ترامب يهدد بمحاولة استعادة قناة بنما    هيئة المعلومات المالية تحقق في شبهات تبييض أموال بعقارات شمال المغرب    المغرب يخطط لإطلاق منتجات غذائية مبتكرة تحتوي على مستخلصات القنب الهندي: الشوكولاتة والدقيق والقهوة قريبًا في الأسواق    تشييع جثمان الفنان محمد الخلفي بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء    فريق الجيش يفوز على حسنية أكادير    شرطة بني مكادة توقف مروج مخدرات بحوزته 308 أقراص مهلوسة وكوكايين    دياز يساهم في تخطي الريال لإشبيلية    فرنسا تسحب التمور الجزائرية من أسواقها بسبب احتوائها على مواد كيميائية مسرطنة    المغرب يوجه رسالة حاسمة لأطرف ليبية موالية للعالم الآخر.. موقفنا صارم ضد المشاريع الإقليمية المشبوهة    المغرب يحقق قفزة نوعية في تصنيف جودة الطرق.. ويرتقي للمرتبة 16 عالميًا    حفيظ عبد الصادق: لاعبو الرجاء غاضبين بسبب سوء النتائج – فيديو-    وزارة الثقافة والتواصل والشباب تكشف عن حصيلة المعرض الدولي لكتاب الطفل    فاس.. تتويج الفيلم القصير "الأيام الرمادية" بالجائزة الكبرى لمهرجان أيام فاس للتواصل السينمائي    التقدم والاشتراكية يطالب الحكومة بالكشف عن مَبالغُ الدعم المباشر لتفادي انتظاراتٍ تنتهي بخيْباتِ الأمل    مسلمون ومسيحيون ويهود يلتئمون بالدر البيضاء للاحتفاء بقيم السلام والتعايش المشترك    الرجاء يطوي صفحة سابينتو والعامري يقفز من سفينة المغرب التطواني    العداء سفيان ‬البقالي ينافس في إسبانيا    جلالة الملك يستقبل الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني    بلينكن يشيد أمام مجلس الأمن بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    وقفة أمام البرلمان تحذر من تغلغل الصهاينة في المنظومة الصحية وتطالب بإسقاط التطبيع    الولايات المتحدة تعزز شراكتها العسكرية مع المغرب في صفقة بقيمة 170 مليون دولار!    الجزائر تسعى إلى عرقلة المصالحة الليبية بعد نجاح مشاورات بوزنيقة    انخفاض طفيف في أسعار الغازوال واستقرار البنزين بالمغرب    رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك    لقاء بطنجة يستضيف الكاتب والناقد المسرحي رضوان احدادو    بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أيها الفيزازي "لفقيه لي نترجاو بركتو دخل الجامع ببلغتو"!!!
نشر في هسبريس يوم 23 - 07 - 2011


حوار بالسيف والقلم (9)
لا بد في البداية من إبداء هذه الملاحظات :
1 "لفقيه لي نترجاو بركتو دخل الجامع ببلغتو" . لاحظ القراء الكرام أن الفيزازي الذي يعد نفسه الحافظ لكتاب الله تعالى والفقيه المتبحر في علوم القرآن والحديث والداعية المتعاظم على غيره من الدعاة والأئمة باعترافه هو نفسه (كنت أكاد أخالف الجميع) .. يخطئ في آية قرآنية يحفظها العامة من الناس ويرددونها باستمرار ( فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ) ليحرفها الفيزازي وينسبها إلى الله تعالى في قوله "فربنا عز وجل يقول: {فاسألوا أهل العلم إن كنتم لا تعلمون} . أيجوز مثل هذا الخطأ من حافظ للقرآن وفاهم لمعانيه ومستوعب لمقاصده ؟؟؟ وما أراك إلا أعماك الحقد وأصمك البغض وطمس بصيرتك الهذيان ومسك الغرور وتملكك وسواس المدح الخناس فاختلط عندك الذكر بالعلم وتشابهت لديك أسماء الناس وصار جمال هو حسن وحسن هو جمال فجميعهم آل "البنا" . إنها لا تعمى الأبصار ياشيخ الفيزازي ، وكيف لبصرك أن يرى ما تكتب من أخطاء وقد عميت بصيرتك من شدة البغض والحقد والجنون والهستيريا . (الله يكون في عونك ، اختلطت عليك لعرارم) والله أشفق عليك يا شيخ من الحال التي صرت عليها بعد أن اختلطت عندك الأمور والأسماء والآيات . ماذا كنت فاعلا بي لو أني وقعت فيما أنت فيه الآن ؟ تجفف بي الأرض ؟ أليس كذلك ؟ أنا لن أفعل معك ما أنت فاعل معي . لكن أنبهك إلى أن هذا الخطأ لم يكن ليصدر عن شيخ "عالم" "عارف" . لهذا أنصحك "سير راجع سوارك" ودع النقاش الفكري لأصحابه ومن يمتلك أدواته .
