رسمت القمة الأخيرة لقادة منطقة الساحل والصحراء، التي اختتمت أشغالها في مالي قبل بضعة أيام، خارطة طريق لمرحلة جديدة من المواجهة بين القوى الدولية والجماعات الإرهابية؛ وهي القمة التي جاءت لتأكيد الدور المغربي، كما شددت على ذلك الرباط دائما، في مكافحة التطرف بالمنطقة. وعرفت القمة التي عقدت في العاصمة المالية باماكو، في الثاني من الشهر الجاري، مشاركة قادة موريتانياومالي والنيجر وبوركينا فاسو وتشاد، بالإضافة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون؛ واتفقت فيها الأطراف على تشكيل قوة إقليمية مشتركة لمكافحة الجماعات الإرهابية في المنطقة. وسيبدأ هذا التحالف المكون مما يناهز خمسة آلاف جندي عمله قبل نهاية العام، بتمويل قدره 423 مليون أورو، 8 ملايين منها ستقدمها فرنسا. القمة التي عقدت تحت عنوان "مكافحة الإرهاب لضمان الأمن والتنمية"، وسبقها اجتماع لوزراء الدفاع بكل من المغرب وبوركينا فاسو والنيجر وموريتانياومالي وتشاد، في 4 ماي الماضي، تُعنى حسب رشيد أولموت، الباحث المتخصص في شؤون الصحراء، بانتقال هذه الدول من تعاونها الأمني إلى التعاون العسكري. وعن أسباب هذا التحالف في الوضعية الراهنة، سجّل أولموت، في مقال تحليلي نشر بالنسخة الإنجليزية من صحيفة الشرق الأوسط، أنه جاء بعد سلسلة من التطورات الهامة في منطقة الساحل والصحراء، أولها تنامي دور الجماعات الإرهابية، التي اندمجت أهمها في جماعة واحدة هي "جماعة أنصار الإسلام والمسلمين"، برئاسة إياد غالي، والمعروفة بولائها لجماعة القاعدة الإرهابية. ومنذ الاندماج، يزيد المتحدث ذاته، نفذت هذه الجماعة عدة هجمات إرهابية وعمليات خطف، وزاد: "شجعت هذه التطورات الجماعات الإرهابية، التي وسعت منذ ذلك الحين منطقة عملياتها، ما يشكل تحديا حقيقيا لبلدان الساحل". واعتبر المتحدث أن منطقة الساحل والصحراء واحدة من المناطق الجيوسياسية الدولية التي تشهد صراعا مريرا بين الجماعات الإرهابية، من جهة، والبلدان الإقليمية المدعومة من القوى العالمية الكبرى، من جهة أخرى. وأردف أن كل جانب على علم بالموقع الجيوسياسي المهم للمنطقة، باعتبارها "نقطة عبور بين الصحراء الجنوبية مع الشمال والبحر المتوسط مع أوروبا، ما يجعلها في حالة حرب مستمرة بسبب المصالح المتضاربة للقوى الدولية والجماعات الإرهابية".