قال إدريس الكنبوري، الباحث المغربي في الشأن الديني، إن جذور ظاهرة "الإسلاموفوبيا" تعود إلى "الكنيسة المسيحية" وفترات الاستعمار للعالم الإسلامي، موضحا أن المسلمين أنفسهم أسهموا في انتشار هذا العداء ضد الإسلام في العالم الغربي، على غالبية المؤسسات التي تمثل المسلمين في الغرب "لم تتمكن من وضع فقه موازٍ قادر على التعامل مع المجتمع المضيف بالتسامح". الكنبوري، وهو يتحدث خلال ندوة مركز هسبريس للدراسات والإعلام حول موضوع "تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في الغرب"، اعتبر أنه بالرغم من أن مصطلح الإسلاموفوبيا يبقى حديثا ، فإن تعبيرها يأتي من العصور القديمة، "إذا توغلنا في التاريخ الماضي، نجد أن الأعمال العدائية التي كانت سابقة على المفهوم الحالي ظهرت خلال المرحلة الاستعمارية". وأوضح الباحث المغربي في شؤون الجماعات الدينية أنه، آنذاك، "بدأ الباحثون في السوسيولوجيا والإثنولوجيا واللغويات يدرسون العالم الإسلامي لكي يقربوا الصورة أكثر للإدارات الاستعمارية للتعرف على وقائعه الاجتماعية والثقافية". وفيما أضاف الكنبوري أن الصورة التي بلغت الدول الاستعمارية "ولّدت آنذاك نوعا من الخشية من المسلمين"، أكد أن مصطلح الإسلاموفوبيا بدأ ينتشر بشكل كبير ما بعد أحداث 11 شتنبر 2001، "إلى درجة أن بعض المنظمات الغربية والدولية، التي كانت لا تتحدث عن العداء تجاه المسلمين، بدأت تتبنى المصطلح؛ منها لجنة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة، ولجنة مكافحة الكراهية في الاتحاد الأوربي، على سبيل المثال". ويرى المتحدث أن بروز قضية الإسلاموفوبيا في الغرب تبقى بالغة إلى درجة من التعقيد، "فلا يمكن توجيه اللوم إلى جانب دون آخر؛ لأن أسبابه تجد لها جذورا في التاريخ"، مشيرا إلى أن الصورة النمطية الأولى التي تم تشكيلها ضد المسلمين في فترات تاريخية سابقة تكلفت بها الكنسية، مشددا على أنها "هي التي وضعت جل الصور النمطية التي تسيء إلى المسلمين وهي الصور نفسها التي تم إحياؤها خلال عصر النهضة ويتم نشرها اليوم على وسائل الإعلام وصور الكاريكاتير في العالم الغربي". ويشرح الباحث المغربي كيف أن تلك الرسوم المسيئة إلى الإسلام وإلى النبي محمد ﷺ لها جذور في الكنيسة والتاريخ المسيحي، "فكان يتم تصوير النبي محمد ﷺ على هيئة شيطان وشخص معادٍ للمسيح"، مضيفا أن الكنيسة في العصور الوسطى كانت تكلف رهبانا ومفكرين ب"صياغة كتابات معادية للإسلام والنبي ﷺ"، معتبرا أن ذلك التوجه المسيحي يعود إلى سببين "لكي يقنعوا المسيحيين حتى لا يدخلوا إلى الإسلام بعدما رأوا أفواجا تعتنق الدين الإسلامي بدون سيف". وعن السبب الثاني، يرى الكنبوري أن الأمر يتعلق بتبرير الحروب الصليبية التي كان يقوم بها المسيحيون ضد المسلمين، ليخلص أن تلك الصور النمطية يتم تجديدها مع كل عصر من العصور، "في عصر النهضة الأوروبية، ظهرت مفارقة كبيرة وعجيبة تمثلت في أن المفكرين الذين نظروا للتسامح كانوا من كبار خصوم المسلمين.. فألّف جون لوك كتابه التسامح ويتحدث عن حق جميع الحلق في التسامح إلا الأتراك أي المسلمين، فيما ألف فولتير مسرحية شديدة القسوة أسماها "محمد" أو "التطرف"". مقابل ذلك، يرى الكنبوري أن هناك ظواهر أسهمت في تنامي الإسلاموفوبيا، من ضمنها الأعمال الإجرامية التي تتعلق بالإرهاب وبالمسلمين أنفسهم، موضحا "في أوروبا غالبية المؤسسات التي تمثل المسلمين لم تتمكن من وضع فقه موازٍ للمجتمع الأوروبي قادر على التعامل مع المجتمع المضيف بنوع من التسامح"، متسائلا في استغراب: "لا يمكن لداعية متطرف يعيش في أوروبا ويحاضر ويحرض على قتل من يسميهم الصليبيين وهو في قلب أوروبا.. فمن الناحية الإسلامية والأخلاقية الأمر غير جائز، وهذا ما يساعد على نشر التطرف تجاه المسلمين من لدن الغرب".