2 أنت ياشيخ لم تأتيني بما كتبته بيدي في أي موضوع من المواضيع التي صادرتَ فيها على المطلوب (وهو هنا تكفيري أو ما شابهه) ، كل ما تفعله أنك تحملني أفكار وآراء من فتحت لهم جريدة الأحداث المغربية صفحاتها للنشر . ولعلمك ناقل الكفر ليس بكافر . هذا من ناحية ، ومن أخرى ، ما يطرحه الأستاذ العفيف الأخضر من آراء حول تطور الكائنات تلزمه هو وليس أنا ، وكان عليك أن تلتزم بالنهي القرآني (ولا تزر وازرة وزر أخرى) هذا إذا كنت فقيها عادلا ، ولي يقين أنك لستهُ . فضلا عن هذا ، فما قاله العفيف الأخضر في موضوع تطور الكائنات بما فيها الإنسان وفق نظرية داروين ، قال به عدد من الفقهاء والعلماء وعلى رأسهم الدكتور عبد الصبور شاهين في كتابه"أبي آدم" . ولا أظنك تجهل من يكون عبد الصبور شاهين ودرجاته العلمية . ثم كتاب "أبي آدم من الطين إلى الإنسان" للدكتور عمر شريف . وهو موجود بالمكتبات المغربية . بل إن المرحوم الملك الحسن الثاني استقبل د. عبد الصبور شاهين في عز الهجمة التي شنها عليه بعض فقهاء مصر ومكنه من إلقاء درس بين يديه ضمن الدروس الحسنية الرمضانية . وأردت بهذا التذكير أن أنبهك أن المغاربة (ملكا وحكومة وشعبا ) يقرون بحرية الفكر ولا ينزعون إلى فرض الوصاية على العقول وتنميطها لتخضع لقوالب الفكر الأحادي .
3 لن ينفعك التدليس والتلبيس من قول الحقيقة التي لا بد أن تعترف بها ولك أن تتراجع فيما بعد عنها ، وهي تكفيرك لفئات من المغاربة : الحكومة ، اليسار ، الاشتراكيين ، الديمقراطيين . خلافي معك أصله أنك تكفر غيرك في قضايا سياسية أو خلافية تتعلق بتأويل النص الديني وتطالب بقتلهم . وكان أولى لك أن تعلن تراجعك عن تكفير خصومك ولا شيء عليك ، أو كما يقول العامة ( ما عند مريضنا باس) . لكنك لم تفعل وأخذتك العزة بالإثم فحاولت عبثا صرف الأنظار عن تطرفك وتعطشك للدماء . فاليوم أنت تخوض جولات الجدال معي ليس دفاعا عن الإسلام ولا تحاول خداع القراء بهذا ، بل انتقاما لكرامتك . وهذا الذي جعلك أهوج غاضبا حانقا لا تسمع لمن ينصحك باللين في القول ولا بالتأدب في الحوار . كرامتك مرغتها أنت بفتاواك وتنطعك ، ولم تتعظ من منعك من الخطابة بالمسجد قبل اعتقالك بسنوات .وكانت تلك رسالة لم تفهمها ؛ مضمونها أنك فقدت صلاحيتك ولم تعد الدولة بحاجة إلى ترهاتك . ولمّا لم تفعل "جبتيها فراسك" بكل بساطة ووضوح .
