بعد المبررات التي قدمتها الحكومة والبرلمان لمدة أربعة أشهر، والتي عاشت فيها المؤسسة التشريعية حالة من العطالة لكونها غير قادرة على مساءلة حكومة تصريف الأعمال، فاجأ وزير الاقتصاد والمالية في حكومة تصريف الأمور الجارية، محمد بوسعيد، نواب الأمة عندما أجاب على سؤال كتابي للبرلماني عن فيدرالية اليسار عمر بلافريج. وفي تجاوز لمهام حكومة تصريف الأعمال الجارية، التي أثارت مساءلتها نقاشا واسعا مع المؤسسة البرلمانية، توصل برلماني فيدرالية اليسار بالغرفة الأولى بجواب من الوزير بوسعيد حول سؤال عن "تفويت شركة مرسى المغرب ببورصة القيم"، الذي توصل به يوم 30 يناير الماضي. وسبق أن رفضت الحكومة المثول أمام مجلس المستشارين، الذي أعلن أنه تعذّر عليه عقد أولى جلساته الدستورية للأسئلة الشفهية الأسبوعية في دورة أكتوبر 2016 بعد اعتذار الحكومة عن الحضور، موضحا أن الأخيرة عللت موقفها بعدم اندراج ذلك ضمن مجالات تصريف الأعمال كما حدّدتها أحكام المادة 37 من القانون التنظيمي رقم 65.13 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها. وبجوابه الذي فصل فيه كثيرا أسباب تفويت الشركة في بورصة القيم، يكون الوزير بوسعيد قد رفض الامتثال لقرار الحكومة ورئيسها الذي برر عدم مثول وزراء تصريف الأمور الجارية بما ينص عليه القانون التنظيمي لأشغال الحكومة. وينص القانون المنظم لأشغال الحكومة على أن الغاية من تصريف الأعمال هي "اتخاذ المراسيم والقرارات الإدارية الضرورية، والتدابير المستعجلة اللازمة لضمان استمرارية عمل مصالح الدولة ومؤسساتها، وانتظام سير المرافق العمومية"، مضيفا أنه "لا تندرج ضمن تصريف الأمور الجارية ووضع الحكومة لتدابير من شأنها أن تلزم الحكومة المقبلة بصفة دائمة ومستمرة، وخاصة المصادقة على مشاريع القوانين والمراسيم التنظيمية". جدير بالذكر أنه سبق لأمينة المسعودي، عضو "اللجنة الاستشارية المكلفة بمراجعة الدستور" أو "لجنة عبد اللطيف المنوني"، والتي عاشت عن قرب ولادة الدستور المغربي لسنة 2011، أن أكدت أن التجارب المقارنة في تصريف الأمور الجارية لا يمكن أن تكون الحكومة موضع مسألة عنها، مشيرة إلى أن "ذلك ما نص عليه القانون التنظيمي لتنظيم أشغال الحكومة في مادته 35". وحسمت المسعودي النقاش حول أحقية البرلمان في استدعاء وزراء تصريف الأعمال للجلسات التشريعية بالقول: "لا يمكن أن تكون حكومة تصريف الأعمال محط مراقبة من طرف البرلمان"، مبررة ذلك بكون "كل القضايا الأساسية المرتبطة بالتشريع لا تتكلف بها حكومة تصريف الأمور الجارية".