حصيلة برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من زلزال الحوز    في الذكرى ال22 للمبادرة الملكية لتنمية الجهة.. وفد وزاري يسلط الضوء من وجدة على إمكانات جهة الشرق    محكمة هامبورغ العليا تقضي بتسليم محمد بودريقة إلى المغرب    حفرة عملاقة تتشكل وسط الطريق الرابطة بين أكادير وإنزكان (صور)    بنك المغرب…ارتفاع القروض المتعثرة ب 2,4 في المائة سنة 2024    ارتفاع قياسي في مفرغات الأسماك بميناء الجبهة بنسبة 73% مع نهاية فبراير    نشرة إنذارية: هبات رياح قوية مع تطاير الغبار مرتقبة غدا الخميس بعدد من أقاليم المملكة    سد بوعاصم بالحسيمة.. لا وجود لمخاطر على السلامة بعد المعاينة (وزارة)    وادي زم: توقيف شخص متورط في قضية تتعلق بالتزوير واستعماله    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس.. أمطار وزخات مع رعد بمنطقة طنجة    الأمن الإيطالي يحقق في واقعة تهريب رضيعة من طنجة    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    المغرب، الشريك التجاري الأول لإسبانيا في إفريقيا    تقارير استخباراتية أوروبية: الرئاسة والجيش وأجهزة المخابرات في الجزائر تعاني من حالة شلل كامل    مقتل عشرات الفلسطينيين في غارات جوية إسرائيلية    المغرب يدعو لمواكبة البلدان التي تمر بمرحلة انتقال سياسي لتسريع عودتها إلى الاتحاد الإفريقي    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة -17- آلاستَير بونيت: الغرب الأبيض!    خالد بن الصغير يترجم «يهود الامبراطورية السفراد»    أخبار الساحة    حكومة غزة: 436 شهيدا في 48 ساعة    وهبي يتمسك بمصطلح "الأحداث" عوض "الأطفال" في التشريع الجنائي    "بلوكاج إداري" يعطل العمل في 3 أكاديميات و24 مديرية إقليمية للتربية والتكوين    اللجنة الوطنية لمراقبة حماية المعطيات ذات الطابع الشخصي تُنظم جلسات استماع تتعلق بمعالجات الذكاء الاصطناعي    بركة: الجشع المفرط للوبيات وراء التضخم غير المبرر في المغرب    تماسك المغرب الجديد    الإسكندر في المغرب    خطير.. تقرير يكشف عن تسريب أكثر من 31 ألف بطاقة بنكية في المغرب    فتح باب الترشيح لرئاسة جماعة أصيلة    "التقدم والاشتراكية" يستنكر استخدام العمل الخيري لأغراض انتخابوية ويدعو لوقف التطبيع    هيئات نقابية وسياسية مغربية تستنكر عودة الكيان الصهيوني لسفك دماء الفلسطينيين وتطالب بوقف التطبيع    "رمضانيات الأحرار" بأكادير… أمسية روحية مميزة احتفاء باليوم العالمي للمرأة    "الغادريان": نتنياهو يشعل مجددا الحرب في غزة من أجل البقاء في السلطة    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الأسبوع الوطني للماء 2025: تعبئة وطنية لمواجهة التغيرات المناخية وضمان الاستدامة المائية    سيدة مضطربة عقليا تدخل المسجد بملابس غير لائقة    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    ديمقراطية تركيا.. اعتقال عمدة إسطنبول منافس أردوغان في رئاسيات 2028 وتعطيل مواقع التواصل في البلاد    أوكامورا:الاقتصاد المغربي أظهر مرونة في مواجهة الصدمات السلبية    بورصة الدار البيضاء .. تداولات الافتتاح على وقع الأخضر    المغرب وروسيا يوقعان اتفاقًا جديدًا للصيد البحري لمدة أربع سنوات    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    أولمبيك آسفي يعلن انفراجا في أزماته بعد تدخل لقجع    المنتخب المغربي يواصل تحضيراته لمباراتي النيجر وتنزانيا قبل السفر إلى وجدة    منخرطو الوداد ينتفضون في وجه الرئيس آيت منا    أرباح الأندية المغربية من بيع اللاعبين في 2024 تبلغ 8.27 مليون دولار    جامعة الكرة تصادق على تعديلات جديدة.. عقوبات لتخريب الفار وارتكاب الشغب    إعادة الإدماج بنون النسوة: حفل إفطار جماعي لنزيلات السجن المحلي العرائش 2    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    أَكُلُّ هذا القتل من أجل تجويد شروط التفاوض؟    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    "إفطار رمضاني" في العاصمة الرباط يُنوه بتوازن النموذج الحضاري المغربي    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سبحان الذي أخرجني من السجن وأدخل إليه (مبارك)!
