عبد الرحمان لم تسعفه ظروفه العائلية والاجتماعية للعثور على مقعد بمدرسة الدوار إذ منذ بلوغه سن العاشرة من عمره أصبح أجيرا أسبوعيا بالتعاونيات الفلاحية حيث يتقاضى مقابل ذلك بعض الدراهم التي لا تسمن ولا تغني من جوع بعد ذلك ينام بالأكواخ المنصوبة قرب الأكواخ إلى أن استقر به الحال بمنزل مشغل الذي يملك حقلا زراعيا، إذ يعمل بحقله صباحا ويقيم بمنزله ليلا حتى أصبح يعتبر فردا من أفراد عائلته وقد دام على هذا الحال مدة عشر سنوات تقريبا ليغادرها بعد ذلك في اتجاه مدينة أخرى لمدة طويلة تقارب العشر سنوات ويعود إلى المكان الذي احتضنه ومنحه الدفء والخصاص الأبوي. لكن هذه المرة كرجل كون بعض الثروة وأراد استكمال دينه. فطلب يد أصغر بنات هذه العائلة وبعد استكمال كل الإجراءات غادر مرة أخرى في اتجاه الدارالبيضاء إلا أن الأوضاع تغيرت فقد أصبح صهرا للعائلة بعدما كان مستخدما لديها، لكن الأشياء لم تكتمل فقد كتب لها أن تتوقف في منتصف الطريق. البداية كانت طعنة سكين ...؟ أخبر مركز الدرك الملكي من طرف رئيس جماعة أن شابة تعرضت لطعنة سكين وقد تم نقلها على متن سيارة الإسعاف في حين ما زال سكان التعاونية الفلاحية يحاصرون الجاني. مما استدعى التنقل الفوري لرجال الدرك، وبوصولهم إلى التعاونية كان هناك شخص واقف وبيده سكين وهو في حالة هستيرية يهدد كل من حاول الاقتراب منه ومصاب بجرح على مستوى ذراعه الأيسر، حيث أمر من طرف رجال الدرك برمي السكين وهو ما استجاب له فتم إلقاء القبض عليه بعد تفتيشه تفتيشا وقائيا، لحظتها أخبر فيها سائق سيارة الإسعاف رجال الدرك بوفاة الضحية بالمركز الصحي ليتم نقلها إلى المستشفى قصد إجراء تشريح طبي على الجثة. فأي شيء قاد المشتبه فيه إلى ارتكاب هذه الجريمة في حق زوجته ؟ لقد غاب الصهر منذ سنتين تقريبا لقد أكد الشاهد الذي يقطن بجوار منزل الضحية أنه منذ عدة سنوات عقد المشتبه فيه قرانه بالضحية، حيث حررا عقد النكاح دون إقامة أي حفل وقد تم ذلك في حياة والدها ، حيث كان الزوج يغيب عن منزل أصهاره عدة شهور، وفي يوم الحادث، وبينما كان بمنزله في انتظار وجبة الغذاء ، سمع صياح نساء فخرج لاستطلاع الأمر حيث شاهد الضحية قادمة جريا صوب المستوصف الصحي وهي مصابة بجرح دام ببطنها وبوصولها باب المستوصف سقطت على وجهها وهي ممدة على الأرض كما عاين المشتبه فيه هاربا صوب الطريق وهو مطارد من طرف السكان. وبعد محاصرته كان في حالة هستيرية يهدد كل من حاول الاقتراب منه بواسطة سكين. في حين أكد الشاهد الثاني أنه منذ صباح يوم الحادث غادر منزل عائلته رفقة شقيقته قصد رعي الأبقار. ومع منتصف النهار حيث اشتد الحر عاد إلى المنزل إذ لم يعثر على الضحية داخل البيت فخرج للبحث عنها وهي اللحظة التي شاهد فيها الجاني يسوقها خلف المستوصف تحت التهديد بالسلاح الأبيض، وقتها حاول الاستغاثة إلا أنها طلبت منه الابتعاد والعودة إلى المنزل لحظتها قام الجاني بطعنها على مستوى البطن وفر وسط الحقول في اتجاه الطريق المعبد فتبعه حشد من تلاميذ المدرسة بينما الضحية عادت جريا في اتجاه المستوصف إلا أنها سقطت في حين ظل الجاني محاصرا من طرف السكان. تسخير