4 الخلاف بيننا لا يحتاج إلى مناظرة ،بل إلى توضيح مقتضب وبسيط تعلن فيه أنك تراجعت عن تكفير خصومك وقبلت بالعمل السياسي وفق القوانين الجاري بها العمل . مما يعني أنك لم تعد تكفر البرلمان والديمقراطية والانتخابات . فضلا عن هذا ، المناظرة ليس لها شكل واحد ، وأنا اخترت أن أجادلك بهذه الطريقة التي نحن عليها الآن . ألا يحق لي أن أمارس حريتي في الاختيار ؟ إلى متى ستظل تفرض على الناس معنى الإسلام وطريقة تعبدهم وأسس تدبيرهم لمعاشهم ونمط تفكيرهم ؟؟؟
5 بالعدة التي أملك وهي السؤال والبحث استطعت بحمد الله دون منة أن أناصر مطالب النساء في رفع الظلم والحيف عنهن عبر سلسلة مقالات نشرتها منظمة العمل الديمقراطي الشعبي في كتاب بعنوان"مشروع خطة إدماج المرأة في التنمية بين التشريع المساند والتشنيع المعاند" ، وقدم قطاعها النسائي نسخة من الكتاب إلى اللجنة الملكية الاستشارية التي عينها الملك محمد السادس لمراجعة مدونة الأحوال الشخصية ، قدمت النسخة ليحاجج بها لدى اللجنة على كون مطالب النساء لا تصادم الشرع . والقضايا التي تناولتها في الكتاب تمت مراعاتها في مدونة الأسرة . فأين كنت أنت ياشيخ من تلك المطالب ؟ لماذا لم تناصر المرأة لرفع الظلم عنها ؟ ماذا قدمت للمرأة في معركتها من أجل الكرامة والحرية والمساواة في الإنسانية والمواطنة ؟
6 ظل الفيزازي يراوغ ويتهرب من الجواب عن الأسئلة التي طرحتها وكذلك القراء الكرام منذ بداية الجدال . ولا زالت ريمة على عادتها القديمة . فالمفروض في الفيزازي أن يتحلى بالشجاعة الأدبية ويعلن عن موقفه من القضايا مثار الجدال والسؤال .
على امتداد ردود الشيخ الفيزازي يزداد اليقين لدى الكثير من القراء الكرام الذين ذيلوا ردوده بتعاليقهم ، بأن الشيخ تكفيري دموي بالطبع والتطبع . وقد خلق لدى الكثير من القراء صورة منفرة عن الدين ومقززة عن مثل هؤلاء الشيوخ المتطرفين . بل إن إصرار الشيخ على سفك دماء الأبرياء بعد تكفيرهم هو رسالة صريحة إلى عموم المواطنين والأحزاب والهيئات الحقوقية والمدنية تكشف لهم عن الخطر الطالباني الذي يتهدد مستقبل البلاد والعباد إذا تمكن هذا التيار التكفيري من الحكم والغلبة . ولا يعتقد أحد أن الخلاف شخصي بيني وبين الشيخ الفيزازي ، بل هو خلاف بين مشروعين مجتمعيين : مشروع مجتمعي حداثي ديمقراطي متسامح ومنفتح على القيم الكونية ومتشبث بالهوية الدينية والحضارية واللغوية والعرقية المتعددة والغنية ، ومشروع مجتمعي يعصف بكل المكتسبات الحضارية ويؤسس لاستبداد ديني على النحو الذي طبقته حركة طالبات في أفغانستان . وإصرار الفيزازي على قتل المرتدين والكفار إنما هو الشجرة التي تخفي غابة الممارسات الوحشية التي يدخرها التيار السلفي التكفيري للمواطنين يوم يصير الحكم بيده لا قدر الله . إنه بفتاواه المتطرفة يستهدف كل القوى الحية التي تمنح المجتمع حيويته وتفاعله مع الثقافات والقيم الإنسانية . وأولى هذه القوى المستهدفة هي فئة الديمقراطيين واليساريين والاشتراكيين والحقوقيين لأنهم يشكلون القلب النابض للمجتمع ، وبفضل نضالاتهم وتضحياتهم يتمتع المغاربة بهذا الهامش المتميز من الحرية . والفيزازي هو من تركة عهد وظف فيه الملك الراحل الحسن الثاني فتاوى التكفير لمحاربة خصومه السياسيين خاصة من اليساريين والاشتراكيين والقوميين . وكان هذا نهجا سار عليه كثير من الحكام العرب . كانت إستراتيجية خاطئة يدفع المغرب اليوم ثمنها غاليا ( العمليات الإرهابية ، تغول قوى دينية قد تفقد الدولة السيطرة عليها خاصة بعد اختراقها لحركة 20 فبراير الخ) . ونفس الخطأ ارتكبته الدولة بدعمها للتيار السلفي الوهابي قصد توظيفه ضد