نشر في هسبريس يوم 03 - 08 - 2011


بسم الله الرحمن الرحيم
بداية أقول: اللهم لا شماتة. وأنا من بلاد المغرب لا أستغرب ما يعيشه شعبنا العربي المسلم العظيم من تحول مفصلي في حياته السياسية التي بدأت بثورته المجيدة على طواغيت العصر وآلهة الحكم الديكتاتوري والتي جرفت في طريقها هذه الأصنام البشرية إلى أن استقر بهم المقام في قفص الاتهام. اللهم لا شماتة.
كان هدير الثورة (الشعب يريد إسقاط النظام) كأحلى مقطع غنائي سمعته في حياتي. وكانت ترديدات الجماهير الحاشدة في ساحة التحرير وشوارع القاهرة والإسكندرية وباقي المدن المصرية (ارحل) (مش عاوزينك) (اطلع بارة)... أعذب معزوفة تشنف سمعي. في الواقع كانت الترديدات أكثر رحمة بالطواغيت.. ذلك لأن هؤلاء المجرمين لو رحلوا في الوقت المناسب، ولو فروا إلى أي مكان مجهول، أو ذهبوا إلى (إسرائيل) وطلبوا حق اللجوء السياسي. فالإسرائليون أعز الأصدقاء والأحباب لدى صاحب (الفخامة). أقول لو فعلوا ذلك لكان الأمر أهون عليهم وأقل مذلة وهوانا مقارنة بما هم عليه الآن: صاحب (الفخامة) مع نجليه في قفص الاتهام!! اللهم لا شماتة.
إنها محاكمة لمعمر القذافي وأولاده أيضا، ومحاكمة لبشار الأسد وأزلامه كذلك، ولعبد الله علي صالح وبيادقه... فضلا عن بنعلي وأوتاده. لقد أصبحت الشعوب العربية الآن هي الحاكمة وأصبح طواغيت العصر هم المحكومين. الشعوب العربية أقوى الآن من أمريكا وأوروبا والغرب عموما. وها هم حكام الغرب يباركون الثورات مكرهين حتى وإن أصبحت مصالحهم في البلاد العربية على كف عفريت أو في مهب الريح. صحيح إنهم لا يؤيدون هذه الثورات إلا إذا أوشكت على إسقاط الصنم، حينها تهرع إلى مؤازرة الثوار دون أن يكون لها خيار... وهذا يعني أن الثورة أكبر، لأنها قامت مرددة الله أكبر. ولكنهم يؤيدونها على كل حال.
