كانت القطرات المائية التي تهاطلت على مدينة طنجة، خلال بضعة أيام فقط، كافية لتكشف زيف البنيات التحتية لشوارع "عروس البوغار"، التي طرحت عنها زي الزفاف لتندب حظها العاثر في عهد الوالي محمد اليعقوبي، الذي لم يكن يتوقع أن تغرق الأمطار ملايير "طنجة الكبرى" في سويعات قليلة. ووضعت "أمطار الخير" أكثر من سبعة ملايير درهم، وهي كلفة مشاريع "طنجة الكبرى"، في مهب الريح، وأنزلت الوالي اليعقوبي، ومعه كبار المسؤولين المحليين بالمدينة، ليجلسوا على "كف عفريت"، بعد أن ظهر لهم كم كان زيف البنيات التحتية للعروس الشمالية كبيرا، وليرى الطنجاويون بأم أعينهم كيف انخدعوا بالبريق الواهم لمشاريع مدينتهم. ولأن الأمطار لا تجامل أحدا، ولا تنافق واليا، كما أنها لا تهادن مسؤولا كبيرا، فإن طنجة استفاقت على حقيقتها المرة، مثل عروس جميلة زينتها "النكافة" بالذهب والإكسسوارات البراقة، وما إن مرت ليلة الزفاف وعادت الفساتين الذهبية إلى مالكيها حتى نهضت على واقعها بدون ماكياج ولا "رتوش" ولا ألوان. العارفون بدهاليز البنيات التحتية والأوراش الكبرى في طنجة لم يفاجؤوا في الواقع بما حدث للمدينة حين كانت تتنفس لأيام تحت الماء، ما أساء إلى صورة المدينة التي أريد لها أن تكون مدينة عالمية؛ ذلك أنهم كانوا يدركون أن هذا المصير كان مسألة وقت فقط، بالنظر إلى ما اعتبروه استفرادا بالقرار من طرف اليعقوبي، وتهميشا لدور الإدارة الجهوية للأشغال العمومية.