المد الشيعي عقب ثورة الخميني ، وضد المد التنظيمي لجماعة العدل والإحسان على اعتبار أن التيار السلفي يكفر الشيعة والصوفية معا . فكانت النتيجة خلاف كل الحسابات : استمر النشاط الشيعي ، تغولت جماعة العدل والإحسان ، وخرج السلفيون عن الطاعة وتحولوا إلى تفجيريين يهددون النظام والدولة والمجتمع . والمقاربة الأمنية التي نهجتها الدولة سنة 2003 عقب الأحداث الإرهابية ، كانت بهدف تطويق الخطر الجهادي وإبطال مفعوله . وهاهو الشيخ الفيزازي يقر أنه تراجع عن كثير من أفكاره داخل السجن ، أي أنه خرج من السجن فاقدا للصلاحية ، بحيث لم تعد الدولة بحاجة إليه في مواجهة أعداء وخصوم النظام . فالنظام اختار المصالحة وإدماج خصوم الأمس في تدبير الشأن العام ، ولم يعد من خطر يتهدده سوى خطر التيار الديني بمكونيه : التكفيري الجهادي وجماعة العدل والإحسان . فماذا يبقى للشيخ الفيزازي من دور وقد استغنى عنه النظام وأفقده صلاحيته ؟ فالنظام الملكي أدرك أن الضامن لاستمراره واستقراره هو البناء الديمقراطي . فهل سيجاري الشيخ الفيزازي هذه التحولات ؟ لنعرضه على ميزان شرعه كما حدده بنفسه . ألم يقل الشيخ عن أحكامه ومواقفه من خصومه ( اعتمدت فيها الدليل المادي لبعض أعمالهم الخائنة, و أنزلت عليها الدليل الشرعي من الكتاب و السنة.( ؟ لنلاحظ ونستنتج :
1 الفيزازي يرفض الديمقراطية ويكفرها ويجعلها مناقضة للدين . وهذا قوله في انتقاده للشيخ القرضاوي
(والعجب كل العجب أنّ الدكتور يقرر في مقاله " أنّ من حقنا أن نقتبس من غيرنا من الأفكار والأساليب والأنظمة ما يفيدنا.. ما دام لا يعارض نصًّا مُحكماً، ولا قاعدة شرعية ثابتة..".
فكأنّ الديمقراطية عند الشيخ في أصولها وآليتها، لا تعارض نصًّا محكماً أو قاعدة شرعية ثابتة. في حين، وعلى نحو ما قرّرنا مما لاخلاف فيه عند كل من شمّ للديمقراطية رائحة، تصطدم هذه النِّحلة مع الدين كله، عقيدة ووسيلة وغاية.) . إذا كان الأمر كذلك فلماذا يعلن الفيزازي أنه سيشارك في العملية السياسية كما في قوله (أنني سأؤسس، إن شاء الله تعالى، حزبا إسلاميا متى توفرت لي بذلك الضمانات)، وإذا لم يتمكن فقد أعلن استعداده للانضمام إلى حزب العدالة والتنمية . والعمل السياسي يقتضي أحزابا تتنافس على أصوات الناخبين ، وصوت الناخب هو شهادة . بينما الشيخ سبق وأفتى بما يلي :
(إنّ لنا نحن المسلمين في هذا تفصيلاً، كما يعلم كل من يعرف الإسلام.. وقد سبق القول بأنّ الإنتخاب شهادة.. وهذه نقطة اتّفاق. والشهادة للتّذكير، تقتضي تحقق شروط وانتفاء موانع.. ومن شروطها العدالة، كما سبق. ومن موانعها الفسق، كما سبق أيضاً.. علاوة على شرط آخر، لا يعلم الصدق فيه إلاّ الله تعالى، وهو أن تكون الشهادة لله (وأقيموا الشّهادةَ لله) .
(ثم نأتي إلى كلمة "واجبه الإنتخابي" في جملته السابقة.. وأقول: إنها لغة دخيلة مستوردة، إلا أنها عند التقصّي والتّحقيق، أي عند معرفة أهداف الإنتخابات الديمقراطية ومنطلقاتها ووسائلها، لا تكون غير واجبة فقط، بل يكون الأداء لها، على نحو ما قرّرنا، مُحرّماً شرعاً، بل هو يُفضي إلى الردّة والخروج عن الإسلام، في حق من أصرّ واستمرّ مع مجيء البيّنة.) . السؤال هنا ما الذي جعل الشيخ يجيز ما كان يعتبره "محرما شرعا" ويصطدم "مع الدين كله، عقيدة ووسيلة وغاية "؟هل تغير الشرع أم تغير رأي الفقيه ؟ وهل تغير رأي الفقيه لتغير فهمه وفقهه أم لتغير مصلحته ؟ فإن كانت لتغير فهمه فقد كان جاهلا لشرع الله فلا يحق له التشدق بالعلم والمشيخة ، وإن كانت لتغير مصلحة الفيزازي فهو قد صار انتهازيا نفعيا برجماتيا ينشد مصلحته حيثما وجدت . والانتهازي النفعي البرجماتي مبدؤه "الغاية تبرر الوسيلة" . فما هي غاية الفيزازي اليوم بعد ما غير موقفه من الديمقراطية؟ خدمة الإسلام أم تحقيق مصلحة خاصة ؟ أجزم أن الفيزازي عينه على كرسي البرلمان ، وجاه البرلمان ، وفخامة البرلمان ووجاهة البرلمان ، وملايين البرلمان . ولم لا والمصلحة متبادلة بين السلفيين والإسلاميين ؟؟ ولا يمكن تحقيق طموح الشيخ وتطلعاته البرلمانية إلا عبر الانتخابات . والانتخابات لا تكون إلا بالتصويت . والقوانين تسمح للبالغين سن الرشد القانونية ( وليس الشرعية كما يطالب الشيخ ) بممارسة حق التصويت الذي يعتبره الشيخ شهادة لا تقبل إلا من "راشد شرعا" وليس من كل "من هب ودب " . إذا تشبث الفيزازي بموقفه الرافض للديمقراطية ولحق التصويت فإن نعمة "التبرلمانية" ستضيع والحلم سيتبخر . لهذا ، قرر الشيخ تغليب مصلحته على مصلحة"الشرع وثوابته" . وصارت الفتوى تدور مع دوران مصلحة وطموح الشيخ . إذن ما ذنب الذين كفرهم الشيخ وسبهم ونعتهم بأخس النعوت لا لشيء سوى أنهم طالبوا بالديمقراطية والحرية والكرامة . لنفترض أن ولي الأمر صدق الفيزازي وآمن بموقفه ومنع الأحزاب وحرّم الديمقراطية وأدخل البلاد في ديكتاتورية شاملة ، من سيتحمل الوزر ؟ وماذا سيفيد من ذهبوا ضحية فتاواه التحريمية والتكفيرية إن تراجع عليها ؟ أليس تلاعبا بالدين أن يكون الشيخ في كل يوم على رأي ؟
2 الفيزازي ينكر التحزب ويرفضه لأن التحزب تفتيت للأمة وتمزيق لأوصالها وتفريق دينها . كتب الشيخ الفيزازي منكرا كل تحزب ( وأقول لطلاب الحق بالمناسبة ( يقصد أعضاء جماعة العدل والإحسان) ، دونكم علماء الإسلام ودعاته ، خاصة أولئك الذين لا يساهمون في تفتيت الأمة بمزيد من التكتلات والهيئات والأحزاب .. والحذر كل الحذر من علماء السوء العاملين على هدم صرح التوحيد باسم التوحيد وطمس معالم السنة باسم السنة ، والقائمين خلف تمزيق المسلمين وتفريق دينهم وجعلهم شيعا ( كل حزب بما لديهم فرحون ) الروم 32 . .. فهي أحزاب وشيع مهما حاولنا التستر عليها بمصطلحات جميلة كالحركات الإسلامية وما شابهها ، فهذا إخواني وهذا سلفي وهذا تبليغي .. وإننا لنذوق المر من جراء هذه الانقسامات والتفيئات حتى صارت بعض هذه الجماعات يلعن بعضها ويفسق بعضها ويكفر بعضها .. والكل همه الدفاع عن عنوانه بدل دينه وتكثير سواد جماعته وتنزيه أميره إن لم أقل تقديسه)(ص 55) .ثم يتساءل ( وكم هي تلك الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أمرت بالاعتصام بالكتاب والسنة ، ونهت عن التفرقة في الدين والاختلاف فيه ، فهل ندري مدى الجرم الذي نقترفه في حق أمتنا وديننا حينما نجعل من أهل القبلة أحزابا متباغضة وهيئات متعارضة ؟)(ص 55) . أين الفيزازي من كل هذه النصائح والمواقف الرافضة للتحزب والتجريح والقذف في التيارات الدينية الأخرى ؟ ألا يعد تمزيقا للأمة وتفتيتا لها أن يؤسس الفيزازي حزبا له ؟ أليس "جرما" في حق الأمة ؟ ألن يشارك في تفتيت الأمة بانضمامه إلى حزب العدالة والتنمية ؟ ألن يخالف الدين وتعاليمه وهو يختار التحزب ؟
كل مواقف الشيخ هذه تكفر التصويت والتحزب والديمقراطية ، ويدعي الفيزازي أنه يحكّم الشرع في حكمه . الإشكال هنا ليس في تغيير المواقف في حد ذاتها ، بل في تغييرها دون سابق إنذار ، أي دون تأصيل شرعي . ثانيا ، أن الفيزازي لا يترك لخصومه حقا في الاختلاف معه ، فهم إما مثله في القناعة والموقف فهم مؤمنون أو مخالفون له فهم خارج دائرة الإسلام . إنه شيخ تكفيري للجميع وعيبه أنه ينكر تطرفه وتكفيره هذا . فهو يصفي خلافه بتكفير خصومه لا بمناقشتهم . للجدال بقية .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.