سمعت بعضهم يطالب بالصفح والعفو والرحمة. عجبا ! أين كانت هذه الرحمة مدفونة كل هذه العقود من الظلم والمحسوبية واغتصاب لقمة العيش للفقير المغلوب على أمره؟ وانتهاك حرمة العفيفات في المخافر وفي غيرها؟ أين كانت هذه الرحمة وهو يقصي أهم تيار إسلامي في العالم الإسلامي على الإطلاق من حقه في ممارسة حياته السياسية والاجتماعية وفق قناعته واجتهاداته؟ أين كانت هذه الرحمة وهو يلزم الأمة في العيش تحت سيف قانون الطوارئ لعقود من الزمن؟ الآن ظهرت لكم الرحمة؟ وكما يقول المصريون أنفسهم: (بعد إيه؟)
بعد قتل 850 متظاهرا عن عمد وسبق إصرار؟ وجرح الآلاف من العزل من أبناء الشعب؟ وتخريب عشرات المؤسسات والمباني؟ والتسبب في إفلاس عدد من التجار والحرفيين والصناع والشركات... ؟ بعد تهريب أموال الشعب واحتكار كل موارد الأمة من صناعة وزراعة وعقار وغيره...؟
بعد التآمر مع الحبيب العدلي وزير الداخلية الذي ثبت أنه هو من فجر الأقصر واغتال السياح وغيرهم لحشر الأبرياء في السجون؟ وبعد التآمر أيضا مع أركانه الستة المعروفين ومع بعض كبار ضباط الشرطة للقيام بالمهمة القذرة: قتل الشعب؟ وبعد الخيانة المتمثلة في صفقة إهدار الغاز الطبيعي المصري وبيعه ل(إسرائيل) بأثمنة تفضيلية؟ أجل؛ أثمنة تفضيلية. أما أشقاؤه وجيرانه العرب الفقراء فلهم أثمنة أخرى، بل أبناء شعبه الذين هم أصلا من يملك هذا الغاز يشدون على بطنهم الحجارة من الجوع. نسي الفرعون أن الغاز ليس ملكا له ولا ملكا لأبيه، وإنما هو ملك الأمة، كل هذا في الوقت الذي يشد فيه الخناق على أهالي غزة المجاهدة وتنفيذ توصية الصهاينة في إغلاق منفذ رفح الحدودي وكل المنافذ التي تؤدي إلى المدينة المسلمة المحاصرة رغما على الشعب المصري المغلوب على أمره. فمنع الطعام والدواء وقطع الغيار الأساسية على (إخوته) في الدين والملة والأرض والتاريخ والمصير... إرضاء للمحتل الصهيوني. ثم يأتي اليوم وقد حكم فيه رب العزة ليقول أمام المحكمة وهو ملقى عل سريره الطبي: [كل هذه الاتهامات أنا أنكرها كلها] ويتبعه ولداه بنفس المقولة. (بعد إيه؟ ولا إيه؟
إلى الذين يطالبون بالعفو على قلتهم أقول: من يعفو عمن؟ إن العفو ليس من حق أحد إلا من ولي القتيل. { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (178) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)} [سورة البقرة]
إنه القصاص وإنه شرع الله وهو الحياة وهو التخفيف من ربنا... ولا أرى رأس مبارك ومن والاه إلا معلقة على أعواد مشانق الشعب العادلة وأجسادهم (المقدسة) متدلية تحت أشعة شمس الحرية. فلا قداسة بعد اليوم إلا لمن قدسه الله تعالى. أما الأصوات النشاز التي تطالب بالعفو والصفح، فإنها قطعا ليست أصوات اليتامى والثكالى والأرامل والجرحى والفقراء والبؤساء ضحايا صاحب الفخامة ولا فخامة.
الرئيس محمد حسني السيد مبارك ونجلاه وبعض أعوانه في قفص الاتهام؟؟ إنها لسابقة لا بد لها من لاحقة. فالذين لا يزالون يقاومون من هؤلاء الطواغيت بشار والقذافي وعبد الله... لم يفهموا بعد أنهم مهما قتلوا من الناس – على فداحة قتل النفس الواحدة التي حرم الله قتلها إلا بالحق – فإنهم إلى المشانق مجرجرون، وإلى جهنم يحشرون... إلا أن يفعل الله أمرا كان مفعولا. أما الشعب فلنسائه العفيفات من الأرحام الطاهرة ما تعوض به شهداء الحرية المسلمين الذين لم يموتوا أصلا بل هم أحياء كما قال الله تعالى { وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ154} [البقرة]
القضية بسيطة: هناك قتلى وجرحى... وهذه حقيقة. القتلى سقطوا برصاص السلطة، وهذه حقيقة أخرى. رجال السلطة هؤلاء إما أنهم تصرفوا بأوامر قيادية دون أوامر الرئيس والمقربين منه؛ وهذا مخالف لواقع الرئيس وأعوانه الذين رأوا بأعينهم ما يجري في شوارعهم من هجمات بالخيل والجمال والعربات...
