منظمة الصحة العالمية: انتشار الفيروسات التنفسية عالميا لا يزال ضمن المعدلات الطبيعية لموسم الشتاء    العلمي وبوريطة يمثلان جلالة الملك في حفل تنصيب رئيس غانا الجديد    أوجار يدعو الوزراء إلى النزول للشارع ويتحدث عن نخبة اقتصادية "بورجوازية" ترتكب جريمة في حق الوطن    كأس الرابطة الانجليزية.. نيوكاسل يقترب من النهائي بتغلبه على مضيفه أرسنال (2-0)    إصابة داري وعطية الله تُربك الأهلي    مغرب الحضارة آفة *" _التدخين ": كارثة على الأنفس والأموال ضررها أكثر من نفعها وجب إتخاذ القرار    توقعات مديرية الأرصاد لطقس اليوم الأربعاء    حريق هائل بكاليفورنيا الأمريكية يجبر نحو 30 ألف شخص على إخلاء منازلهم    الرباط.. اعتقال ثلاثة أشخاص بينهم سيدتان متخصصون في النصب باستعمال "السماوي"    كيوسك الأربعاء | الضريبة على السيارات: ما الذي سيتغير في عام 2025؟    ‮ ‬الوطني الذي‮ وافقه التاريخ في‮ أربع ‮!    زلزال شيتسانغ بالصين: تواصل جهود الإنقاذ    الدرك الملكي بخميس متوح يحجز 420 لترا من مسكر ماء الحياة بضواحي أم الربيع    محكمة طنجة تُدين طبيبًا ومساعدًا في قضية اختلاس أدوية وبيعها    صندوق الضمان الاجتماعي يمنح فرصة للإعفاء الجزئي من ذعائر التأخير والغرامات وصوائر تحصيل الديون    الدعم الاستثنائي الموجه لقطاع الصحافة والنشر سينتهي في شهر مارس المقبل بعد تفعيل المرسوم الجديد ذي الصلة (بنسعيد)    ترامب يستعرض "طموحات توسعية".. كندا وقناة بنما وجزيرة غرينلاند    استعداد لكأس إفريقيا 2025.. اجتماع لتتبع أشغال تهيئة الملعب الكبير لطنجة    مجموع مبالغ التسوية الطوعية للضريبة بلغ أكثر من ملياري درهم وفقا لمكتب الصرف    بنسعيد يكشف مستجدات الدعم الاستثنائي لقطاع الصحافة والنشر    العلمي وبوريطة يحضران حفل تنصيب رئيس غانا الجديد    كرة القدم.. رئيس ريال مدريد يدعو إلى إجراء انتخابات النادي    مواجهة تفشي بوحمرون يجمع مسؤولي الصحة والتعليم بالحسيمة    جينيفر لوبيز و أفليك يتوصلان لتسوية الطلاق    وزير الصناعة والتجارة: 69 بالمائة من المغاربة يفضلون المنتوج الوطني    وزير الاستثمار: 48 مشروعا استفاد من المنحة الترابية للأقاليم الأقل تنمية    عملية التسوية التلقائية للممتلكات بالخارج تحقق ملياري درهم في 2024    دعوى قضائية ضد الرئيس الجزائري في باريس    ارتفاع حصيلة زلزال التيبت إلى 126 قتيلا    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وفاة الرمز التاريخي لليمين المتطرف في فرنسا عن 96 عاما    استقالات قيادية تهز الرجاء الرياضي    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    وزارة المالية: حاجيات الخزينة لشهر يناير تصل إلى 14 مليار درهم    الشرق الأوسط الجديد بين سراب الأوهام وحقائق القوة.. بقلم // عمر نجيب    تشاد والسنغال تستنكران تصريحات ماكرون بشأن ما اعتبره "جحود" الزعماء الأفارقة    المغاربة يغيبون عن "بوكر العربية"    صناع محتوى مغاربة في "قمة المليار متابع" بالإمارات    حنان الإبراهيمي تنعي والدتها بكلمات مؤثرة (صور)    المستشارون يؤجلون تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب ويشترطون التفاوض مع النقابات أولاً    الدعم المباشر للسكن.. تسجيل 110 آلاف طلب استفادة في ظرف سنة    مساء اليوم في البرنامج الثقافي "مدارات " بالإذاعة الوطنية : لمحات عن المؤلفات الفقهية والأدبية للسلطان العلوي المولى عبدالحفيظ    شركة "سبيس إكس" تطلق 24 قمرا جديدا من "ستارلينك" إلى الفضاء    محمد بنشريفة مدرباً جديداً للمغرب التطواني    المغربي بوعبيد يعزز صفوف "صحم"    فنان أمريكي يرفض التعاقد على "عدم مقاطعة إسرائيل"    1,5 مليار درهم قيمة الاستثمارات الأجنبية في السينما بالمغرب    دراسة: الحليب لا يفرز البلغم عند الإصابة بنزلات البرد    بنسعيد يستعرض دواعي مشروع قانون حماية التراث    كلية الآداب بتطوان وجماعة العرائش يوقعان اتفاقية إطار للتعاون    منتجع مازاغان يحصل على عدد كبير من التتويجات في عام 2024    مرسى ماروك تستثمر في محطة نفطية جديدة في دجيبوتي.. لتعزيز سلاسل الإمداد اللوجيستي في شرق إفريقيا    الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    الأوقاف تعلن عن فتح تسجيل الحجاج إلكترونيا لموسم 1447 هجرية    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام -3-    تفاصيل انتشار فيروس يصيب الأطفال بالصين..    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مذكرات صحافي لا يشبه الآخرين 11 حذاء طبي ودمعة ساخنة
نشر في هسبريس يوم 06 - 06 - 2017

في هذا المكتوب، الذي ينشر على حلقات طيلة شهر رمضان، دعوة صادقة إلى الإقبال على الحياة. إنه يقول، من خلال سرد أحداث واقعية من حياة إعلامي مغربي قهر المستحيل بقدم واحدة، إن الحياة جهد وعرق وتضحية.. وإنها – قبل ذلك وبعده – جميلة حقا، وتستحق أن تعاش.
