خلافا لكل التكهنات والتقارير الإعلامية الغربية، حسم باراك أوباما، الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، في تأجيل ترحيل آخر معتقل مغربي في سجن "غوانتنامو" الأمريكي المقام في الخليج الكوبيّ، وهو عبد اللطيف ناصر، إلى المملكة؛ وذلك بعدما كشف خطة جديدة لترحيل 18 سجينا صوب أربعة بلدان دون المغرب. ويتعلق الأمر بإيطاليا والسعودية والإمارات وسلطنة عمان، حيث أوردت مصادر أمريكية رسمية من داخل البيت الأبيض أن أوباما يخطط لنقل 18 معتقلا جديدا من السجن العسكري في خليج غوانتنامو، من أصل 59 سجينا متبقيا، قبل أن يترك السلطة رسميا يوم 20 يناير المقبل، موعد أداء الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، اليمين؛ وذلك في سياق تقليص عدد معتقلي السجن الذي كان يضم منذ الغزو الأمريكي على أفغانستان قرابة 779 شخصا تم احتجازهم للاشتباه في علاقتهم بهجمات 11 شتنبر 2001. وحسب دبلوماسية أمريكية، فإن تحرك أوباما يعد الأخير من نوعه في ولايته المنتهية، حيث إنه ملزم تحت سلطة القانون بإخطار الكونغرس الأمريكي قبل 30 يوما من نقل سجناء من "غوانتنامو"، لتكون هذه العملية في حالة المصادقة عليها الأخيرة في عهدته ضمن سلسلة من الترحيلات جرت في الآونة الماضية؛ وهي الخطة التي ترمي إلى ترك أقل عدد ممكن من السجناء للحكومة الأمريكية المقبلة. وبالرغم من أن المسؤولين بإدارة باراك أوباما أكدوا ألا نية واضحة للرئيس المنتهية ولايته في اللجوء إلى خيار ينطوي على مخاطر قانونية باستخدام إجراء تنفيذي لإغلاق السجن قبل انتهاء ولايته، فإنه من المرشح أن تعيش الإدارة الأمريكية المقبلة على وقع ضغط سياسي وحقوقي منذ أن وعد أوباما، إبان انتخابه رئيسا عام 2009، ب"إغلاق المركز خلال عام واحد"، إذ انطلقت عرائض وهيئات حقوقية وسياسية تطالب البيت الأبيض بإغلاق غوانتانامو فورا، ووضع حدّ للاعتقال "إلى أجل غير مسمى دون تهمة". وقضى عبد اللطيف ناصر، البالغ 51 سنة، وابن مدينة الدارالبيضاء، والذي حمل لقب "أبو الحارث"، قرابة 15 سنة في زنازين أشهر المعتقلات سيئة السمعة في العالم؛ وذلك بعدما ألقت عليه قوات التحالف، بزعامة الولاياتالأمريكية، القبض منتصف دجنبر من العام 2001 فاراً من القصف الأمريكي على أفغانستان، رفقة مجاهدين عرب، تم ترحيلهم آنذاك كأسرى حرب إلى القاعدة الأمريكية الشهيرة بقندهار، في 21 يناير 2002، ومن ثم إلى غوانتنامو في ماي من العام ذاته. وكانت مصادر مقربة من عائلة "السجين الأبدي"، وفق ما اشتهر به في الأوساط الأمريكية، كشفت لجريدة هسبريس أن حالة عبد اللطيف ناصر الجنائية عسيرة، ومن الصعب ترحيله في الآونة الأخيرة، إذ تصنفه واشنطن من أخطر الأشخاص المُهدّدين لأمنها القومي ومصالح حلفائها في العالم، لكونه أحد أبرز وأنشط المقاتلين العرب ضمن تنظيم القاعدة وطالبان بأفغانستان. ويعد ناصر آخر مغاربة غوانتنامو الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية إبان غزوها أفغانستان أشهرا بعد أحداث 11 شتنبر 2001. كما يعد المغرب واحدا من 52 دولة استفادت من ترحيل مُعتقليها من القاعدة الأمريكية؛ فيما بلغ عدد المرحّلين المغاربة إلى سجون المملكة 13 سجينا من أصل 14، أولهم عبد الله تبارك بتاريخ 1 يوليوز 2003، وآخرهم يونس شقوري الذي سلم إلى السلطات المغربية يوم 16 شتنبر الماضي.