في إطار فعاليات المهرجان الدولي للسينما ببرلين (البرليناله)، في دورته ال67، عرض فيلم وثائقي بعنوان "عبور الباب السابع"، للمخرج علي الصافي، يستعرض فيه محطات من حياة المخرج الراحل أحمد البوعناني. وعرض الفيلم الجديد للمخرج الصافي ضمن المنافسة على إحدى جوائز فقرة "منتدى البرليناله"، أو "فوروم"، بمهرجان البرليناله المخصصة للأفلام المستقلة من ضمنها جائزة السلام ، بحضور، على الخصوص، ابنته تودة البوعناني، وفريق العمل، وجمهور متميز ضم مخرجين وفنانين وإعلاميين ونقاد من مختلف دول العالم. وكشف الفيلم جوانب من حياة البوعناني، التي تحدث عنها في بوح نادر، رغم أن مساره الفني والأدبي وفكره لن يتسع لعمل واحد ، إلا أن "عبور الباب السابع" يظل مبادرة شجاعة قاربت بين البوعناني الانسان والفنان، وأهدت المشاهد، ليس فقط المغربي بل حتى الأجنبي، لمحة عن حياة شخصية مغربية كبيرة تفوقت على عصرها. وسلط الفيلم الضوء على البعض من أعمال الراحل السينمائية، وكتاباته وفلسفته في الحياة والسينما، والعشق الذي ظل يسكنه إلى آخر أيام حياته رغم اعتزاله الأضواء. وحاول الفيلم إبراز شخصية البوعناني المتعددة، التي جمعت بين الكتابة السينمائية والاخراج، وأيضا الشعر والرسم، ومدى اهتمامه بالثرات، وايضا البوعناني الانسان الذي ظل محاطا بحب عائلته إلى أن فارق الحياة، تاركا إرثا غنيا لم يظهر منه إلا النذر القليل. وقال المخرج الصافي، بخصوص الرسالة المتوخاة من الفيلم، إن دور المخرج ليس فقط إنجاز إبداع فني سينمائي، ولكن له أيضا دور مهم وضروري، "يكمن في حفظ الذاكرة على كل المستويات، خاصة منها ما يتعلق بالفنون والثقافة الشعبية، وإعطائها قيمة لتكون أساس بناء إبداعاتنا، حتى تكون هذه الابداعات أصيلة وخاصة بنا". كما قال الصافي، في تصريح صحافي، إن الفيلم يطرح سؤال الذاكرة "لأننا كمغاربة نحتاج إلى هذه الذاكرة لإبراز هويتنا الأصلية، كما قال البوعناني، رحمه الله، شعب بدون ذاكرة هو شعب بدون هوية"، واعتبر أن الفيلم هو عمل يندرج ضمن هذا التوجه، ويتوخى أن يكون بداية لبناء صرح سينما لديها خاصية ملية وهوية مغربية، معربا عن أمله في أن يشكل هذا العمل بداية للاهتمام بالحكاية والثقافة الشعبية المغربية؛ التي كانت تنظر إليها النخبة المغربية بارتياب، و"كأنها شيء ليس له قيمة". وخلص الصافي، الذي أخرج عددا من الافلام الوثائقية، آخرها "دموع الشيخات" الذي بثته مؤخرا القناة الثانية، إلى أن اختيار مهرجان من حجم "البرليناله" لعرض تجربة الراحل البوعناني وتكريم أعماله تعكس أنه فنان ومبدع حقيقي . جدير بالذكر أنه تمت، بشراكة مع المركز السينمائي المغربي، برمجمة مجموعة من الأفلام المغربية على هامش دورة المهرجان الحالية، تحت شعار: "حول البوعناني، سينما مغربية أخرى"، إذ تقترح فقرة التكريم عرض ثلاثة أفلام سينمائية طويلة، تجسد تجربة مدارس إخراجية وسمت السينما المغربية في سنوات السبعينات والثمانينات. ويتعلق الأمر بفيلم "وشمة"، للمخرج حميد بناني (1970)، و"السراب" لأحمد بوعناني (1979 )، و"حلاق درب الفقراء" لمحمد الركاب (1982)، إضافة إلى أفلام قصيرة منها ثلاثة أفلام للبوعناني؛ وهي "طرفاية أو مسيرة شاعر" (1966) و"الذاكرة 14"(1971)، و"المنابع الأربعة" (1978)، ثم "من لحم وفولاذ" و"الرجوع إلى أكادير" لمحمد عفيفي على التوالي (1957 و1967)، و"6 و12" لمحمد عبد الرحمان التازي، و"البراق" لمجيد رشيش (1973).