لم تكن المحاولتان الفاشلتان للانتحار اللتان أقدمت عليهما "مّي عيشة" سوى الشجرة التي أخفت غابة من الإحساس "بالظلم و"الحكرة" و"اختلال الموازين الخاصة بالقضاء"، وفق ما عبَّرت عنه لجريدة هسبريس الإلكترونية الأرملة التي اشتعل رأس شعرها شيبا. "مّي عيشة" التي توجَّهت، عشية أمس الاثنين، صوب بيت شقيقها نواحي القنيطرة، عقب خضوعها لفحص طبي أُعطيت على إثره بعض الحقن المهدئة، أكدت للجريدة أن "الظلم والاحتيال وتآمر مشتغلين بالقضاء ومحامين، عوامل أودت بهكتارين من أرضها، إلى جانب 5 هكتارات تعود إلى شقيقها، دون وجه حق"، على حد تعبيرها. "أنا مْرا هجّالة، لا ولد لا بنت، وساكنة مع خويا عندو 6 دراري"، تحكي "مّي عيشة" بحرقة وصوت مرتفع، متهمة جارا لهم ب "إدخالي في دوامة قضائية أفْضَت إلى بيع الأرض بالمزاد العلني قبل سنة من الآن، دون أن تكون لي أدنى علاقة بالاتهامات الموجهة إليّ رفقة شقيقي وزوجته". وتعود أطوار القضية إلى السنوات القليلة الماضية، حين قام "خ. ب"، مهاجر مغربي مقيم بالديار الفرنسية، بتوكيل صهره لاقتناء ضيعة فلاحية لتربية الدجاج، فيما اتفق مع بوزياني محمد، شقيق "مّي عيشة"، على أن يقوم بحراسة الضيعة والقيام على شؤونها وفق عقد بينهما. وأكد بوزياني أن صهر صاحب الضيعة طالبه لاحقا بتسليمه المفاتيح، والذهاب في حال سبيله، إلا أن شقيق "مّي عيشة" رفض الامتثال، مؤكدا أن على عاتقه أمانة يجب أن يؤديها لصاحب الضيعة الذي استأمنه على ممتلكاته، ويجمع بينهما عقد، ما لم يرق للصهر الذي رفع دعوى قضائية ضد الأجير مستعملا الوكالة الممنوحة له، متهما بوزياني وزوجته وشقيقته "مّي عيشة" ب "الترامي على أملاك الغير والاستغلال". "قضى قاضي التحقيق بمتابعة الصِّهر بالنصب، إلا أن ابتدائية القنيطرة حكَمت ببراءته لاحقا، وقضت بتعويضه بمبلغ 240 مليون سنتيم أؤديها أنا وشقيقتي وزوجتي، ليتم الحجز على أرضنا البالغة 7 هكتارات وبيعها بالمزاد العلني قبل سنة من الآن"، يقول محمد الزياني لهسبريس. المهاجر المغربي بلقراشي خليفة، صاحب الضيعة الفلاحية، أكد لجريدة هسبريس الإلكترونية أن صهره استغل الوكالة التي كلفه بموجبها باقتناء الضيعة، ليقوم بحيازة الضيعة وتحفيظها باسم أولاده، مضيفا أنه كلف شقيق "مّي عيشة" بحراسة الضيعة فعلا وكان شاهدا على اقتنائه لها. "بعد كل هذا، كيف لا أقوم بمحاولَتَي انتحار؟ كيف لي أن أعيش كل هذا الظلم وأفقد أرضي دون أن يكون لي ناقة ولا جمل في كل هذا الموضوع؟ خاصة وأنني كلما قمت بالاحتجاج على الصهر الذي ورطنا في هذه المشكلة يقول لي: سيري عند سيدْنا للرباط، سيري تموتي تما، أما الأرض راني فرقت فلوسها على بناتي"، وفق تعبير المتحدثة. وكانت عناصر الوقاية المدنية، بمساعدة مواطنين، قد تمكنت منتصف نهار أمس الاثنين من إنزال "مّي عيشة" من أعلى لاقط هوائي خاص بالاتصالات، يوجد على بُعد خطوات من مقر ولاية أمن الرباط ومقر البرلمان بمدينة الرباط، تمسكت به لأزيد من ساعتين، مهددة برمي نفسها منه.