الضوء خافت. شعاعٌ دائري ينبعث من المطبخ ويغطي جزءً من فناء الدار. وبعيدا عن الضوء ومصدره، جلسنا نتسامر. كان الفناء مفتوحا على السماء، وفي أقصاه سلم صغير. في تلك الليلة الصيفية، تحدثنا عني. وكنت أمسك يد جدّي وأعجب من العروق البارزة عليها. وكان فارع القامة، لم تُصب منه السنين، حاشا انحناءة بسيطة أعلى الظهر.
وقال جدي، وهو ينظر إلى السلم الخشبي:
- إياك وذاك.. فإنك تسقط فتنكسر !
ودار الحديث عن حذائي الطبي الجديد. وما كنا نعرف أين تصنع هذه الآلات المعينة على التنقل. وما كنا نعرف عن الموضوع، في المجمل، شيئا ذا بال. فقد مرت أعوام على استشفائي بالرباط، وبتُّ اليوم فتى صغيرا.. وكان جدي يرنو ببصره إلى السماء ويدعو:
- الله يشافيك ويعافيك، يا ولدي.
ولشدّ ما كانت ترجُّني دعواته، فقد كان صوته هادئا وقورا كأنه يقنعني أنني حقا مريض. وما كنت أرى نفسي مريضا ولا معاقا ولا كائنا ضعيفا يقف على قارعة الحياة وينتظر أن يكرمه الناس أو تجود عليه الحظوظ.
ولكنني كنت أحلم بحذائي الطبي الطويل! وأعترف، الآن، أنني قضيت تلك الليلة أفكر فيه وأخالني ماشيا دون أن يؤلمني الساعد ولا الظهر ولا الجنب الأيمن ولا الأيسر.
ورأيتني، في خيالات تلك الليلة، أسير دون أن أستند على شيء. أمشي ببطء إن شئت وأهرول مسرعا إن أردت. خلتني أجري، على طريق طويلة لا تنتهي، وكلما ركضت نحو اللانهائي زادت رغبتي في الركض.
وركبنا الحافلة من جديد. ويرن في أذني صوت وردة "في يوم وليلة". وتحت بصري وجوه الناس وهي تراقب، من خلف الزجاج، وادي زا ينساب تحت القنطرة. وعلى مخيلتي صور الصبي الصغير في حضن الأم ونساء تستظهرن كل عبارات التعاطف المتداولة. وتحت جلدي، نمل كثير يدب. وأغلق عيني فتندلقُ دمعة ساخنة.
ثم حقق الله رجاء الفتى الصغير. وخطوت أولى خطواتي دون أن أستند على شيء. وصرت رجلا مستطيعا بحذائه. وقد كان طه حسين يتمثل بمقولة أبي العلاء المعري فيقول: أنا رجل مستطيع بغيره. والحق أنني لم أقتنع يوما بذلك، فكل رجل وكل امرأة مستطيعان بداهةً بغيرهما، أنى كانت أوضاع الجسد وأمراضه. وتلك سنة الحياة التي لا تخطئ أحدا.
ودخل الفتى حجرة في البيت ثم جعل ينظر إلى حذائه الممتد من أخمص القدمين حتى أعلى الفخد. وأثنى ركبته، على سبيل التجريب، وأرسلها وأعاد الكرة مرات حتى اطمأن. وإني لأراه مستغرقا في القراءة، لا يعرف مأتى نشوته أمن توفيق الحكيم أم من حذائه الطبي الجديد!
وكم سعد الوالدان لسعادتي. وإني لأنظر إليهما ونجيمات مذهّبة تسّاقط من عينيهما. وكانت أمي تغيب لحظات ثم تطل:
- إيوا الحمدلله.. دابا مزيان.. كيجاك الصبّاط بعدا؟
وكنت أجيبها بالكلمة الجامعة المانعة "مخيّر"، فلا تلبث أن تعود فتسأل السؤال نفسه. على أنني كنت محتاجا إلى تجربة أعمق من مجرد المعاينة، فقمت إلى السلم الخشبي في أٌقصى الفناء وشرعت أنظر إليه وأتساءل عن الوقت الذي أقضيه في صعود درجاته.
وقلت لنفسي إنني الآن أستطيع أن أصعد السلم في رمشة عين، أو في رمشات عين على أسوأ تقدير.
وما أن هممت بوضع رجلي على أولى درجاته حتى فقدت توازني وتراجعت القهقرى ثم ارتطمت على الأرض. ولقد آثرت أن أسقط على جانبي الأيسر خوفا على الحذاء.
وصرخت أمي:
- يا لاباس !؟
فأجبت وأنا أحاول أن أكتم آهاتي:
- والو.. آآآه !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.