زوجتي في أفعال مشينة «ازددت سنة 1960، حيث ترعرعت تحت حضانة والدي دون أن أتلقى أي تمدرس في طفولتي وعند وصولي العاشرة من عمري التحقت بالتعاونية للعمل كأجير فلاحي بالحقول. فتعرفت على أسرة الضحية التي أصبحت أعمل بحقول عائلتها. وبوصولي العشرين من عمري غادرت المنطقة. حيث مارست البناء في بداية الأمر بعدما حصلت على رخصة السياقة في جميع الأصناف وأصبحت أعمل سائقا بشركة للحافلات منذ سنة 1981 ولم أزر هذه العائلة مدة 12 سنة وبحلول يوليوز 1998 عدت إلى التعاونية لزيارة هذه الأسرة وبعد استقراري مدة شهرين بمنزل هذه العائلة تقدمت لطلب يد الضحية من والديها وبعد الخطوبة ، حررنا عقد النكاح بيننا وتم الاتفاق بيننا على تدبير أمر منزل مستقل قصد ترحيل زوجتي إليه. فعدت عاقدا العزم على تحقيق هذا الأمر. وبعد توفير مبلغ مالي اشتريت منزلا بدوار أولاد حدو، حيث أسكن حاليا، وقررت استقدام زوجتي للإقامة معي وخلال عيد الأضحى الأخير زرت أصهاري وزوجتي إذ قضيت معهم عدة أيام اتضح لي خلالها أن حماتي تتماطل في مرافقة زوجتي إلى منزلي.فتحملت كل هذا وعدت إلى عملي بالبيضاء. بعدما قمت بثلاث زيارات متوالية لمنزل أصهاري محاولا إقناع حماتي بالموافقة لأخذ زوجتي معي والتي كانت تصرح لي أنها رهن إشارة والدتها وليس بمستطاعها فعل أي شيء. فرحلت وفي نيتي عدم العودة عند أصهاري مرة أخرى خاصة وأن شكوكا بدأت تراودني حول تصرفات زوجتي وحماتي خاصة لما لاحظت إقامة شابين بمنزلهم. حيث عاودني الحنين لزيارة زوجتي وهي اللحظة التي قررت فيها أن أضع حدا لمشاكلي إما باصطحاب زوجتي معي أو الانفصال بشكل نهائي. وبوصولي إلى الدوار في حدود منتصف النهار وبعد ولوجي منزل أصهاري وجدت أشقائها وحماتي كانت متغيبة عن المنزل. وبعد أن غادر الجميع اختليت بزوجتي التي طلبت منها إبداء رأيها في هذا المشكل خاصة وأنني أصبحت عديم الشهوة الجنسية أو الجماع مع أي امرأة. لحظتها أكدت لي أنني لست رجلا وأن والدتها هي صاحبة الرأي الأول والأخير. فغضبت غضبا. إذاك خرجت مسرعا وفي طريقي صادفت طفلا أعرفه سلمته مبلغ 50 درهما قصد اقتناء قنينة دواء الطفيليات وتناولت محتواها مخبرا زوجتي أنني سأنتحر لحظتها أخرجتها مستعملا العنف في حقها شاهرا في وجهها سكينا وبوصولي خلف المستوصف تبعني شقيقها حينها قمت بطعن الضحية زوجتي على مستوى البطن بينما ضربني شقيقها بواسطة مقدمة عتلة على مستوى ذراعي الأيسر.وهي اللحظة التي التف فيها حولي جمع غفير من السكان وأنا مهرول في اتجاه الطريق المعبدة لألوذ بالفرار. إذ كنت في حالة هستيرية مهددا كل من يحاول الاقتراب مني . لقد سقت زوجتي تحت التهديد قصد مرافقتي إلى مدينة الدارالبيضاء للوقوف على حقيقة شرائي المنزل قصد بناء عش الزوجية علما أني لم أمارس معها منذ اقتراني بها كما أن وقت الاعتداء عليها لم تكن لدي نية قتلها. كانت هذه تصريحات عبد الرحمان أمام رجال الدرك. لم أكن حاضرا وقت الاعتداء على شقيقتي في حين أكد شقيق الضحية الذي ادعى المتهم أنه اعتدى عليه وتسبب له في جرح على مستوى ذراعه الأيسر أنه غادر مقر سكناه رفقة والدته صباح يوم الحادث في اتجاه السوق قصد بيع