لكل فعل رد فعل ، والخطاب الملكي الأخير حول الدستور أثار ولا زال يثير العديد من ردود الأفعال ما بين مصفق له ومهلل به وما بين رافض له شكلا ومضمونا ، وما بين متحفظ على جل بنوده أو بعض منها ، وما بين مقاطع له وللاستفتاء حوله ، ولئن كان الحوار والحوار وحده هو السبيل الأنجع لتدبير الإختلاف ، فإن ملاحظة أولية لردود الأفعال التي عقبت الخطاب الملكي توضح بما لا يدع مجالا للشك بأن هناك فئات عن قصد أو عن غير قصد تحاول الاصطياد في الماء العكر وذلك عبر خلقها لجو يطبعه الاحتقان المؤدي لفتنة هي أشد من القتل بين المؤيدين للدستور من جهة والمقاطعين له من جهة أخرى ، وما يزكي هذا الطرح هو ما شاهدناه بأم أعيننا على أرض الواقع مرة وعبر كاميرات نشطاء الانترنت مرة أخرى ، وإن كان الحق ما ترى لا ما تسمع فما رأيته شخصيا من اعتداءات على نشطاء 20 فبراير بحي التقدم بالرباط من قبل ثلة من المؤيديين للدستور وعلى مرأى ومسمع من السلطات المحلية ، وما سمعته على لسان امرأة تطالب بأجرها مقابل الوقوف والتهليل لخطاب الملك ، وما شاهدناه جميعا من خروج البعض عقب الخطاب وهو يردد شعارات " الشعب يريد ... الزطلة والفنيد " ، وما صرح به البعض من كونهم استولوا على هواتف وآلات التصوير الخاصة ببعض مناضلي حركة 20 فبراير وبحرقهم لأعلامها ومزاحمتهم لأماكن مسيرات الحركة واستفزازاتهم لنشطائها والتربص بهم في الشوارع والأزقة وتخوينهم ونعتهم بأبشع النعوت والصفات ، كل ذلك وغيره كثير خير دليل على ما قلناه سلفا ، وخير برهان على وجود فئات في هذا البلد تسيئ للملك وللشعب وللوطن مع سبق الإصرار والترصد مما يجعل طرح سؤال سر صمت السلطات عن هذه الفئات وممارساتها وعدم تحريك المساطر القانونية ضدها وفي المقابل اضطهادها لكل صوت مناهض للدستور أوغير متفق مع بعض ما جاء به سؤالا مشروعا . إن المنخرطين في حركة 20 فبراير ونشطائها والمتضامنين معها وكذا المقاطعين للدستور والرافضين له هم أولا وقبل كل شيء مغاربة ينتمون لهذا الوطن ، والاختلاف معهم لا يجب أن يترجم إلى عنف مضاد موجه لهم ، وحمايتهم كغيرهم من المغاربة مسؤولية ملقاة على عاتق السلطات المغربية ، أما التنكيل بهم في كل وقفة ومسيرة والتحرش بهم وتهديد سلامتهم واحتلال مواقع حملاتهم التعبوية ووقفاتهم السلمية فهو لا ينم إلا عن سوء نية مبيتة وسوء تخطيط يخططه كل من يعيش في كنف الماضي الأسود وكل من يكره رؤية التغيير الحقيقي بهذا البلد وكل من لا يرى في الفوضى وفي فرق تسد إلا فرصة مواتية لقضاء مآربه ومصالحه ، ويترجمها على أرض الواقع أناس لم يفقهوا بعد أن حب الوطن والتعبير عن الوطنية يقتضي ضمن ما يقتضيه سماع الرأي الآخر والتعاون معه في المتفق عليه وعدم مصادرته والإجهاز عليه في المختلف فيه ، وأن ما يفعلون ما هو إلا إساءة مباشرة للملك وللشعب وللوطن الغفور الرحيم . http://www.goulha.com