وجه محمد عبادي، الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، انتقادات حادة للسياسة التي تنهجها الدولة في تدبير المرحلة الراهنة، على جميع المستويات، وقالَ إنَّ المغرب "يوجدُ على فُوّهة بركان". عبادي قال في حوار بثته قناة "الشاهد" الإلكترونية، التابعة لجماعة العدل والإحسان، إنّ سبب الاحتقان الذي يعيشه المغرب حاليا، بعد تفجر أحداث الريف، "سببه الاستفراد بالسلطة واحتكار الثروة". وأضاف العبادي: "يتحدثون عن التغيير في ظل الاستقرار، والاستقرار لا يكون إلا بالعدل، فالعدل هو أساس المُلك، ومن طبيعة الضغط أنّه يولد الانفجار"، ذاهبا إلى القول، حين حديثه عن الوضع السياسي في البلد، إنّ المغرب "مازال يعيش نظاما مستبدا، جمع السلط كلها في يده، ولم يعط للأحزاب إلا ما يَسُد الرمق"، وزاد: "هناك ظلم واستبداد في جميع مجالات الحياة". وعلى المستوى الاقتصادي، انتقد الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، "استيلاء النظام على الثروة"، مُردفا: "المشاريع الاقتصادية مُعظمها يستحوذ عليها النظام ولا يريد أن ينافسه عليها أحد، ما نتج عنه الفقر المدقع والبطالة التي تمتد في كل أرجاء المغرب، ونتجت عنها الفوارق الاجتماعية". وتابع عبادي بأنَّ المجال الاجتماعي لا يقلّ وضعه سوءا عن المجالين السياسي والاقتصادي، قائلا: "سياسة التمييع المُمارَسة نتجت عنها أمور مهولة جدا، كالدعارة المنتشرة، خاصة في المدن السياحية..كما أصبحت العصابات تصدرها إلى الخارج". وعلى المستوى الحقوقي قال الأمين العام لجماعة العدل والإحسان، وهي أكبر تنظيم إسلامي في المغرب: "هناك انتهاك صارخ لحقوق الإنسان.. الصحافة مكمّة الأفواه، والجمعيات لا يُسمح لها أن تشتغل بحرية إلا بالنسبة التي تساير توجهات الدولة.. وهناك قمع للمظاهرات"، ذاهبا إلى وصف الوضع الحقوقي في البلد ب"المزري". وجوابا على سؤالٍ حول الأسباب التي أدّتْ إلى الوضع الذي يعيشه المغرب حاليا، وفق تصوّره، قال عبادي: "عندما تجتمع السلطة والثروة تكون هناك مَفسدة مطلقة، والاستبداد، إذا أضيف إليه احتواء الثروة، فانتظر جميع المآسي والكوارث التي تهلك الأمة وتؤدي إلى خراب المجتمع". واعتبر المتحدث ذاته أنَّ الديمقراطية التي يجري الحديث عنها في المغرب "ليست سوى واجهة تستهدف العالم الخارجي"، معتبرا أنَّ دستور 2011 لم يُفض إلى أيّ تغيير حقيقي؛ ذلك أنه "لم يَنبُعْ من إرادة سياسية حقيقية تُريد التغيير والقطع مع الماضي، بنيِّة جديّة مع الشعب، بل جاء للالتفاف على مطالب الشعب لإنهاء حركة 20 فبراير". وبخصوص الحَراك الشعبي الذي تعرفه منطقة الريف، قالَ عبادي، المزداد بمدينة الحسيمة: "لقد عشنا مآسي بعد خروج إسبانيا. كان من المفروض أن تقف الدولة مع أهل الريف، وتطالب إسبانيا بتعويض السكان المتضررين من استعمالها للمواد الكيماوية التي حوربوا بها، لكن الذي حصل هو أن الجيش اجتاح المنطقة عام 58 وعاث فيها فسادا". وتابع العبادي: "النظام نهج سياسة تهجير الشباب حتى لا يكونوا عنصرا مشوشا، وغض الطرف عن انتشار الكيف والمخدرات لتكتسح المنطقة كلها، إذ إن استفادة أباطرة المخدرات متبادلة بينهم وبين الدولة"، معتبرا أن "الريف يعاني من التهميش أكثر من باقي المناطق، وكان تهميشه مقصودا ومتعمّدا"، على حدّ تعبيره. وفيما لازال الحَراك الشعبي في الريف مستمرا، ومعه وقفات التضامن التي تشهدها عدد من المناطق، قال عبادي إنّ دائرة الاحتجاج ستمتدّ لتشكل مناطق مغربية أخرى، "إذا لم يتدارك العقلاء هذا الوضع وينزلوا إلى الشعب ويلبوا مطالبه"، مضيفا أنّ المقاربة الأمنية في التعامل مع الاحتجاجات "لن تزيد الوضع إلا اشتعالا".