بعض الحيوانات وأثناء عودته من السوق على متن سيارة أجرة وبوصوله إلى الدوار، لاحظا جمعا غير عاد بالقرب من سكناهم وهي اللحظة التي أخبره فيها أحد المارة أن صهره قد اعتدى على شقيقته بواسطة سكين . في حين شاهد مجموعة من السكان محاصرة الجاني. مضيفا أنه منذ أن قام بإبرام عقد الزواج لم يقم بأية زيارة للعائلة، إذ لم يأت حتى في موت والده. ولم يقدم العزاء إلا بعد مرور ستة أشهر رفقة والدته. نافيا أن يكون قد اعتدى على الجاني. المتهم يتشبث بالدفاع عن نفسه وبعد استكمال إجراءات البحث التمهيدي أحيل الملف على المدعي الذي استنطق الجاني واستصدر قرارا قضائيا قصد إجراء بحث في النازلة أسند للسيد قاضي التحقيق وأمامه أكد ابتدائيا أنه قام بطعن الضحية بسكين أحضره معه. في حين صرح تفصيليا أنه تزوج الضحية على سنة الله ورسوله. وبعد كتابته العقد طلب من زوجته أن ترافقه إلا أن صهرته ظلت تماطله مختلقة سببا من الأسباب. ويوم النازلة جاء لوضع حد لمشاكله إلا أن إحدى النساء أخبرته أن صهرته تسخر زوجته في أشياء مشينة وأن لها علاقة مع بعض الشبان من الجماعة وهو ما جعله يتسلح بسكين ويقصد منزل أصهاره قصد أخذ زوجته إلا أنهم طاردوه بالحجارة وآليات فلاحية بينما حاولت زوجته شل حركاته ولم يعرف كيف أصاب زوجته أو عدد الطعنات التي اصابتها في حين تشبث الشهود بتصريحاتهم لدى الضابطة القضائية. واستنادا لما جاء في تصريحات المتهم والشهود إضافة إلى أن تقرير الطبيب الشرعي أكد أن الضحية البالغة من العمر 16 سنة كانت مفتضة البكارة منذ مدة طويلة أقر قاضي التحقيق بعدم ثبوت جناية القتل العمد مع الإصرار والترصد في حق المتهم وعدم متابعته من أجله ومتابعته بجناية الضرب والجرح العمديين المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه وهو القرار الذي عارضته النيابة العامة واستأنفته أمام الغرفة الجنحية التي أبدت قرار النيابة العامة وأحالت الملف على غرفة الجنايات قصد محاكمة المتهم طبقا للقانون. أثناء المحاكمة وبعد استيفاء إجراءات الإحالة أحضر المتهم مؤازرا بدفاعه المعين في إطار المساعدة القضائية وبعد التأكد من هويته التي جاءت متطابقة مع محضر الضابطة القضائية، أشعر بالمنسوب إليه، فأكد التصريحات المفضى بها إلى السيد قاضي التحقيق تفصيليا. مضيفا أنه لما احتدم الصراع بينه وبين أصهاره هاجموه فحمل سكينا من مطبخهم وحاول الدفاع عن نفسه فأصاب الهالكة. ممثل الحق العام التمس إدانة المتهم وفق ملتمساته الكتابية في الأقصى أما دفاع المتهم المعين في إطار المساعدة القضائية ، فقد التمس تكييف المتابعة من القتل العمد مع سبق الإصرار إلى ضرب وجرح خاصة وأن المتهم أكد أمام الدرك وقاضي التحقيق والمحكمة أنه لم تكن له نية قتل زوجته وقد كان في حالة استفزاز. وبعد أن كان المتهم آخر من تكلم انسحبت الهيئة للمداولة وعادت بعدها لتصدر القرار التالي. محكمة .. إن غرفة الجنايات تصرح علنيا حضوريا وابتدائيا بمؤاخذة المتهم من أجل القتل بعد استبعاد سبق الإصرار والحكم عليه بعشرين (20) سجنا نافذا وتحميله الصائر مجبرا في الأدنى.وهو القرار الذي أيدته غرفة الجنايات الاستئنافية