في غياب أي معطيات رسمية من الإدارة الأمريكية، ينتظر ترحيل آخر معتقل مغربي في معتقل "غوانتنامو" الأمريكي المقام في الخليج الكوبيّ، وهو عبد اللطيف ناصر، إلى المملكة خلال الأيام القليلة القادمة، في انتظار تسوية الإجراءات القانونية والدبلوماسية بين الرباطوواشنطن. وقضى ناصر، البالغ 51 سنة، وابن مدينة الدارالبيضاء، والذي حمل لقب "أبو الحارث"، قرابة 15 سنة في زنازين أشهر المعتقلات سيئة السمعة في العالم، وذلك بعدما ألقت عليه قوات التحالف، بزعامة الولاياتالأمريكية، القبض منتصف دجنبر من العام 2001 فاراً من القصف الأمريكي على أفغانستان، رفقة مجاهدين عرب، تم ترحيلهم آنذاك كأسرى حرب إلى القاعدة الأمريكية الشهيرة بقندهار، في 21 يناير 2002، ومن ثم إلى غوانتنامو في ماي من العام ذاته. وكانت مصادر مقربة من عائلة "السجين الأبدي"، وفق ما اشتهر به في الأوساط الأمريكية، كشفت لجريدة هسبريس أن حالة عبد اللطيف ناصر الجنائية عسيرة، ومن الصعب ترحيله في الآونة الأخيرة، إذ تصنفه واشنطن من أخطر الأشخاص المُهدّدين لأمنها القومي ومصالح حلفائها في العالم، لكونه أحد أبرز وأنشط المقاتلين العرب ضمن تنظيم القاعدة وطالبان بأفغانستان. ويعد ناصر آخر مغاربة غوانتنامو الذين اعتقلتهم القوات الأمريكية إبان غزوها أفغانستان أشهرا بعد أحداث 11 شتنبر 2001. كما يعد المغرب واحدا من 52 دولة استفادت من ترحيل مُعتقليها من القاعدة الأمريكية؛ فيما بلغ عدد المرحّلين المغاربة إلى سجون المملكة 13 سجينا من أصل 14، أولهم عبد الله تبارك، بتاريخ 1 يوليوز 2003، وآخرهم يونس شقوري، الذي سلم للسلطات المغربية يوم 16 شتنبر الماضي. ونقلت وسائل إعلام أمريكية، وسط غياب أي إفادة رسمية من الإدارة الأمريكية، خبر إفراج واشنطن عن عبد اللطيف ناصر، مشيرة إلى أنه اختار العودة إلى المغرب، وبالضبط إلى الدارالبيضاء، حيث تتواجد عائلته، في غياب أي تنسيق مسبق مع دولة غربية، كما حصل مع يونس شقوري، الذي أفصح في تصريح سابق لهسبريس بأن الحكومة الألمانية قدمت له عرضاً من أجل استضافته وتمتيعه بكامل حقوقه المدنية، إلا أنه اختار المغرب كوجهة للترحيل من غوانتانامو. وقبل أيام، أعلنت السلطات الأمريكية ترحيل 3 معتقلين لديها، هما يمنيان اثنان وطاجيكي، إلى كل من صربيا وإيطاليا، بمقتضى اتفاق ثنائي بين واشنطن والبلدين، تم القبول بشأنه استقبال المعتقلين؛ وهو القرار الذي وافقت عليه ست جهات أمريكية، وهي وزارات "الدفاع" و"الخارجية" و"العدل" و"الأمن الداخلي"، وأيضا مكتب المخابرات الوطنية وهيئة الأركان المشتركة الأمريكية. وبهذه الترحيلات، لم يتبق سوى 78 معتقلا في غوانتانامو، من أصل 779 شخصا تم احتجازهم للاشتباه في علاقتهم بهجمات 11 شتنبر 2001، في مقدمتهم رمزي بن الشيبة، ومحمد الشيخ، أبرز مُدبري تلك الهجمات؛ في حين تعيش الإدارة الأمريكية على وقع ضغط سياسي وحقوقي منذ أن وعد الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، إبان انتخابه رئيسا عام 2009، ب"إغلاق المركز خلال عام واحد"، إذ انطلقت عرائض وهيئات حقوقية وسياسية تطالب البيت الأبيض بإغلاق غوانتانامو فورا، ووضع حدّ للاعتقال "إلى أجل غير مسمى دون تهمة".