وسمعوا بآذانهم لعلعات الرصاص وطلقات البنادق الآلية والسيوف والخناجر... ورأوا بأعينهم جثث المواطنين متناثرة على قارعة الطريق. وهذه أيضا حقيقة... وإما أن رجال السلطة هؤلاء تصرفوا بالأمر المباشر من الرئيس نفسه ومن وزير داخليته وباقي الجوقة المجرمة. وفي كل الحالتين مسؤولية هؤلاء الدكتاتوريين ثابتة ثبوت الجبال الرواسي وواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
25 يناير 2011 تاريخ الثورة المصرية سيبقى منقوشا على صفحات قلوبنا إلى أن نلقى الله. إنها حقيقة تاريخية جديدة تكتب بماء العين وليس فقط بماء الذهب كما يقال. وأخيرا يمكن لنا أن نقول: ليس هناك أحد فوق المساءلة. ها هو ذا الشعب يحاكم رئيسه ويطالب بالقصاص الذي أقله الإعدام شنقا. وإن كنت أرى أن يقتل رميا بالرصاص لأن الجزاء يجب أن يكون من جنس العمل. وها هو ذا سيف العدالة يهزم دجل الأزلام وكذب الإعلام الذي زين فساد الحكم وأضفى على الحكام الخونة والظلمة هالة التقديس والشرعية وفتح الباب أمام تزلف المنافقين والمنتفعين من طغيان وجبروت (صاحب الفخامة).
هناك رجل لم يصبر على مشاهدة مبارك وولديه في القفص الحديدي، رجل له رمزيته ومكانته في تاريخ الصراع العربي الصهيوني، إنه بنيامين بن اليعيزر وزير الدفاع الإسرائيلي الذي أعرب عن حزنه على هذه المحاكمة الشعبية متهما الشعب المصري بأنه ولى ظهره لرئيسه الذي كان بطلا قوميا وكان وكان... والحقيقة أنه حزين على مستقبل مشروعه الصهيوني في المنطقة وليس على مبارك الذي لا يساوي عنده ''فوطة'' ورقية يلقيها في القمامة لحظة أن ينتهي من استعمالها.
وقبل الختام أود أن أهمس في أذن الطاغية نجل الطاغية جمال مبارك بأن المصحف الذي يحمله في يده هو من يأمر بالقصاص والعدل وهو من يرفض الظلم والجور وكل أنواع البغي والعدوان. فلا داعي من التظاهر بالتقوى والهدى... فقد انكشف المستور.
كلمة أخيرة لباقي البلدان العربية
لعل باقي الدول العربية حكاما ومحكومين يعرفون ما لهم وما عليهم الآن أكثر من أي وقت مضى، ولعل الحكام يستيقنون أن مستقبلهم مع شعوبهم وليس ضدا عليها. وأن من يراهن على الغرب في خضم التسونامي البشري الثائر إنما يراهن على فرس أعرج ومتعثر.
بلدي المغرب ليس في منأى عن هذا الحراك الشعبي العربي. وأكذوبة الاستثناء باتت بالية لا يصدقها أحد. لأن أمراضنا هي أمراض الأمة من محيطها إلى محيطها على تفاوت، وأظن أنه إن كان هناك من استثناء فهو في استعداد ملك المغرب على النهوض بعملية الإصلاح الفعلي. وأرى أن نعطيه الوقت والفرصة الكافيتين لهذا الإصلاح الشمولي، بل أرى أن نساعده بصدق وإخلاص على هذه المهمة التي بدأها بالفعل وهي مهمة ليست بالسهلة بعد عقود من الفساد المستشري وجحافل من المفسدين في كل مكان.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.