديات، لأم الوقت الأن ليس وقت الانطكاش وإنما الانفتاح على بعضنا البهض وعلى محيطنا الخارجي. ودعا الرئيس الوطني لجمعية فاس سايس للبناء من خلال الابداع المتميز وتأطير الشباب داخل الجمعيات الثقافية وجمع الشمل وتظافر الطاقات بعيدا عن الحظئيات التافهة، مشددا على ضرورة العمل من أجل تقدم الوطن. تكريمات رمزية الدورة الثالثة عشر لمهرجان الثقافة الأمازيغية عرف تكريم محمد القباج، الرئيس المؤسس لجمعية فاس سايس، وذلك اعترافا ب"المجهودات الجبارة التي يقوم بها من أجل التنمية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بالمغرب ومن أجل تقوية دور المجتمع المدني ببلادنا، وقد حصل على العديد من الجوائز باسمه شخصيا أو باسم جمعية فاس سايس"، يقول القائمون على المبادرة. وتم بالمناسبة تكريم الأستاذ الباحث والعلامة أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، وذلك لعطائه في مجال الثقافة الإسلامية والمغربية ولحوار الثقافات والتنمية الاجتماعية من خلال محاضراته في الجامعات المغربية والأجنبية، ومن خلال كتبه ومنشوراته المتعددة. وقامت جمعية فاس سايس ومركز جنوب شمال ومؤسسة روح فاس وجهة فاس-مكناس، بتكريم الكاتب الريفي المقيم ببلجيكا، عيسى آيت بليز، لمساهماته الأدبية والإبداعية في مجال الثقافة الأمازيغية ومساهماته في التعريف بمنطقة الريف وبالمجتمع المغربي عموما. وتتواصل أيام المهرجان الدولي للثقافة الأمازيغية بتنظيم جلسات علمية في موضوع "الأمازيغية والتنوع الثقافي في مواجهة التطرف"، بمشاركة أكاديميين وخبراء من مختلف أنحاء المعمور، زيادة على سهرات فنية ليلية بباب الماكينة ستحييها أسماء وطنية ودولية، بينها عائشة تاشينويت وحدا أوعكي وسعيد الصنهاجي وابتسام تسكت وحسن البركاني والدوزي.