يُعتبر توقيف شعو من طرف المصالح الأمنية الهولندية احترازيا للنظر في الشكاية والطلب المغربي، أو في الأمر الدولي بإلقاء القبض الذي أصدره قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، كما أن هذا التوقيف لا يحمل أنه سيسلم للمغرب خلافا لتصريح الوزير الخلفي الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية. فتسليم مواطن هولندي للسلطات القضائية لبلد أجنبي أمر غير وارد ولا يسمح به القانون الهولندي والقانون الأوروبي وخاصة الاتفاقية الأوروبية للتسليم وتاريخ 13 دجنبر 1957 في مادتها السادسة الفقرة باء التي تمنع ذلك، وكذا القانون الدولي منها الاتفاقية الدولية المصادق عليها بمقتضى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عدد 45/116 وتاريخ 14/12/1990، والمعدلة بالقرار 52/88 وتاريخ 12/12/1997 التي لا تسمح بالتسليم، وكذا اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وهولندا بتاريخ 20 شتنبر 2010. والإمكانية المفترضة هي أن شعو تم اعتقاله احترازيا في إطار الحالة المؤقتة التي يفترضها القانون الهولندي، والسماح للدولة الطالبة، وهي المغرب في هذه القضية باستكمال إجراءات الشكاية الرسمية المادة 748 من قانون المسطرة الجنائية، وفي هذه الحالة فقط يمكن افتراض وتصور بقاء شعو معتقلا، ومحاكمته وفقا للقانون المغربي في دولة هولندا. فالمعركة القانونية قد بدأت فعلا، وغدا ستسمعون عن مكاتب محاماة ترفع طلبات ضد دولة هولندا، والقانون الهولندي يضع أجل شهرين للسلطات المغربية لاستكمال الإجراءات حيث يمكن بقاؤه رهن التوقيف الاحترازي درءا لفراره ووضعه تحت سلطة القضاء الهولندي، وهو وجه من أوجه التعاون القضائي، وبعد ذلك سيحال شعو أمام القضاء الهولندي، الذي يسترجع أهلية احتمال تقدير متابعته، والبث في وضعيته بوضعه رهن الاعتقال الاحتياطي ومحاكمته، بعد نظر القضاء الهولندي فيما يوفره المغرب من أوراق وأدلة وقبولها، أما في حالة عدم قبولها فإنه يفرج عنه. ويحتكر القضاء الهولندي وحده حق تقدير متابعة المطلوب، على أن يتم وفقا لفصول القانون الجنائي المغربي، التي يبينها المغرب رفقة الشكاية الرسمية ووسائل الإثبات، كما أن القضاء الهولندي له وحده ولاية اعتقاله احتياطيا، أو فرض أحد التدابير القضائية غير السالبة للحرية في حقه، بما فيه كفالة الحضور، أو فرض المراقبة القضائية عليه وإبقائه في حالة سراح، ولا يتدخل القضاء المغربي في ما يقرره القضاء الهولندي من تدابير في هذا الخصوص وهذا الباب. أما إن تم التسليم!، وهو أمر مستحيل قانونا!، فقد يكون خارج إطار القواعد القانونية الهولندية والأوروبية والدولية والاتفاقية مع المغرب، وفي إطار صفقة خارج نطاق القانون، ومن أجل ذلك قد يتم استخدام جنسية المطلوب شعو المزدوجة في تعليل ذلك وتبريره، والدفع بأنه مغربي، والمهم في كل ذلك، أن المعركة القانونية طويلة، قد انطلقت في إطار التسليم الذي يعلن ويؤكد وزير الاتصال أنه سيتم للمغرب، ونحن نقول أنه غير وارد قانونا. فالمغرب إن اعتمد على مذكرة الجلب بمقتضى الأمر عدد 403/2015، الذي أصدره نورالدين داحن قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء بتاريخ 19 ماي 2015، فإنه سيكون في وضع من ظل الطريق وأخطأ في المسطرة، أما إن اعتمد الشكاية الرسمية فقد ينال اعتقال شعو ومتابعته في هولندا وفقا للقانون الجنائي المغرب لكن دون الظفر بالتسليم، وخارج هذه المساطر، فالتسليم إن تم فيجب البحث عن حيثياته ومبرراته في فلك صفقات عالم السياسة وأسرارها، وأستبعد نزول وخضوع دولة هولندا لهذا النوع من السلوكات، الذي ستشكل أرضية للنيل منها أمام القضاء الأوروبي. *محام وخبير في القانون الدولي